«واشنطن بوست»: هل تمنح الهدنة الرمضانية فرصة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن؟

profile
  • clock 19 أبريل 2022, 12:05:01 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرًا لمراسليها علي المجاهد، مراسل صحافي محلي، وكريم فهيم، مدير مكتب إسطنبول ومراسل الشرق الأوسط للصحيفة، وسارة دعدوش، مراسلة الشرق الأوسط في الصحيفة حول الهدنة الرمضانية التي اتفقت عليها الأطراف المتناحرة في اليمن، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2 أبريل (نيسان)، موضِّحين أنها ربما تكون استراحة للمدنيين حتى يلتقطوا أنفاسهم ويداووا مرضاهم، لكن التفاؤل يجب أن يكون حَذِرًا.

وفي البداية يشير التقرير إلى توقُّف الغارات الجوية المميتة التي يشنَّها التحالف العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي. كما توقَّفت القذائف الصاروخية العابرة للحدود، التي يُطلِقها المتمردون الحوثيون، والتي جعلت الرعب يدبُّ في قلوب جيران اليمن وزعزعت استقرار المنطقة.

الحرب في اليمن.. آمالٌ حذرة

ولفت التقرير إلى أن الخطوات الأخيرة، لا سيما الهدنة بين الأطراف المتحاربة في اليمن واستقالة رئيس البلاد، عبد ربه منصور هادي، أثارت آمالًا حذرة ترنو إلى إحراز تقدم نحو إنهاء الحرب الأهلية التي استمرت سبع سنوات في البلاد – أو على الأقل توفير استراحة للمدنيين اليمنيين المحاصرين بين فكَّي واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في العالم.

وبحسب الكُتاب: تدور رحى الصراع بين: الحوثيين، جماعة مسلحة مدعومة من إيران، واتَّخذت من شمال اليمن (منطقة صعْدة على وجه التحديد) مركزًا لها. والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا في البلاد وداعميها السعوديين. وقد قُتل عشرات الآلاف في القتال الدائر بجميع أنحاء البلاد؛ حيث امتدت الحرب إلى ما وراء حدود اليمن نحو الممالك الغنية بالنفط في الخليج العربي.

وباءت بالفشل محاولاتٌ سابقة عديدة لتأمين وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار أو للتفاوض على إنهاء الحرب بين أطراف الصراع. وفي هذه الهدنة الأخيرة التي من المفترض أن تستمر لمدة شهرين، اتَّفقت السعودية والحكومة اليمنية على السماح بدخول شحنات وقود إلى ميناءٍ يسيطر عليه الحوثيون. وسيُسمح للمطار الدولي في صنعاء، العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون، باستقبال رحلات الركاب، بعد أن منع التحالف الذي تقوده السعودية الطيران التجاري في هذا المطار على مدار سنوات.

خطوة مهمة.. ولكن

ونوَّه التقرير إلى أنه في الأسبوع الماضي، استقال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي – الذي يُنظر إليه على أنه زعيم منعزل عن الأحداث وغير فعَّال – وفوَّض السلطة إلى مجلس رئاسي، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها حِيكَت في السعودية. وفي بيان له وصف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذه الخطوة بأنها «خطوة مهمة نحو الاستقرار وتسوية سياسية شاملة يقودها وينفِّذها اليمنيون تحت رعاية الأمم المتحدة».

لكن الخبراء والمسؤولين يقولون إنه من السابق لأوانه وصف هذه الإجراءات بأنها انفراجة في الأزمة اليمنية؛ إذ كانت هذه الهدنة متداعِية، وأثارت بالفعل مخاوف من أن يستخدمها الحوثيون لإعادة نشر القوات لشنِّ هجمات جديدة. ويتكون المجلس الرئاسي – في محاولة لتوحيد الجبهة المناهضة للحوثيين – من أفراد ذوي آراء أيديولوجية واسعة وغالبًا ما تكون متضاربة.

تقول ميساء شجاع الدين، الباحثة البارزة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، إن توقُّف القتال قد يوفر أجواءً مواتية لجهود الوساطة التي تشارك فيها الأمم المتحدة والوسطاء الإقليميون. وأوضحت أن البديل هو هدنة فاشلة يعقبها «انفجار عسكري».

