أحمد طالب الأشقر يكتب: إلا الشماتة .. فالشماتة اسفين في جرح الوطن

profile
أحمد طالب الأشقر كاتب وصحفي سوري
  • clock 16 ديسمبر 2022, 1:30:17 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

من أكبر المصائب الّتي اُبتُلينا بها كسوريين بعد انقسامنا إلى فريقين؛ هي شماتة بعضنا ببعض، وظهر ذلك جلياً في غيرِ حدث؛ وعلى سبيل الأمثلة لا الحصر: شماتة البعض بالتدمير الذي لحق بحلب، بزعم تأخرها بالإلتحاق بركب الثورة في بدايتها، وكذلك الشامتين بدرعا ومايجري فيها بزعم أنها خالفت اتجاه الثورة، وكذلك السويداء بزعم أن تمردها على النظام هو تمرد يتعلق بـ الأوضاع المعيشية والجوع لا لأجل الحرية والكرامة؛ وشماتة من هم في مناطق النظام بالمقيمين في الخيام وغيرها من الأمثلة.

يعيش السوريون اليوم، في المناطق الخاضعة للأسد، حالة اقتصادية مزرية، أشد ضراوة من تلك التي يعيشها غيرهم في المناطق التي لاتخضع لسيطرته. اضافة للإغلاق الكبير الذي يفرضه عليهم، بزعم العقوبات الدولية على الموارد والمؤسسات والأفراد. حيث الإنعدام  للخدمات، وتعذّر تلبية احتياجاتهم من المحروقات ومواد الطاقة. إضافة للنقص الحاد في العديد من المواد الغذائية الأساسية؛ ناهيك عن غلاء أسعارها في حال توفّرها، وصعوبة شرائها، نتيجة التضخم والتدهور في الاقتصاد وانخفاض قيمة العملة الشرائية.

إذاً يمكننا القول، بأننا جميعاً غارقٌون بأزمة انسانية عاصفة وخطيرة، لم تحدث في أي مكان في العالم منذ سنين عدّة على أقل تقدير. وبهذا تكون جميع فئات الشعب قد سُقيت بذات الكأس المرّة، حتى مع كونها متباينة الشدّة والتأثير من مكان لآخر.

وعليه، فأيُ غنيمةٍ باردة نُهديها نحنُ السوريين لقاتلنا، بشماتتنا ببعضنا. أولا يكفينا دَنسُ الحرب التي سُلّطت علينا، وأهلكت الحرثَ والنسل، وشردتنا بين لجوء ونزوح. أولا يكفينا ما بيننا من عواملِ فُرقة وشِقاق مناطقي وعرقي؛ دأب فيها البعث وأدواته على تكريسها بيننا خلال الخمسينَ سنة المنصرمة، بشكل مننهج، عبر الإعلام المرئي والمسموع وعبر الكتب الدراسيّة والفكرّية الصفراء والحكايات الشعبية الرخيصة والقصص الخرافيّة؛ برعاية شخصيات تافهة وأقلام مأجورة وضيعة، خائنة لله وللتاريخ وللوطن والشعب.

لهذا ومن منطلق واقعي، بأبعاد وجودية، دينية، وطنية، وأخلاقية؛ يُفرض على السوريين التماسك والتضامن والالتئام مع بعضهم البعض. يشمل ذلك جميع مكوناتهم بجميع اطيافهم السياسيّة وفي مختلف المناطق في أرض الوطن. فإنْنا إن لم نسارع في رأب الصّدع وإغلاق باب الخطر المحدق بنا، والوقوف جنباً إلى جنب ضد جلادنا وتنحيته؛ وإلا سنبقى عُرضة لتدخّل الطامعين فينا ونهب خيراتنا على مرأى ومسمعنا جميعاً.

سيبقى السوريُ ينزفُ وطناً وينزفُ كرامةً؛ إنْ لم يسارع لإنقاذ سورية، لأجل أنفسنا وأطفالنا أولاً وللأجيال القادمة. 
 

#للقصة_بقية

التعليقات (0)