أشرف أيوب يكتب: الانتخابات المصرية والديون الضاغطة.. خطر تهجير الغزاوية لا يزال قائما

profile
أشرف أيوب باحث وقيادي في حزب الاشتراكي المصري
  • clock 3 ديسمبر 2023, 4:10:13 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تقييد وحظر واحتكار كل الفاعليات الشعبية الجماهيرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة والداعمة للمقاومة الفلسطينية بدون حسابات أيدلوجية، كان بسبب الدرس الذي تعلمه نظام جنرالات كامب ديفيد من نتائج النشاط الجماهيري للنخبة السياسية لتحفيز الشعب المصري لدعم انتفاضة الأقصى عام 2000م عن طريق اللجان الشعبية التي انتشرت في كل مصر مدنها وقراها، هذا الحراك الذي أعطى مساحة للناس لتنظيم أنفسهم في حركات احتجاجية وحركات تغيير، لتعري نظام شاخ وتكشف هزاله، نظام عاش حالة استقرار سياسي هش، كانت ثورت يناير 2011م المغدورة، التي أفرزت، بعد استبعاد كل القوى الثورية في 19 مارس 2011م، وتغييب وحصار كل أشكال التنظيم القاعدية للشعب كالمجالس الشعبية المحلية حتى الآن رغم أنها استحقاق دستوري، وأيضا النقابات المستقلة للعمال والمهنيين، صراع على السلطة بين تحالف قوى الثورة المضادة، فاحتكرت العسكرية السلطة والثروة ودخلت مع الراديكالية الإسلامية في حرب عشرية ضروس ميدانها سيناء والحرب على الإرهاب.

تجري الآن الانتخابات الرئاسية التي تزامنت مع عمليّة طُوفان الأقصى وانطلقت من واقع هُزمت فيه الراديكالية الإسلامية في سيناء (ولاية سيناء - الداعشية)، وانتصرت كقيادة للمقاومة الفلسطينية التي تُعبر وتدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني على كامل التراب الفلسطيني من البحر إلي النهر.. تلك المقاومة التي لقت تأييد وتضامن عارم من شعوب المنطقة بالتوازي مع سخط بنفس الدرجة على حكامهم، وهي بمثابة إرهاصات لتكرار نفس نتائج انتفاضة الأقصى، لهذا تم تقييد واحتكار كل الفاعليات الشعبية.

تُجري الانتخابات في واقع جذر وشرعن جنرالات كامب ديفيد فيه احتكار الثروة بجانب السلطة للجيش، وغلبوا مصالحهم الاقتصادية على حساب الأمن القومي وورطوا مصر في الديون من أجل بنية أساسية تخدم الدولة الطبقية ذات التوجه النيو ليبرالي.

تلك المصالح الطبقية المنحازة السافرة، ذات التوحش الرأسمالي، الذي صار الدفاع عنها بالحديد والنار، بعد أن خلفت ورائها ملايين من البشر يعيشون مرارة العوز وذل الحاجة وقهر الجوع.. ليس في مصر وحسب بل عاش أيضاً 2.4 مليون فلسطيني ذات المرارة حيث شارك نظام جنرالات كامب ديفيد في الحصار الذي ضربه العدو الصهيوني حول قطاع غزة، العدو الذي قصف ودمر مطحن الغلال الوحيد في غزة، وقام بتحويل مسارات المياه الجوفية الوسيلة الوحيدة الصالحة للشرب ومنع وصولها للغزاوية، بحفر 40 بئر ارتوازي حول غزة لشفط مخزون المياه الجوفية وتحويل مساراتها إلى مستعمرات غلاف غزة، أي خلق ندرة وعوز من أجل الربح لصالح القاعدة العسكرية (إسرائيل) التي تحمي مصالح الرأسمالية العالمية الفاشية المتوحشة في المنطقة.. بالتعاون مع أنظمة تابعة تكتسب منها صفات الفاشية.. لهذا نقول: "مصر وفلسطين عدو واحد مصير واحد".

تُجري الانتخابات كوسيلة لتثبيت سلطة الأمر الواقع لكي تستكمل نهجها وسياستها لخدمة مصالحها الطبقية (طبقة الدولمالية) بالدوران في فلك دوامة الديون، والجري في مضمار صندوق النقد والبنك الدوليين بمارثون ارتفاع معدلات التضخم حتى وصل لخط النهاية وهو حالة التباطؤ الاقتصادي - حسب دراسة أجراها البنك الدولي – التي تضع تحتها البلاد التي تحافظ على نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي فوق 77% لفترات طويلة.. وحيث قدر محمد معيط وزير المالية، زيادة حجم الدين العام للبلاد، بنحو 87% في موازنة العام المالي 2021- 2022، بسبب تغير سعر الصرف كإعتراف منه بالتباطئ الاقتصادي.

