أمجد إسماعيل الأغا يكتب: «سياسات مُظلمة».. الحل السياسي في سوريا في الثلاجة الدولية.

profile
أمجد إسماعيل الأغا كاتب وباحث سوري
  • clock 4 سبتمبر 2022, 6:07:09 ص
  • eye 899
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ضجيج سياسي وحراك دبلوماسي يؤطر مشهدية الشرق الأوسط. من قمة جدة إقليمية التوجهات، إلى قمة طهران وأستانا العاجزة عن بلورة الحلول، وصولاً إلى سوتشي وقمة الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب اردوغان. كل ذلك محصلته السياسية إقليمياً ودولياً، وانعكاساته على الملف السوري. تقارب الصفر؛ إذ لا جديد في السياسية الدولية تُجاه سوريا، ويعود هذا الصفر إلى حالة الاستعصاء الدولي المنقسم إلى محاور خارجة عن إرادة السوريين، والأسوأ من ذلك أن الدولة السورية ووفق سياسات المحاور، فأنها تتبع للمحور الروسي الإيراني، الأمر الذي يُعقد التوجهات الدولية تُجاه سوريا. لكن في المقابل، فإن روسيا والولايات المتحدة، يتقاسمون المصالح ويتم توزيعها وفق أبجدياتهم، ويسيرون بتباطىء تفرضه لغة المصالح الإقليمية والدولية، أما حاملي مشاريع الحلول المتعلقة في سوريا، سواء داخلياً أو خارجياً، فكأنما يسيرون على «البيض»، لتبقى القضية السورية وملفها، داخل ثلاجة الموتى.

واقعاً، إن ملف القضية السورية بات مُجمداً، ليس لجهة استعصاء الحلول فحسب، بل أن المقاربات التي تعتمدها القوى صاحبة التأثير في هذا الملف، لا تريد حالياً تقسيم «الكعكة السورية»، والأهم أن الحل السوري بعناوينه الأساسية والفرعية والثانوية، لم يعد في المطبخ السوري، بل باتت جزئيات هذا الملف منقسمة ومقسمة بين رغبات روسية وأهواء أمريكية ومطالب تركية وهواجس إيرانية، والأهم من هذا وذاك، أن السوريين بمجمل توجهاتهم لا يملكون مشروعاً سياسياً واضح المعالم وصريح التوجهات، الأمر الذي استغلته القوى العظمى أيما استغلال، لترفع سقف استثماراتها في الجغرافية السورية.

ورغم حرارة الصيف وأجواءه الحارة، لكن حقيقةً فإن الملف السوري، لم يكن ينقصه إلا الحرب الروسية الأوكرانية، لتلفح هذا الملف نسمات قطبية أدخلته في حالة من الصقيع السياسي، ولا يعرف أحد متى تُرفع درجة حرارة الملف السوري، كي يتلمس السوريين كوة صغيرة في نافذة أمل التوصل لحل سياسي، ينقذ الشعب السوري من الوضع المأساوي الكارثي الذي يمسك بتلابيب خناقة، جراء استمرار سياسة التمركز الخاطئة، وسياسات القوى الإقليمية والدولية، الباحثة عن جرار العسل في الجغرافية السورية.

نتفق أو نختلف، لكن التوصيفات بعناوينها التي تشمل احتلالات أجنبية، أو قوى انتهازية تبحث عن مصالح من سوريا وانطلاقاً لمحيطها، لا يؤثر في توصيفات الحلول بعناوينها العريضة، فالحل أيًّ تكن مبادئة، ينبغي أن ينطلق من حقيقة احترام سيادة السوريين ورغباتهم الحقة، دون الارتباط بأجندة حلفاء دمشق، أو مشاريع مناهضيها. الاحتلالات الأجنبية وهيمنتها وسيطرتها على الأرض السورية، من الوجود الأمريكي في الشمال الشرقي، إلى السيطرة والهيمنة التركية في الشمال والشمال الغربي، مع التهديدات التركية إلى الشمال الشرقي، والوجود الإسرائيلي في الجنوب، وصولاً إلى مصالح روسيا وإيران ومنظورهما للجغرافية السورية، فإن كل ذلك، فرض تقسيماً للجغرافية السورية، لكن دون إعلان، لكن في الواقع، فإن كل احتلال بمعناه وفق توصيفات السوريين، يريد فرض رؤيته للحل السياسي، بما يتناسب وجوهر استراتيجيته في سورية. الأمر الذي انعكس واقعاً سلبياً على واقع السوريين بالمستويات كافة، وتحديداً الاقتصادي منها.

في العمق، يبدو واضحاً أن الملف السوري لم يرتقِ بعد لصبح جزءاً من اهتمام الكبار الباحثين عن حل سياسي في سورية، إذ لا تزال الساحة السورية، مسرحاً لاختبارات إقليمية ودولية، في أكثر من مستوى وأكثر من صعيد. ورغم أن قمة الرياض لم تقدم أي أسلوب جديد في حال رغبت أمريكا في المواجهة مع روسيا وإيران، لكن إيران وروسيا حتى هذه اللحظة، يعتبران أن مفتاح التعاطي الدولي مع الملف السوري، ينبغي أن يكون مؤطراً بمفاهيم أستانا، بمعنى، أن الإطار المحدد لأي تسوية سورية، يجب أن تراعي حكماً مصالح ثلاثي أستانا، حيث يكون الدور التركي بوابة للدور الغربي. لذلك يمكن القول خلال السنوات الفائتة من بداية الأزمة السورية، وحتى العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إن الطرفين، الروسي والأمريكي، كانا يتحملان المسؤولية عن استمرار التعقيدات في المشهد السوري، لا سيما أن روسيا وكذا الولايات المتحدة، مرتاحتين وتبحثان عن موجبات لمد نفوذهما وسيطرتهما في عموم الجغرافية السورية، الأمر الذي تترجمه التوجهات الروسية في سوريا، وتحديداً تلك المتعلقة بالعقود الاقتصادية، وتجنيد الشباب السوري في ساحات مواجهة مختلفة، بينما يكتفي الجانب الأمريكي بوجوده في شمال شرق سوريا، وعلى الحدود العراقية في قاعدة (التنف)، وقدرته الكبيرة المؤكدة على عرقلة أي حل لا يضمن مصالحه.

ضمن ذلك، يبدو واضحاً أن الطرفان الروسي والأمريكي، راضيان عن أوضاعهما في سوريا، في حين المواطن السوري يغرق في الأزمات التي تطال كافة جوانب حياته، ولا يستطيع تأمين مطالب عيشه، جراء استمرار سياسة اللا مبالاة، حيال التوصل إلى حل سياسي، يُنقذ ما يمكن إنقاذه في سورية.

 

 

 

التعليقات (0)