أماني القرم تكتب: عدم اليقين السياسي والاقتصاد الإسرائيلي

profile
  • clock 30 يوليو 2023, 5:53:05 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تتفاخر اسرائيل دوماً باقتصاد مرن وقوي اجتازت به أزمات عالمية شديدة مثل أزمة كورونا. لكن بعد موجة المظاهرات التي تجتاح شوارعها ضد ما يسمى خطة الاصلاح القضائي، كثر الحديث في الاوساط العالمية المالية حول تصاعد حالة “عدم اليقين السياسي” خاصة في أعقاب اقرار بند “المعقولية” في الكنيست وهو البند الأول في الخطة ويتعلق بالحد من قدرة وصلاحية قضاة المحكمة العليا في الحكم على ما إذا كانت القرارات التي يتخذها المسئولون الحكوميون “معقولة” .

قبل عدة ايام اصدرت وكالة التصنيف الائتماني المرموقة المتخصصة في تصنيف الدول حسب الحالة الاقتصادية “موديز” تقريراً استثنائيًّا يتعلق بالكيان الاسرائيلي تحذر فيه من الاثار السلبية للازمة السياسية الداخلية على الاقتصاد، وتشير في الوقت نفسه الى توقعات باستمرار حالة عدم اليقين السياسي والأزمة الدستورية .

وحالة عدم اليقين السياسي مؤشر لخطورة الوضع الاقتصادي، وتأثيرها أشبه بقطع الدومينو التي تتساقط واحدة تلو الاخرى. فالتوتر السياسي في بلد ما وغياب رؤية واضحة أو متوقعة لانعكاس هذا التوتر على قرارات الحكومة والمعارضة، يؤدي تلقائيا الى تأزم في بيئة الاستثمار والاقتصاد في ذلك البلد. والمعروف أن أي نمو اقتصادي يلزمه بيئة مستقرة تتحقق من خلال منظومة قانونية محكمة تحترم الحقوق والانظمة، وتضمن منافسة اقتصادية وقواعد نشاط اقتصادي واضحة تسمح بالتخطيط على المدى البعيد. والمال/ كما يقال/ جبان يهرب من أية بيئة بها توترات سياسية تؤدي الى توتر الأسواق والخسارة. هذا ما تمر به اسرائيل حاليا.

تتزايد يوميا صرخات التحذير من قبل المؤسسات النقدية العالمية التي تنظر بعين الريبة لاستمرار حالة عدم اليقين السياسي في اسرائيل وأثرها السلبي الواضح على القطاعات الاقتصادية وخاصة قطاع “الهايتك/ التكنولوجيا الفائقة”، حيث انخفضت به الاستثمارات الاجنبية بشكل كبير. في شوارع تل ابيب يرفعون شعار: “لا ديمقراطيةـــــ لا تكنولوجيا “. قطاع الهايتك هو عصب الاقتصاد الاسرائيلي ومحرك النمو الاقتصادي بلا منازع. فقد استطاعت اسرائيل في العشرين عاماً الأخيرة أن تصبح مركز جذب عالمي لجميع القدرات والشركات التكنولوجية العالمية متعددة الجنسيات مثل مايكروسوفت وجوجل وغيرها. أما اليوم فتشهد هروبا متتاليا لرؤوس اموال شركات عملاقة، مما أدى الى انخفاض في قيمة الشيقل أمام الدولار، وتراجع بورصة تل ابيب وضعف أداء سوق الأسهم. لم يتوقف الأمر عند الشركات الاجنبية إنما 70 في المائة من الشركات الناشئة الاسرائيلية اتخذت قرارا بنقل اجزاء من اعمالها خارج البلاد . الأهم من ذلك كله هو الأثر الذي ستعكسه سلبا حالة عدم اليقين هذه على الصورة الذهنية التي صدّرتها اسرائيل للعالم بأنها دولة ديمقراطية ! العقول التي تسمح بالاحتلال والعنصرية لا يمكن أن تكون ديمقراطية..

اخر تقرير اقتصادي حول اسرائيل عام 2022 قبل تصاعد الازمة السياسية الحالية وصفها بأنها : بيئة أعمال قوية وسيادة قانون راسخة وسلطة قضائية مستقلة ومستويات فساد متواضعة. هل ستبقى كذلك في التقرير القادم؟

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)