الإفلاس حل لأزمة قروض الطلاب

profile
د. محمد الصاوي باحث في العلاقات الدولية
  • clock 4 مارس 2021, 2:12:45 ص
  • eye 863
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

By:Joe Nocera

ترجمة: محمد الصاوي

الإفلاس حل لأزمة قروض الطلاب

 ومع كون القروض الطلابية مشروعًا خاليا من المخاطر للمقرضين والجامعات، فهل من المستغرب أن تصبح ديون الطلاب ثاني أكبر شكل من أشكال الديون الاستهلاكية في الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد الرهون العقارية؟.

مع وصول القروض الطلابية في الولايات المتحدة إلى 1.6 تريليون دولار، نكتشف أن هناك أزمة كبيرة مع تعثر الكثير من الطلاب عن السداد، ويكمن حلها باتباع إجراءات الإفلاس.

في عام 1965، أقر الكونغرس قانون التعليم العالي، والذي يعد إنجازاً للرئيس ليندون جونسون. وفي الحقيقة، فقد أتاح القانون الجديد منحاً فيدرالية وبرامج قروض لتخفيف الأعباء المالية عند الالتحاق بالجامعة، وخاصة للطلاب الغير قادرين. ولكن على الجانب الأخر، تضمن القانون قواعد تجعل من الصعب إبراء الذمة من القرض الفيدرالي للطالب في حالة الإفلاس. 

وعلى مدار أربعة عقود، أضاف الكونغرس قيوداً إضافية لم تجعل من الصعب فحسب، بل من المستحيل الإعفاء من القروض الطلابية، بغض النظر عن مدى صعوبة ظروف المقترض. وفي عام 2005 ، ذهب الكونغرس إلى أبعد من ذلك عندما أقر عدم إمكانية إبراء الذمة لديون الطالب الشخصية وتعامل مثل القروض الطلابية.


المهمة المستحيلة

فقد سمعنا جميعا قصص الرعب التي تلت ذلك. فالطلاب الملتحقين بكليات تهدف للربح، اكتشفو أن الشهادة الدراسية الحاصلين عليها لن تمكنهم من الحصول على الوظيفة التي قد يسعون إليها – ليواجهوا وحدهم المهمة المستحيلة التي وضعتها القوانين للتخلص من عبء الديون- ومع تخلف الخريجين عن السداد تعاملت معهم الحكومة الفيدرالية بقسوة، وكانها وكالة تحصيل. ولذلك تمكن مقدمو القروض من إضافة مزيد من الرسوم والتكاليف لنجد أن واحدا من كل خمسة خريجين تعثروا عن السداد، وفقًا لمركز بيو للأبحاث.

وهنا نجد في نهاية المطاف أن قرض الطالب تحول لعبء ينهك ملايين الأشخاص ممن تخيلون أن الحصول على تلك القروض سيساهم في الوصول إلى حياة أفضل، ليجدو أنفسهم لسبب أو لأخر لم يستطيعوا تحقيق ذلك.

ولكن هناك نتيجة أخرى غير معترف بها إلى حد كبير لحظر إبراء الذمة من القروض الطلابية في حالة الإفلاس، وهي أنها ما يسببه ذلك من مخاطر أخرى نتيجة الإجراء غير الأخلاقي من إقراض أشخاص غير قادرين على السداد، فنتذكر فقاعة قطاع العقارات عالية المخاطر، عندما باع السماسرة المنازل بقروض لأي شخص، دون الإهتمام بمدى قدرة المقترضون على السداد وتحويل تلك الديون لوول ستريت، وهو ما أدى في النهاية إلى أزمة مالية عاصفة. وهنا يمكن القول أن قروض الطلاب مبنية على فرضية مماثلة.

فكما نعلم أن الحكومة الفيدرالية تمنح قروض الطلاب تقريباً لأي شخص يطلبها، بغض النظر عن مستوى الدخل أو القدرة على السداد معتمدة على أن المقترض لا يمكنه التهرب من سداد الديون. وينطبق الشيء نفسه على المقرضين من القطاع الخاص.