وفي حديثه في المطار يوم الأربعاء في نهاية زيارة استمرت ثلاثة أيام، أقرَّ هانز جروندبيرج، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، بالمخاطر المقبلة، قائلًا إنه يشعر «بالقلق» بشأن ما تردد عن انتهاكات الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ في 2 أبريل. واقترح عدم إفساح المجال بأية حال من الأحوال أمام الدُّخلاء ليُمْلوا على الأطراف وقف إطلاق النار. وقال: «إننا نعتمد على الالتزام المستمر والمشاركة الجادة من جانب الأطراف المشاركة في الهدنة».

ومع ذلك، قال إنه حدث «انخفاض كبير إجمالًا في وتيرة الأعمال العدائية، أو الهجمات العابرة للحدود». ورَسَتْ سفن وقود في ميناء الحوثي الذي يسيطر عليه الحوثيون. ولفت إلى أن «العمل المكثَّف والاستعدادات جارية لافتتاح مطار صنعاء لأول رحلة تجارية منذ ست سنوات».

بارقة أمل

وألمح التقرير إلى أنه فيما يخص أولئك الذين يطالبون بصَخَبٍ للسماح لهم بمغادرة اليمن – بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض تهدد حياتهم – كانت إعادة فتح المطار هي كل ما يتمنَّونه، مما زاد من أملهم في السفر إلى دول مثل الهند ومصر، حيث تعمل أنظمة الرعاية الصحية على عكس ما يحدث في اليمن.

يقول عبد الله عبد الخالق موتا، البالغ من العمر 44 سنة، والذي يعاني من فشل كلوي مزمن، ويحتاج إلى زراعة كلى، إنني «بصراحة، فقدتُ الأمل وكنت أحاول أن أعيش فحسب كي أعول أطفالي».

وأضاف: «كنتُ أتمنى لو تركوا مطار صنعاء بعيدًا عن هذه الحرب؛ لأن ذلك أضرَّ بمرضى كثُر. والآن لاحت بوادر الأمل أمامي وأمام مرضى آخرين مثلي».

وبحب كتاب التقرير: كان البديل المتوفر أمام المرضى في صنعاء يتمثل في خوض رحلة طويلة مليئة بنقاط التفتيش إلى مدينة عدن أو مدينة سيئون، حيث توجد مطارات. لكن مثل هذه الرحلات شاقة ومرهقة لمرضى من أمثال رقيبة صالح حسن، البالغة من العمر 56 عامًا، والتي تعاني من سرطان الغدة الدرقية، وهو أحد أكثر أنواع السرطانات قابلية للشفاء إذا ما عُولِج في مرحلة مبكرة. لكن صحة رقيبة تدهورت بسبب نقص العلاج. وقالت: «بكيتُ فرحًا عندما سمعتُ أن مطار صنعاء سيُعاد فتحه».

هل حان الوقت لوقف الحرب في اليمن؟

ينقل التقرير قول الخبراء إنه بعد تضافر العوامل المُساعِدة – بما في ذلك ديناميكيات ساحة المعركة والضغط من المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة – ربما يكون قد حان الوقت لتوقُّف الحرب.

وقدَّمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الدعم للعمليات الحربية السعودية، ابتداءً من عام 2015، عندما دخل تحالف عسكري بقيادة المملكة طرفًا في الصراع المدني اليمني لكي لا يسيطر الحوثيون على صنعاء. وقال الرئيس بايدن، تحت ضغط من الكونجرس، إن الولايات المتحدة لن تقدم أسلحة «هجومية» للسعودية، لكنها واصلت تعاونها الوثيق مع الجيش السعودي.

وتزامنت الهدنة الأخيرة مع حلول شهر رمضان المبارك، كما حدث في محاولات سابقة لوقف إطلاق النار. لكن الخبراء قالوا إن هذه الهدنة تأتي أيضًا بعد شهور من العنف المتصاعد في اليمن؛ مما أثار مخاوف من أن الحرب تزعزع استقرار المنطقة برمَّتها.

