أشرف الصباع يكتب روسيا بين رحلات الشارتر ومجلس الأمن

profile
  • clock 9 يوليو 2021, 8:21:21 م
  • eye 674
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

رفعت روسيا، الخميس 8 يوليو، الحظر المفروض منذ عام 2015 على تسيير الرحلات الجوية إلى منتجعات مصر. ولكن من غير المعروف متى ستبدأ عملية التشغيل. علما بأن إجراءات وباء كورونا تعمل على إعاقة حركة الطيران والسفر بشكل عام. هذا إضافة إلى أن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين الروس صارت متدنية في السنوات الأخيرة لأسباب اقتصادية داخلية، وبسبب العقوبات الغربية على روسيا. 

وفي نفس يوم الخميس اتخذت روسيا موقفا غريبا، ولكنه كان متوقعا، خلال جلسة مجلس الأمن بخصوص سد النهضة، حيث أعرب المندوب الروسي عن قلق موسكو من تنامي "الخطاب التهديدي" في أزمة سد النهضة، مضيفا أن بلاده تتفهم موقف السودان ومصر من ملء وتشغيل سد النهضة، كما شدد على أن حل الخلاف لا يكون إلا عبر الدبلوماسية.

وأضاف أن السلطات الروسية "قلقة من تنامي الخطاب التهديدي في أزمة سد النهضة".

المعروف أن وسائل الإعلام الحكومية الروسية تصب الزيت على النار في ملف سد النهضة، وتعمل على إثارة الرأي العام الأثيوبي من جهة، وتبرز التصريحات المصرية في صياغات استفزازية لتصوير "تنامي الخطاب التهديدي" من جانب القاهرة. 

هناك أسباب كثيرة لهذا الموقف الروسي، منها التاريخي الذي لا تنساه الأجنحة القومية الروسية التي تحكم البلاد في الوقت الراهن، ومنها البرجماتي الذي يتعلق بالمصالح الروسية حصرا، وبصراعات روسيا مع أوروبا والولايات المتحدة، ومحاولات روسيا استخدام مصر كساحة للصراع مع الغرب. 

روسيا تحاول حمل أكثر من بطيخة بيد واحدة. تحاول الحافظ على العلاقات مع مصر عبر إبداء المرونة في ملفات "غير مجدية وغير ملحة" والتشدد في ملفات مهمة وخطيرة واتخاذ مواقف خبيثة تتضمن أشكال من الضغط والمساومة. وتحاول الحفاظ على العلاقات مع أثيوبيا، ومنحها منبرا إعلاميا روسيا، معولة على إمكانية كسب أي مصلحة من أثيوبيا واستخدامها في صراعاتها مع الأمريكان والأوروبيين. وفي ظل محاولات موسكو الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من القاهرة وأديس أبابا، فهي لا تنسى أن تدق الأسافين بين القاهرة وواشنطن، والقاهرة وبروكسل، وتسعي للحصول على تسهيلات عسكرية تم رفضها أكثر من مرة، لكن موسكو تناور وتلح عبر قنوات كثيرة، وتقايض ملفات بملفات... 

في كل الأحوال، مواقف الأمريكيين والأوروبيين أكثر اعتدالا ومنطقية من مواقف روسيا والصين التي تلعب كل منهما بطريقة كلاسيكية وخشنة. وحاليا، الكرة في ملعب القاهرة بعد أن اتضحت بعض الجوانب المهمة لمواقف الأطراف الدولية.

طبعا روسيا دولة كبرى، وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ودولة نووية. وهي تعمل من أجل مصالحها وملفاتها، وليس من أجل عيون مصر والمصريين. وهي تستخدم كل الأوراق المتاحة في مواجهاتها مع الغرب، سواء كانت هذه الأوراق هي مصر أو أثيوبيا أو السودان أو أي دولة "ضعيفة" ولديها مشاكل ويمكن أن تنصاع لشروط موسكو، وسوريا وإيران مثال على ذلك... 

خلال السنوات العشر الأخيرة حذرت من مواقف روسيا، في سوريا وفي ليبيا وفي السودان وفي بعض دول القرن الأفريقي، وفي دول الخليج، ومقترحاتها القاتلة بخصوص الأمن الجماعي. وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها روسيا مثل هذه المواقف إزاء مصر، فقد اتخذتها في مجلس الأمن في ملفات معينة في السابق، وفي محافل ومنظمات دولية أخرى بشأن ملفات وقضايا بعينها.

التعليقات (0)