وتشهد مصر الآن انخفاض حاد للجنيه في السوق أمام العملات الأجنبية حيث 50 جنيه منه تساوي واحد دولار في السوق السواء، في حين نجد انفلات غير مسبوق في أسعار السلع ونقص في بعض السلع.. في حين أن سعر الدولار حسب سعر صرف البنك المركزي المصري 30.9 جنيه مع بداية الشهر الجاري ديسمبر 2023م، أي بفارق يزيد عن 60% مقارنة بسعر الصرف الرسمي، وبالتالي ستكون نهاية الانتخابات هي الاستعداد لخوض مارثون ذو مسافة أطول ومضمار أعرض نحو موجة تضخمية أكبر بمعدل عام 33% لا يمكن التراجع عنه على مستوى المعيشة حسب وكالة "فيتش سوليوشنز" للتصنيف الائتماني في تقريرها الصادر في 3 نوفمبر 2023م الذي خفضت فيه تصنيف مصر الائتماني على المدى الطويل بالعملات الأجنبية إلى "B-" هبوطا من "B"، وتشير هذه الزيادة إلى نقص كبير في الدولار مع ارتفاع الطلب ما يؤدي لاتساع فجوة التسعير بين السوق الرسمي وغير الرسمي إلى نحو 19 جنيها.. مما يدفع الحكومة إلى تخفيض جديد لسعر صرف الجنيه لتقليل فجوة التسعير، وحسب توقع رامونا مبارك، رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في "فيتش"، سعر الدولار مقابل الجنيه سيرتفع خلال الربع الأول من عام 2024م المقبل لما بين 40 إلى 45 جنيهاً.. مما يرفع العجز الإجمالي إلى 7.4% خلال العام المالي 2024/2025 وإلي 8.4% في العام المالي 2025/2026 بسبب تكاليف سداد فوائد الديون حيث أن حكومة السيسي ملزمة بسداد أكثر من 50% من حجم الدين الخارجي الحالي (172 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، أي نحو 84 مليار دولار.

قالت وكالة "فيتش" للتصنيف إن التخفيض يعكس زيادة المخاطر على التمويل الخارجي لمصر واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل.. ليرد محمد معيط، وزير المالية، على التقرير أن حكومته ستستمر في سياسة مد اليد بالاقتراض حيث قال حسب "فيتش": "إن مصر بوسعها الحصول على 5 مليارات دولار سنويًا بشروط ميسرة من البنوك التنموية متعددة الأطراف".. وترى "فيتش" أن المشكلة الكبيرة التي تواجه مصر: "أن أكثر من 60% من المصريين فقراء أو تحت خط الفقر، وبعد جائحة كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا ارتفع الرقم إلى أكثر من 70%، وذلك طبقا لتقارير غير رسمية."

الانتخابات التي تم هندستها حتى تصل بنتيجة حتمية وهي استمرار السيسي في حكم مصر لمدة 6 سنوات قادمة تبدأ من العام 2024م، الذي سيشهد استمرار ذات السياسات التي تعبر عن مصالح طبقة الدولمالية تلك المصالح ذات التوحش الرأسمالي بتدمير الإنتاج حتى يحتفظوا بالسعر من خلال بيع وتفكيك كل المشاريع الإنتاجية لصالح الاستيراد، بفعل الإفقار والنهب المنظم للمواد الأولية والخام، قصب السكر ومنجم السكري واحتكار الثروة المحجرية والبحيرات وثروات سيناء كافة أي أرضها وبحرها وما في جوفهما.