تقوم الكليات الخاصة بزيادة مصروفات التعليم عاما بعد الأخر معولين على أن القروض ستستوعب الزيادات دائماً. ولكن لن تستطيع الكليات الهادفة للربح فعل ذلك إذا تم إبراء ذمة الطالب في حالة الإفلاس، إذ يعتمد نموذج أعمالهم بالكامل على أن يتم الدفع مقدماً عن طريق الحكومة الفيدرالية والتي تصبح بعد ذلك الكيان الذي يجب أن ينتابه القلق بشأن القدرة على السداد. ومع كون القروض الطلابية مشروعًا خاليا من المخاطر للمقرضين والجامعات، فهل من المستغرب أن تصبح ديون الطلاب ثاني أكبر شكل من أشكال الديون الاستهلاكية في الولايات المتحدة، بعد الرهون العقارية؟.

وبشكل عام، أنا متعاطف مع أولئك الذين يدعون الرئيس المنتخب جو بايدن إلى محو بعض تلك الديون بمجرد توليه منصبه. وفقا للسيناتور إليزابيث وارن، فهناك 42 مليون أمريكي لديهم قروض طلابية. وتقدمت بطلب إلغاء 50000 دولار من قيمة الدين لكل طالب. وحظي هذا التشريع بتأييد من يحاولون الضغط على بايدن لإصدار أمر تنفيذي بمجرد أداء اليمين (طرح بايدن خطة دعم أكثر تواضعاً تقضي بتشريع يعفي من سداد 10000 دولار فقط من قيمة القرض).

إلغاء الديون

الأساس المنطقي لهذا الطرح ليس فقط مساعدة الخريجين غير القادرين على سداد قروضهم ولكن لمساعدة الاقتصاد. فقروض الطلاب تمنع العديد من جيل الألفية من شراء منزلهم الأول، بين عامي 2005 و 2015، انخفضت ملكية المنازل بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عامًا بنسبة 10%. فالقروض الطلابية تجعل من المستحيل على الخريجين بدء أعمال تجارية صغيرة أو قبول وظائف لا تدفع الكثير من المال لأنها لن تكفي لسداد قروض التعليم. وكذلك تتسبب تلك القروض التي حصل عليها الطالب في صعوبة الحصول على ائتمان لشراء أشياء أخرى وبعبارة أخرى، تمنع ملايين الشباب الأمريكيين من المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية، والتي تؤثر بصورة مضاعفة على كافة مناحي الاقتصاد. لذا سيكون إلغاء ديون الطلاب بمثابة حافز اقتصادي مطلوب.

لكنني أتفهم أيضاً رفض المحافظين لطرح الإعفاء من القروض، لأنه لن يكون عادلاً بالنسبة لملايين الأمريكيين الذين سددوا قروضهم الطلابية بعد سنوات من الضغوط المالية، كما يقولون، وستساعد ذوي الدخل المرتفع من خريجي الجامعات أكثر من الخريجين ذوي الدخل المنخفض، كما أشار زميلي الكاتب في بلومبيرغ ميشيل ستراين مؤخراً. وبقدر ما قد يؤدي تخفيف أعباء قروض الطلاب إلى تعزيز الاقتصاد، فإنه سيثير الانقسام بشكل كبير بين الديمقراطيين والجمهوريين عندما يحاول الرئيس القادم التوفيق فيما بينهم.

لهذا أعود إلى الإفلاس. فتمرير قانون يسمح بإعفاء الطلاب في حالات الإفلاس هو الحل الوسط. ورغم أنه لا يعطي أي من الطرفين كل ما يريد، لكنه يعطي كل واحد منهم ما يكفي لجعله حلاً مقبولاً.

الإفلاس 

وبالنسبة للمدافعين عن إلغاء ديون الطلاب، فإن تغيير قانون الإفلاس سيفعل ذلك تماماً. لن يتمكن الطلاب السابقون من سداد 10000 دولار أو 50000 دولار فقط ولكن عبء ديونهم بالكامل. ونظراً لأن الحكومة الفيدرالية هي صاحبة أكثر من 90% من قروض الطلاب، فإنها ستكون مسؤولة عن الغالبية العظمى من تلك الديون. وقد تحتاج فقط إلى تغطية خسائر الديون غير المضمونة فيدراليا للمؤسسات الخاصة التي قدمت القروض قبل تغيير القانون.

