- ℃ 11 تركيا
- 5 ديسمبر 2024
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: حراس الأرض... في ذكرى يوم الأرض
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: حراس الأرض... في ذكرى يوم الأرض
- 29 مارس 2024, 11:35:15 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يعتبر يوم الأرض الفلسطيني أحد أهم الأيام التي يعتز بها الشعب الفلسطيني وكل من نبع من داخله حب الأرض.
قصة يوم الأرض بدأت عندما أقدمت السلطات الاحتلال الإسرائيلية على مصادرة ما يقرب من 21 ألف دونم من أراضي العديد من القرى في منطقة الجليل بهدف بناء تجمعات سكنية يهودية على تلك الأراضي الفلسطينية وبغرض تهويد منطقة الجليل، والذي ترتب عليه خروج الشعب الفلسطيني في مظاهرات واحتجاجات ضد حكومة الاحتلال أدت إلى مواجهات بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال، انتهت بارتقاء ستة من الشهداء الفلسطينيين؛ بالإضافة إلى 49 جريحًا ونحو 300 معتقل.
فقد شكّل يوم الأرض محطة فارقة ومفصلية في العلاقة بين الحكومات الإسرائيلية وفلسطينيي الـداخل، حيث أشعل قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة إسحاق رابين ووزير الأمن شيمون بيريز بالعام 1976 معركة الأرض والمسكن بعد تحريك مخطط إسرائيلي لمصادرة هذه الاراضي من أراضي سهل البطوف والمل والشاغور في الجليل، وتعود ملكيتها لمزارعين من بلدات سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد.
على وقع الأحداث الحاصلة الآن في دولة الكيان المحتل يحتفل الفلسطينيون بذكرى 48 ليوم الأرض في هذه الأيام، والذي يحمل دلالات مهمة منها أن الحرب على الأرض أصبحت وجودية، في ظل الجرائم والانتهاكات الاسرائيلية، وفي ظل التمييز والعنصرية الممارسة ضد كل ما هو فلسطيني سواءا في ضد المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطيني الداخل فقد عمدت المؤسسة الإسرائيلية إلى ترسيخ التمييز القومي ومنح الأفضلية لليهود على حساب الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم وبيوتهم بعد النكبة في كافة مناحي الحياة، سواء من خلال تشريعات كقانون "العودة والجنسية"، ومنع لم شمل العائلات الفلسطينية، وسحب المواطنة والإقامة الدائمة منهم.
وضمن صراع الديمغرافيا والجغرافيا، شرّع الكنيست الإسرائيلي قانون لجان القبول للسكن في البلدات اليهودية، وقانون القومية الذي يكرس الفصل العنصري والفوقية لليهود، ويقر بأن إسرائيل هي الوطن القومي ودولة للشعب اليهودي فقط.
وتحولت أحداث يوم الأرض إلى معركة يدافع فيها الشعب الفلسطيني عن وجوده وكرامته امام غطرسة المحتل وجبروته، حيث دفع فلسطينيو الداخل في المظاهرات ضد الاستيطان ومصادرة الأراضي ضريبة الدم في مناطق الجليل والمثلث سرعان ما تحول ذلك إلى كل الاراضي المحتلة موحدة الشعب الواحد في كل اماكن تواجده وحتى في الشتات.
وفي ظل حكومة نتنياهو واليميين المتطرف التي تحكم دولة الكيان الآن، فمن الواضح أن توجهات الحكومة الجديدة التي تميل لحسم قضية ضم أراضي الضفة الغربية، في ظل ميول عنف ظاهر للتعامل مع الفلسطينيين، حيث تستمر دولة الكيان كقوة احتلال، تسيطر فعلياً على الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967 وسكانها وحدودها بقوة عسكرية مطلقة، في تغيير معالم تلك الأرض وفرض سياسة الامر الواقع، بتكثيف بناء المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية، وعلى أكثر من ثلثي مساحتها، ورفع عدد اليهود الذين يسكنونها ليتناسب مع عدد السكان الفلسطينيين الأصليين، مقترفة في سبيل تحقيق ذلك أشكالاً وألواناً من الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين من تمييز عنصري وقتل خارج إطار القانون وسلب للممتلكات وانتهاك لحرمات المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.
فنحن نشهد النسخة 2024 من الضّم، والتي تختبئ في إشارات صغيرة في الاتفاق الائتلافي بين الليكود وحزب الصهيونية الدينية. حيث أن ضّم المناطق الفلسطينية إلى إسرائيل لن يجري علناً، على الرغم من التصريحات العالية بشأن أهمية هذه المناطق الإستراتيجية والوطنية والتاريخية.
فاذا نظرنا الى الاتفاق الائتلافي الذي يدلل وفق رؤيتهم على ضمّ مشروع بالقانون للمناطق الفلسطينية، وعلى نية البدء بتطبيق نظام الأبرتهايد ضد السكان الفلسطينيين ،كما يرون أن هذا هو مغزى نقل الصلاحيات الإدارية والتنظيمية، التي تضمنها الاتفاق، إلى المستوى السياسي، وخضوعها المباشرة له، وإنشاء آلية مستقلة للمستوطنات، من دون أيّ إشارة إلى الوضع المدني للفلسطينيين.
ويرى باحثون اسرائيليون أنه يجب الانتباه بصورة خاصة إلى نقطتين تدلان على الضّم: الأولى، بموجب الاتفاق الائتلافي، سيجري تمويل وتنفيذ خطة انتقائية لتطبيق قوانين الكنيست على الضفة الغربية، بواسطة آلية رسمية، بأوامر من قائد المنطقة وهو الذي سيوقّع هذه الأوامر على مضض، لكن مَن يأمره بذلك هو الوزير المعيَّن من حزب الصهيونية الدينية امثال بن غفير او سموتريش، وبالتنسيق مع عمل الإدارة المدنية للمستوطنات، والتي ستنشأ تحت إمرته. وبهذه الطريقة، فإن الصلاحيات الجوهرية لسنّ تشريعات في المنطقة ستكون بأكملها في يد السلطة السياسية– التنفيذية، ولن تكون في يد القائد العسكري، ولن يكون الكنيست هو المسؤول عن سنّ القوانين في المنطقة و معنى ذلك تطبيق قوانين حكومية مباشرة، من دون العودة إلى البرلمان، ووفقاً لوجهة نظر الهيئة المسؤولة عن المستوطنات اليهودية.
بالإضافة إلى ذلك، يلغي الاتفاق الائتلافي، برأيهم، المكانة الخاصة لوحدة المستشار القانوني في مناطق الضفة الغربية، وهذه الوحدة عملت عشرات السنوات ضمن إطار النيابة العامة العسكرية، وهي تقدم استشارة قانونية مستقلة للقائد العسكري للمنطقة، ولرئيس الإدارة المدنية، فإن هذه الوحدة ترى نفسها مُلزمة بالقيام بواجباتها حيال القائد العسكري، و” تحمل في حقيبتها” القانون الدولي وقوانين الاحتلال، والقوانين الإدارية والدستورية، من الآن فصاعداً، لن يقف أحد في طريق المستوى السياسي الذي لا يعتبر نفسه مُلزماً بقوانين الاحتلال، ولا بالدفاع عن حقوق السكان الخاضعين للاحتلال من الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة امام اطماع اليميين المتطرف الذي اصبح يحكم في دولة الكيان الآن.
وأخيرا نحن سكان الأرض حراس الأرض متجذرين بها رغم كل محاولات القتل والتهجير والإبادة فهذا وطننا الذي لا وطن لنا سواه.