وأخر مؤشر على هذا هو دسترة الفساد والاحتكار حيث قضت المحكمة الدستورية العليا بدستورية قانون يحول دون طعن أطراف ثالثة على الاتفاقيات الموقعة بين الحكومة المصرية والمستثمرين.. عند نظرها الاستئناف المؤجل لأجل غير مسمى من قِبل المحكمة الإدارية العليا بشأن دستورية القانون رقم 32 لسنة 2014م المطعون عليه منذ عام 2011م لحين صدور قرار من المحكمة الدستورية العليا. وبدسترة القانون أصبح تحصين قرارات رئيس الجمهوريّة بنقل ملكيّة الأصول إلى الصندوق، على الجهة المالكة أو الصندوق السيادي ضدّ الطعون القضائيّة من طرف ثالث، دستورياً، وهو التحصين الذي أقره مجلس وزراء السيسي في 26 ديسمبر 2019م، بالتعديل على قانون إنشاء الصندوق رقم 177 لسنة 2018م، الصندوق الشبيه بصندوق إسماعيل للدين، كوسيلة لاستغلال أصول وموارد الدولة غير المستغلة.. والذي آلت له 7 أصول بينها مجمع التحرير قيمتها 9 مليارات جنيه، السبعة أصول هي: مجمع التحرير، وأرض الحزب الوطني، ومبنى وزارة الداخلية السابق في لاظوغلي، ملحق معهد ناصر في شبرا، القرية الكونية الاستكشافية في مدينة 6 أكتوبر، وحديقة الأندلس في طنطا.. واستخدام عوائد بيعها تحت مسمى الاستثمار كأحد موارد سداد الديون وفوائدها.

وأرجعت "فيتش" للتصنيف أن خفض تصنيف يعكس زيادة المخاطر على التمويل الخارجي ‏لمصر واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الديون الحكومية المرتفعة بالفعل.‏ وحذرت فيتش أن الحرب بين إسرائيل وحماس تشكل مخاطر سلبية كبيرة على ‏السياحة في مصر، وأن قرب مصر من هذا الصراع والتدفق المحتمل للاجئين يزيد ‏من المخاطر الأمنية خاصة في منطقة سيناء.‏.

الديون أصبحت ضاغطة على مصر التي يشهد مينائها البحري في العريش والبري في رفح أنشطة تشير إلى ما يعد لمستقبل غزة بتهجير أغلب سكانها لتخفيف الكثافة السكانية بدعم سياسة التهجير الطوعي، بوصول إلى ميناء العريش البحري حاملة طائرات فرنسية تعمل حسب المعلن كمستشفى ميداني، ورصيف الميناء في حالة ترقب وصول حاملتي طائرات تركية وباكستانية لذات الغرض.

وشهد معبر رفح بداية التهجير الطوعي منذ توقف الهدنة التي امتدت لـ 7 أيام واستئناف الحرب، حيث عبر المعبر - حسب المتحدث باسم معبر رفح في الجانب ‏الفلسطيني وائل أبو ‏عمر إلى سكاي نيوز - من أصحاب الجنسية ‏الفلسطينية وغيرها من الجنسيات الأخرى كالآتي: 142 شخصاً من المتجهين إلى الولايات المتحدة، و115 شخصاً ‏سينطلقون إلى روسيا،‏ و152 شخصاً إلى تركيا، و98 نحو قطر، و47 للسويد، فضلا عن 46 ‏شخصا لألمانيا، و6 أشخاص لبريطانيا و4 فقط إلى سويسرا، وأضاف وائل أبو ‏عمر: " شهد يوم السبت انتقال حافلات ‏تحمل مسافرين من ‏حملة الجوازات الأجنبية والمصرية والإقامات القطرية، بالتزامن مع استقبال عشرات من ‏شاحنات المساعدات الإنسانية، كما أكد أن عدد المغادرين الجمعة من قطاع غزة عن طريق معبر رفح الحدودي وصل إلى 210، ‏شمل 63 من المواطنين و79 مريضا و40 مرافقا، بجانب وفد أردني مكون من 28 شخصاً، وقد حصل نحو 619 شخصاً من جنسيات مختلفة على الموافقات اللازمة من أجل الرحيل عن ‏قطاع غزة من خلال معبر رفح، وأن الخطوة التالية هي سفرهم إلى دول عديدة من بينها أميركا ‏وروسيا وألمانيا".. أي أن من وافق هو مجلس الحرب الصهيوني الذي استأنف قصف المدنيين وتدمير مربعات سكنية بالكامل بهدف القضاء على (حماس).

الصهيوني بلينكن رئيس أركان الحرب الفعلي الذي رفض الشهر الماضي نداءات وزراء عرب لواشنطن من أجل الضغط على إسرائيل للموافقة على وقف إطلاق نار دائم، قائلا: "إن ذلك سيسمح فحسب لحماس بأن تعيد تنظيم صفوفها وتشن مزيدا من الهجمات على إسرائيل" سعى يوم الجمعة أول ديسمبر 2013م إلى بدء مباحثات مع دول عربية مجاورة لفلسطين المحتلة (مصر والأردن ولبنان) حول مستقبل قطاع غزة، قبل أن يعلن انهيار الهدنة أي استئناف الحرب قبل الصعود إلى طائرة العودة إلى واشنطن.

التعليقات (0)