ويحاول الحوثيون منذ سنوات التقدم صوب مأرب، وهي محافظة غنية بالنفط والغاز وآخر معقل رئيس للحكومة اليمنية في الشمال. وتسبَّبت المعارك الدامية في تعريض مئات الآلاف من اللاجئين للخطر بعد أن استقروا في تلك المحافظة في أعقاب فرارهم من مناطق خطوط المواجهة الأمامية الأخرى. وسيكون استيلاء الحوثيين على المحافظة بمثابة ضربة مُوجِعة للحكومة اليمنية وللسعودية كذلك، وسيضع المتمردون في موقف المُسيطِر الذي يمكنه إملاء شروطه من أجل أي تسوية للحرب.

وأدَّى تدخل الإمارات العربية المتحدة، التي تدعم الميليشيات في اليمن، بما في ذلك جماعة تسمى «لواء العمالقة»، في ديسمبر (كانون الأول)، إلى تفادي سقوط مأرب. وردًا على ذلك كثَّف الحوثيون هجماتهم الصاروخية عبر الحدود، وضربوا الإمارات والسعودية، وأثاروا جولة جديدة من الضربات الجوية على اليمن.

مسيرة للحوثيين في اليمن

ويضيف التقرير أنه بمنع الحوثيين من الاستيلاء على مأرب، وتعثُّر خصومهم في الخليج العربي من جرَّاء الهجمات الصاروخية، «كان لدى الجميع تفوق ضئيل، وكان لدى الجميع أيضًا سبب للرغبة في وقف القتال»، كما قال بيتر سالزبوري، كبير محلِّلي الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية.

وقال سالزبوري: إن الجمود الذي اتَّسمت به الأوضاع على الأرض سهَّل على الأمم المتحدة تأمين هدنة كانت تسعى إلى تحقيقها منذ ما يربو على عامين، كما سمح للسعودية بالتصرف على أساس خطة طالما أُشِيع أنها تهدف إلى إطاحة هادي.

الكرة في ملعب الحوثيين

ونقل التقرير قول السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، يوم الخميس في إفادة لمجلس الأمن بشأن الحرب: إننا «لم نحظَ بهذا الزخم الكبير في اليمن منذ وقت طويل». وحذَّرت من أن الصراع في أوكرانيا ربما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وأشادت بالسعودية والإمارات لتعهدهما بتقديم المليارات للبنك المركزي اليمني.

وقالت ميساء شجاع الدين، من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية: إن التحركات أظهرت أن «السعودية تمهِّد الطريق الآن لمرحلة ما بعد الحرب».

وأضافت: «إن السعودية تسعى لإنهاء هذا الملف»، إذ أدركت المملكة أنه لا يمكنها عسكريًّا تحقيق مكاسب من أي نوع، في وقتٍ أدَّى فيه ملف الحرب اليمنية إلى استنزافها اقتصاديًّا، وتدمير سمعتها دوليًّا.

وأردفت ميساء: «إن الكرة في ملعب الحوثيين: وهم الذين سيقررون وقف الحرب من عدمه»، مضيفةً أن الحوثيين على الرغم من قيامهم ببعض واجبات الدولة، فإنهم ما زالوا ميليشيات، موضحةً أنه «ليس لدى الميليشيات ما تخسره». وببساطةٍ الاستمرار في شكل جماعة يُعد نجاحًا.

ومن بعض النواحي، يضع تشكيل المجلس الرئاسي الحوثيين والقوة المعارضة على قدم المساواة، إذ إن كليهما يفتقر إلى الشرعية الدستورية، وكليهما يتكون الآن من قادة عسكريين ورجال دين.

تقول ميساء شجاع الدين: «ستكون مرحلة ما بعد الحرب، إذا انتهت الحرب، مرحلة قوى سياسية فرضت وجودها بالسلاح». وهذه ليست بالضرورة صيغة للنجاح. وقالت: «لن يكون اليمن مستقرًا بعد الحرب»، بحسب ما يُختم التقرير.


 

 

التعليقات (0)