إسرائيل عالقة في أزمة عميقة

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 25 مارس 2021, 9:03:22 م
  • eye 863
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كتب المحلل سامي بيرتس في صحيفة "هآرتس"، سنة صادمة من أزمة "كورونا" تضمنت آلاف الوفيات ومعدلات اصابة من الاعلى في العالم ونسبة بطالة ضخمة وانهيار عشرات آلاف المصالح التجارية وعملية تطعيم مثيرة للانطباع.. كل ذلك لم ينجح في كسر التعادل في الخارطة السياسية. حتى لو أن النتائج الحقيقية ستمنح أغلبية بسيطة لحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، فان هذا لا يضمن حكومة مستقرة وآمنة لأربع سنوات. إسرائيل عالقة في أزمة سياسية عميقة حتى بعد الجولة الانتخابية الرابعة.

خلافاً للانتخابات السابقة التي تم إجراؤها قبل سنة، والتي تميزت بالتحالفات، فان الانتخابات الحالية تتميز بالانقسامات. في اليمين انقسمت الصهيونية الدينية الى حزبين برئاسة نفتالي بينيت وبتسلئيل سموتريتش. وفي الوسط – اليسار انقسم حزب ازرق ابيض الى قسمين ("يوجد مستقبل" و"ازرق ابيض")، وأيضا "العمل" و"ميرتس" اللذان تنافسا بصورة منفصلة. ايضا لدى العرب تنافست قائمتان هذه المرة بعد الانقسام في القائمة المشتركة، وهذا هو القطاع الوحيد الذي دفع ثمن الانقسام.

ولكن هذا الخلط للأوراق لم يؤد الى اختراقه. إذا لم يصب بني غانتس وافيغدور ليبرمان وجدعون ساعر بالجنون فجأة، وقرروا خرق وعودهم الانتخابية وتتويج نتنياهو، فمن الصعب رؤية كيف سنخرج من هذه الورطة. في سيناريو فيه يوجد لنتنياهو 61 مقعداً، فان بينيت سيمسك بمفتاح تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو. قوته ستنبع من درجة إخلاص الذين تعهدوا بعدم الجلوس مع نتنياهو. في هذا الوضع سيجد بينيت نفسه في منافسة ثنائية للصهيونية الدينية على أقسامها وتشعباتها داخل حكومة نتنياهو في دور اليساري والليبرالي والرسمي في الصهيونية الدينية. ومن المشكوك فيه أن يتوق الى هذا التقسيم، بالتأكيد عندما تكون خبرة نتنياهو هي في "فرق تسد" ومحاولة تحريضه على أصدقائه في القطاع ذاته.

في هذه الأثناء من الصعب رؤية سيناريو فيه رئيس الحكومة ليس نتنياهو، لكن السيناريو الذي يكون فيه نتنياهو هو رئيس الحكومة بالتأكيد، ما زال بعيداً جداً. ورغم نجاح عملية التطعيمات والتوقيت الناجح للخروج من ازمة "كورونا" والجهود الهستيرية لنتنياهو الذي عمل بصعوبة اكثر من الذين يتفاخرون باستبداله، إلا أنه لم يتم التوصل الى حسم واضح. الانجازات البسيطة لبينيت وساعر بالنسبة للاستطلاعات السابقة التي تنبأت لهما بعشرين مقعداً تدل على أن اليمين يتمسك بنتنياهو وهو غير مستعد لاستبدال الورديات. لديهم السياسة هي هواية، أما لديه فهي مهنة. لديهم هذا خيار، أما لديه فهو استحواذ. هم ليسوا ملزمين، أما هو فملزم. هو يحارب على حياته. أظهر فحص لشركة يفعات لأبحاث الإعلان أنه في الشهر الأخير قبل الانتخابات كان عدد ظهورات نتنياهو في التلفاز والراديو ضعف عدد ظهورات خصومه الثلاثة، لبيد وساعر، وبينيت معا.

بينيت يمكن أن يكون الذي سيتوج نتنياهو، لكنه الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بإزاحة رئيس الحكومة اذا انضم لكتلة معارضيه. النتائج الحقيقية يمكن أن تضعه في الأيام القريبة القادمة أمام اختيار استراتيجي: هل سيفعل كل ما في استطاعته من اجل استبدال نتنياهو في مرحلة اولى من اجل تحرير النظام السياسي من الورطة التي علق فيها؟ هو يمكن أن يدفع ثمناً شخصياً في قطاعه بسبب اسقاط نتنياهو، لكن كي يمهد طريقه للتيار الرئيسي في الجمهور الإسرائيلي وكي يبني نفسه كرئيس حكومة مستقبلي.

إذا حكمنا على الأمور حسب سلوكه في الحملة فمن الصعب رؤيته يصمد أمام الضغط الذي سيستخدمه نتنياهو لمنع تحقق هذا السيناريو. ولكن الآن هذه لا تعتبر حملة، بل وقت الجدية. حكومة 61 مقعداً يشارك فيها أعضاء اليمين المتطرف، ايتمار بن غبير وآفي معوز، ستوفر لبينيت دور الكابح لمبادرات هستيرية لليمين وللأصوليين. هذا هو خيار بينيت – هل سيكون هو الذي سيحرر النظام السياسي من قبضة نتنياهو الخانقة أم هو الذي سيحرر حكومة نتنياهو من قبضة بن غبير؟ فقط الاحتمال الاول سيضعه في نادي الكبار.


التعليقات (0)