بالنسبة لأولئك الذين يعارضون إلغاء الديون، سيكون هناك بعض ما يقنعهم عندما يعرفون أن الإفلاس سيكون له تأثير. حيث سيصبح جزءاً من تقرير الائتمان للمقترض لمدة سبع أو 10 سنوات، اعتمادًا على ما إذا كان الفصل 7 أو الفصل 13 سوف يتم استخدامه. وستتراجع قدرته الائتمانية بشكل حاد خلال تلك الفترات، مما يلغي القدرة على الحصول على رهن عقاري وقروض أخرى.

والميزة الاساسية في ذلك الطرح، أنه عندما يرغب الطلاب الجدد في الحصول على قروض، سيتعين على البنك أو الحكومة القيام ببعض التدقيقات الحقيقية. ففي كثير من الحالات، ربما يتعين على الوالدين التوقيع معاً على طلب القروض، مما سيحد من حجم القرض وفق قدرتهم على السداد. وكذلك ستفكر الجامعات مرات قبل زيادة الرسوم الدراسية لأن القروض الطلابية لن تغطي الزيادة بالضرورة بعد الآن. لذا قد يتضرر نموذج الأعمال الخاص بالكليات الهادفة للربح بشكل كبير وهو أمر جيد، نظراً لأن الكثير منها بدا وكأنه محتال. النقطة الأساسية هي أن الأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 عاماً والذين لديهم أحلام كبيرة غير قادرين على تحديد ما إذا كان بإمكانهم سداد 100 ألف دولار أو أكثر في شكل قروض الطلاب في المستقبل. لذلك فإن المقرض يجب أن يكون مسؤولا هو الأخر.

الطبقة الكادحة 

وبالنسبة لأولئك الذين قد يجادلون بأن هذه الخطة ستجعل من المستحيل تقريباً على الطبقة الكادحة والطلاب الفقراء الحصول على قروض الطلاب، فإن الإجابة هي: أنت على حق. ولكن هناك حل لهذه المشكلة أيضاً طالما كان لدى الحكومة خطط سداد تستند إلى مستوى الدخل. بمعنى أنه بعد التخرج، يدفع الخريج نسبة مئوية من الدخل (عادة 10%) لفترة زمنية محددة (عادة 10 سنوات). ولكن تكمن مشكلة هذه الخطوة في أنها تتطلب إعادة التقديم كل عام. لذلك يجب على إدارة بايدن أن تجعل التسجيل في مثل هذه البرامج أكثر سهولة.

بعد ذلك ، يمكن لبايدن طرح برنامج قروض طلابية يقضي بمنح الطلاب خيارات لسداد القروض عبر الموافقة على تسليم جزء من دخلهم بعد التخرج على مدى 10 أو 15 عامًا إلى الحكومة أو السداد الكامل وبالنسبة لأنواع معينة من وظائف الخدمة العامة، يمكن تخفيض النسبة من الدخل فهناك العديد من الاختلافات المحتملة الأخرى التي من شأنها أن تجعل خطط السداد القائمة على الدخل أكثر تفضيلاً لدى البعض. وفي أسوأ السيناريوهات بالنسبة للمقترضين الذين لا يستطيعون السداد، سيظل الإفلاس خياراً متاحاً.

كان الدافع الأصلي لقانون التعليم العالي لعام 1965 نبيلًا - لتمكين الملايين من الأمريكيين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الدراسة من الحصول على شهادة جامعية واليوم، وبعد 55 عاماً، أصبح تمكين الطلاب من الحصول على هذه الدرجة دون عبء ديون ساحق أمراً نبيلا أيضاً، فالإفلاس هو أحد الطرق للمساعدة على تحقيق ذلك.

النقطة الأساسية هي أن الأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 عاماً والذين لديهم أحلام كبيرة غير قادرين على تحديد ما إذا كان بإمكانهم سداد 100 ألف دولار أو أكثر في شكل قروض الطلاب في المستقبل. لذلك فإن المقرض يجب أن يكون مسؤولا هو الأخر.



كلمات دليلية
التعليقات (0)