أ.طه الشريف يكتب: عودة العلاقات السعودية الإيرانية بعد طول قطيعة والدور الصيني في ذلك

profile
أ. طه الشريف كاتب مصري
  • clock 31 أغسطس 2023, 5:38:33 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

استؤنفت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية في يوم 10 آذار/ مارس الماضي، بعد طول قطيعة بلغت 7 سنوات كاملة منذ كانون الثاني/ يناير 2016..

وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران إثر اقتحام محتجين لسفارة المملكة في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد في شرق البلاد، بعد أن أعدمت الرياض المعمم الشيعي السعودي "نمر النمر" مع قرابة 50 شخصا، بينهم سُنّة بتهم بعضها متعلق بالإرهاب.

ولسوف نعرض لبعض ما يشغل بال المتابعين والمهتمين من المحيط إلى الخليج لخلفيات ما جرى بوساطة بكين، لنُزِيل الغيوم على ما التبس فهمه وغَمُض معناه إزاء الحدث الكبير.

محطات التصعيد والتوتر بين السعودية وإيران حتى تلاقي الدولتان بالوساطة الصينية وعقدهما المباحثات في العاصمة الصينية "بكين":

ابتداء نقول إن ثورة الملالي المعممين وقائدها الخميني عام 1979 حملت في طياتها مبدأ خطيراً أرّق أمن الإقليم السني في الجوار اللصيق، وهو "تصدير الثورة". 
نعم كان من خطة آيات الله بدءاً من الخميني وانتهاء بخامنئي مع المؤسسات السياسية والأمنية والمالية التي تتحرك رهن إشارة الإمام؛ تصدير الثورة وتحريك الأقليات الشيعية وأدلجتها وضمان تبعيتهما لآيات الله في "قُم" للاستفادة من القيمة المالية التي يقدمونها للإمام (الخُمس) من ناحية، ولضرب أمن الدول السنية من ناحية أخرى..
وهذا ما صار واقعا وللأسف الشديد في عدد من الدول العربية مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن، حكاما وحكومات! وفي دول الخليج تشكلت في صورة لوبيات لها ثقلها السياسي والاقتصادي ومن بينهم المملكة العربية السعودية..

والتوتر بين الرياض وطهران قديم منذ أيام حكم الشاه، وقد زادت حدته بعد ثورة عام 1979 ووصول الملالي إلى حكم البلاد. ثم وفي عام 1987 زاد التصعيد وتوترت الأجواء بعد مصرع أكثر من 400 حاج معظمهم من إيران بسبب الأعمال التخريبية لحجاج إيران من قطع للطريق وإشعال النيران بالمركبات والممتلكات العامة وقتل الحجاج الآخرين بالسلاح الأبيض، أثناء أدائهم فريضة الحج، عرفت باسم أحداث مكة 1987.

وجاء دور أمريكا في تغيير موازين القوة في المنطقة التي تدين الأغلبية فيها بالمذهب السني، بدءاً بتسليم العراق لإيران وما سببه ذلك من تحولات طرأت على ولاءات بغداد تجاه طهران، ثم اغتيال حزب الله اللبناني (حليف إيران) لرئيس الوزراء السني "رفيق الحريري"، وأثر ذلك على اختلال موازين القوة ضد السنة في لبنان، ثم دور السعودية في إخماد الاضطرابات الشيعية في البحرين بناء على طلب من حكومة المنامة السنية، وانتهاء بالتحالف الذي قادته السعودية عام2015 ضد جماعة الحوثي اليمنية بعد أن أطاحت الجماعة المتحالفة مع إيران بالحكومة المعترف بها دوليا من العاصمة صنعاء، وظلت الأوضاع جامدة في المشهد اليمني دون تغيير حتى ساعته وتاريخه!

الأسباب التي ساعدت وعززت نجاح الصين في الوساطة بين السعودية وإيران

ثمّة أسباب ساعدت ومهّدت لنجاح الدور الصيني منها ما هو متعلق بالوسيط الصيني، ومنها ما هو متعلق بالدولتين (السعودية- إيران)، ونجاح الصين في تقديم الضمانات التي تعهدت بها طهران، وأهمها إزالة المخاوف من برنامجها النووي وإيقاف كل ما من شأنه المساس بالأمن القومي للمملكة. والأسباب هي:

1- حرص الصين على سياسة المسافة الواحدة من كافة الخلافات التي يكون أحد أطرافها إحدى الدول العربية وذلك بخلاف أمريكا وأوروبا، وكذلك عدم وجود تاريخ استعماري لبكين تجاه المنطقة العربية عامة والخليج بوجه خاص.

2- انطلاق قطار العملاق الصيني وتبوّؤه مكانته الطبيعية كإحدى القوى العظمى إن لم يكن الرئيسة! ولذا فقد قال رئيس مركز "شنغهاي" للدراسات الاستراتيجية والدولية، نيلسون وونغ، إن على الغرب بقيادة الولايات المتحدة أن يعتاد على انخراط الصين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معتبرا أن أيام الهيمنة الغربية على المنطقة قد ولّت!

3- بالنسبة للمملكة العربية السعودية فقد تشجعت على عقد المصالحة مع أبرز خصومها (إيران) وقبولها للوساطة الصينية رغم حميمية علاقاتها مع أمريكا على مدار أكثر من 70عاما، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل التردي الذي طرأ على تلك العلاقات لا سيما مع الإدارة الأمريكية لبايدن وغالبية الديمقراطيين! والضغوطات التي تمارسها على المملكة في ملفات النفط وحقوق الإنسان.

4- حاجة الرياض إلى الخروج من مستنقع اليمن ولجم جماح الحوثي وتهديده للحدود الجنوبية للمملكة، وقد تحققت بشائر الرغبة السعودية بعد نجاح المحادثات بعقد أول مباحثات بين وفدي المملكة وجماعة الحوثي.

5- حاجة ولي العهد نفسه إلى استتباب الأمر له من أجل التفرغ إلى تهيئة الأجواء لتوليه الحكم خلفا لوالده والانتقال من عصر الدولة السعودية إلى عصر الدولة السلمانية، بالإضافة إلى مشاريعه الاستراتيجية وأهمها مشروعه المعروف بـ"نيوم".

6- أما الدولة الإيرانية فلقد كانت في أمسّ الحاجة إلى ذلك الصلح من أجل تخفيف حدة العزلة الغربية عليها، وفقدانها الثقة بالشركاء الغربيين بعد نقض إدارة ترامب الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الخمس، مما حدا بإيران للمسارعة بقبول الوساطة الصينية مع السعودية.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)