اتهامات متبادلة.. لماذا أصبحت حرب التجسس بين الصين وبريطانيا معلنة؟

profile
  • clock 16 سبتمبر 2023, 10:06:42 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لندن- تنشغل أروقة مجلس العموم البريطاني بحالة من الاستنفار الأمني بعد اعتقال شخصين بتهمة التجسس لصالح الصين، أحدهما باحث في البرلمان البريطاني ويتعامل مع اثنين من كبار المسؤولين في حزب المحافظين.

وتمت عملية الاعتقال في مارس/آذار الماضي، قبل أن يتم إطلاق سراح المتهمَين على أن يعاد التحقيق معهما في أكتوبر/تشرين الأول القادم.

ولعل أكثر ما أثار المخاوف لدى الطبقة السياسية هو قدرة الباحث المشتبه فيه، على دخول البرلمان وربط علاقات مع وزير الأمن في الحكومة البريطانية توم توكيندهات، ورئيسة لجنة العلاقات الدولية في البرلمان أليسيا كيرنز.

ورغم نفي الصين اتهامات التجسس، ووصفها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، وخروج الباحث المتهم بالتجسس على البرلمان ببيان ينفي ما وجّه له ويؤكد أنه أمضى حياته العلمية "ينبه من خطورة سياسات الحزب الشيوعي الصيني"؛ فإن هذه الواقعة ألقت بالضوء من جديد على حرب التجسس بين بريطانيا والصين، والتي تحولت لملف يشغل الأجهزة الأمنية البريطانية وأصبحت نقطة أساسية في أي لقاء يجمع المسؤولين من لندن وبكين.

حرب المخابرات

لم يكن خبر اعتقال شخصين بتهم التجسس لصالح الصين، مفاجئا لمتابعي الشأن الأمني البريطاني، بعد التحذيرات العلنية التي أطلقها العام الماضي ماكالوم، مدير مكتب المخابرات البريطانية "إم آي 5" (MI5)، والذي قال في خطاب حول التحديات التي تواجه الأمن البريطاني إن الصين "تلعب معنا لعبة طويلة المدى".

وشددت تحذيرات المسؤول المخابراتي الأول في البلاد على سعي "الصين ليس فقط للتأثير على البرلمانيين من مختلف التوجهات السياسية"، بل أيضا "لتجنيد شباب في بداية مشوارهم المهني والعلمي ويحتاجون للتمويل من أجل سداد قروض دراستهم".

وحذّر رئيس المخابرات من السيناريو الذي تم الكشف عنه هذا العام، علما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحذير السياسيين من التجسس الصيني، حيث كشفت صحيفة "تايمز" البريطانية عن تحذير أطلقته المخابرات البريطانية لحزب المحافظين لعدم ترشيح اثنين من أعضائه للانتخابات البرلمانية بسبب الاشتباه في علاقتهما مع بكين.

ولم يتوقف تحذيره عند هذا الحد، حيث كشف الحزب عن طرده عشرات الطلاب الصينيين المتهمين بمحاولة التجسس على المختبرات العلمية البريطانية، وشدد على ضرورة وضع معايير صارمة للطلاب القادمين من الصين وخصوصا الراغبين في الالتحاق بالمختبرات العلمية المتطورة.

وكشف رئيس الوزراء البريطاني أنه أيضا تلقى تقريرا من مخابراته حول شركة صينية تستثمر في مصنع بريطاني لم يكشف عن هويته، ما دفعه لاتخاذ قرار وقف استثمار هذه الشركة.

A file photograph shows Thames House, the headquarters of the British Security Service (MI5) in London, Britain October 22, 2015. A former senior British intelligence officer wants to give evidence that the country's security services knew about the torture of inmates at the U.S. prison camp in Guantanamo Bay, a newspaper reported. The former officer is seeking permission to present evidence to a forthcoming parliamentary inquiry that British officials saw detainees being tortured in December 2002, the Sunday Times said on January 24, 2016, quoting senior security sources. REUTERS/Peter Nicholls/files

المخابرات البريطانية نصحت حزب المحافظين بعدم ترشيح اثنين من أعضائه للبرلمان بسبب الاشتباه بعلاقتهما ببكين (رويترز)

هل هو استهداف للسياسيين؟

وحذر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، مما سماه محاولات الصين "التدخل للتأثير في الديمقراطية البريطانية"، ويقصد بذلك محاولات التأثير على السياسيين.

وهذه ليست المرة التي يكون فيها البرلمان مسرحا لحرب التجسس التي باتت معلنة بين بكين ولندن، فخلال العام الماضي أصدرت المخابرات البريطانية تحذيرا للسياسيين لعدم التعامل مع محامية من أصول صينية، نجحت في إقامة علاقات مع قادة الصف الأول في حزبي المحافظين والعمال.

ويتعلق الأمر بكرستين لي، التي اتهمتها المخابرات البريطانية بربط علاقات مع الحكومة الصينية ومحاولات التأثير على القرار السياسي البريطاني من خلال تقديم منح سخية لتمويل عدد من المرشحين البريطانيين خلال حملاتهم الانتخابية.

وكشفت شبكة "بي بي سي" أن المخابرات أرسلت تحذيرا لكل المسؤولين الحكوميين والعاملين في مكاتبهم بالحذر عند الحديث عن العمل في المقاهي والحانات المحيطة بمقر البرلمان، "حيث يكثر عملاء دول أجنبية يبحثون عن تجميع المعلومات والمعطيات".

British PM Sunak atttends the Scottish Conservative conference in Glasgow

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يحذر من تأثير الصين على السياسيين (رويترز)

تحدٍ أم تهديد؟

ويواجه رئيس الوزراء البريطاني سوناك معضلة حقيقية وضغوطا متزايدة، من أجل تغيير وضع الصين من وصفها دولة تمثل تحديا لبلاده إلى دولة تشكل تهديدا على أمن بريطانيا، ما قد يضعها في نفس المرتبة مع روسيا.

وبينما يؤيد عدد من قادة حزب المحافظين التشدد أكثر مع الصين ووصفها بأنها تهديد للبلاد، وفي مقدمتهم وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، فإن هناك من يحذر من أن هذا التوصيف ستكون له أيضا تبعات اقتصادية وتجارية، وهو ما دفع وزيرة التجارة البريطاني كيمي بادنوش، للتحذير من الإقدام على هذه الخطوة لما لها من تأثير على العلاقات التجارية بين الطرفين.

في المقابل يدفع عدد من المسؤولين الأمنيين البريطانيين لتبني مقاربة أكثر براغماتية، وهي ما عبر عنها أليكس يونغر المدير السابق للمكتب السادس للمخابرات البريطانية، عندما اقترح وضع الصين في خانة "الدول المثيرة للقلق"، داعيا لوضع قواعد أكثر صرامة في التعامل مع المؤسسات الصينية الموجودة في بريطانيا.

المصدر : الجزيرة

كلمات دليلية
التعليقات (0)