الإيكونوميست: الفائدة المرتفعة في العالم الغني تسحق الحكومات الفقيرة

profile
  • clock 22 أبريل 2024, 4:33:32 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نشرت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن دور صندوق النقد الدولي في حل أزمة ديون الدول الفقيرة.

‌وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه قد مرت الآن أربع سنوات منذ أن سقطت أولى الدول الفقيرة في حالة تخلف عن السداد بسبب التكاليف المتصاعدة الناجمة عن الإنفاق بسبب فيروس كورونا وسحب المستثمرين لرؤوس الأموال من الأسواق المحفوفة بالمخاطر.

وأضافت أنه "مرت سنتان منذ أن بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في العالم الغني فرض المزيد من الضغوط على الحكومات التي تعاني من ضائقة مالية".

‌وفي اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي عُقدت في واشنطن هذا الأسبوع، كان العديد من صناع السياسات في العالم يتصرفون كما لو أن أسوأ أزمة ديون منذ الثمانينات، من حيث نسبة سكان العالم المتضررين، قد وصلت إلى نهايتها.

ففي نهاية المطاف، سجلت أفقر البلدان في العالم نموا بلغ أربعة بالمئة السنة الماضية بل إن بعض البلدان، مثل كينيا، بدأت تقترض من الأسواق الدولية مرة أخرى.

لكن الأزمة لا تزال مستمرة في الواقع. ولم تتمكن الحكومات التي أفلست من إعادة هيكلة ديونها والتخلص من العجز عن السداد حتى الآن. وبمرور الوقت، يمكن أن تنضم إليهم بلدان أكثر ــ وأكبر حجما. لذلك، أعلن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي عن خطوة جديدة جذرية للتعامل مع المشكلة.


‌وكان جوهر الصعوبة في حلّ أزمات الديون أن الدائنين أصبحوا أكثر عددًا، مع تضاؤل القواسم المشتركة، مقارنة بالماضي. فعلى امتداد 70 سنة من إعادة هيكلة الديون، توصّلت الدول والبنوك الغربية إلى القيام بالأشياء بطريقة معينة. والآن تتطلب القرارات موافقة مجموعة جديدة من المقرضين، وبعضهم لا يرى أي سبب للامتثال. وكل جزء من العملية، حتى لو كان مجرد ختم مطاطي، يمكن أن يخضع لمفاوضات مطولة.

‌وتعد الصين من بين المقرضين الجدد. وعلى الرغم من أن البلاد أصبحت حاليًا أكبر دائن ثنائي في العالم، إلا أنها لم تقم بعد بشطب قرض واحد، فقد ضاعفت الهند قروضها الخارجية السنوية من سنة 2012 إلى سنة 2022، وأرسلت 3.3 مليارات دولار إلى سريلانكا بعد وقت قصير من غرق البلاد في الأزمة.

وتعد الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ضمن المجموعة أيضًا. وقد أقرضتا معًا أكثر من 30 مليار دولار لمصر. وتتمثل الطريقة المفضلة لدى الدائنين الخليجيين في إيداع الدولارات في البنك المركزي للمتلقي، وهو شكل من أشكال الإقراض الجديد لدرجة أنه لم يخضع قط لإعادة هيكلة الديون من قبل.

ونتيجة لذلك، لم تتمكن الدول السبع التي سعت إلى إعادة الهيكلة منذ بداية الوباء من التوصل إلى اتفاق لتقليص ما تدين به. ولم تتمكن سوى دولتين صغيرتين من إحراز تقدم، وهما تشاد التي أعادت جدولة ديونها بدلاً من خفضها، وسورينام التي توصلت إلى اتفاق مع كل دائنيها باستثناء الصين.

وانتظرت زامبيا أربع سنوات للتوصل إلى اتفاق. وبما أنه لا يوجد دائن يريد صفقة أسوأ من أي دائن آخر، فلم يحدث أي تخفيف لأعباء الديون الرئيسية خلال أسوأ أزمة ديون منذ أربعة عقود من الزمن.

وقبل أربع سنوات، وقّعت دول مجموعة العشرين على الإطار المشترك، وهو اتفاق لإجراء تخفيضات متساوية في عمليات إعادة الهيكلة، لكن الدائنين منقسمون حول درجة السخاء المطلوبة.

وحسب الصحيفة، لم يتمكّن صندوق النقد الدولي، الذي لا يستطيع عادة إقراض البلدان التي تعاني من ديون مرتفعة إلى حد لا يمكن تحمله، من فعل الكثير. ومع ذلك، اتخذ خطوة في 16 نيسان/ أبريل بإقراض الدول التي تعثرت في سداد ديونها لكنها لم تتفاوض على اتفاق لإعادة هيكلة جميع ديونها. وتُعرف هذه السياسة باسم "الإقراض في حالة المتأخرات".‌                                                                                                                                                                                في الماضي، كان الصندوق الذي كان يشعر بالقلق من استعادة أمواله، يقرِض الدول التي تأخرت عن السداد باعتدال وفقط بإذن من الدائنين الذين ما زالوا يتجادلون حول إعادة الهيكلة. والآن كل ما يطلبه هو وعد من البلدان المقترضة والدائنين المتعاونين بأن أمواله لن تستخدم لسداد مستحقات الرافضين.

ولطالما خشي خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي من أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى استعداء الدائنين الذين يعانون من مشاكل، وهي أيضًا بلدان لها حصص في الصندوق نفسه. ويبدو أن صبر الصندوق قد نفد، فالمسؤولون يريدون المضي قدما في عملية إعادة هيكلة الديون.

إن السياسة الجديدة قادرة على فرض الانضباط على الرافضين. ومن الناحية النظرية، تنجح عمليات إعادة الهيكلة لأن تخفيف العبء على المقترضين يؤدّي إلى تعظيم فرص الدائنين في استرداد بعض ــ وربما معظم ــ أموالهم. ويزيد إقراض الصندوق للدول التي تأخرت عن السداد من حدة الحافز للامتثال لأن المقرضين الذين يعطلون المفاوضات يواجهون احتمال عدم الحصول على أي شيء.

كما تعمل هذه السياسة على تعزيز قبضة المدينين. وربما كانوا يخشون في الماضي التخلي عن ديونهم للصين، التي تشكل مصدرا سهلاً للأموال النقدية الطارئة حتى بعد التخلف عن السداد. والآن، إذا كانوا يرغبون في القيام بذلك، فسيكون لديهم مقرض بديل وهو صندوق النقد الدولي.

من المؤكد أن الحصول على التدفق النقدي سيكون مفيدا لسكان البلدان المضطربة. وقد يؤدي القيام بذلك أيضًا إلى إبقاء الصندوق صادقًا. وفي عملية لا تعتمد على الاستهانة بمشاكل البلدان الفقيرة من أجل تجنّب عمليات إعادة الهيكلة المستحيلة، من المرجح أن يصبح الصندوق وسيطا أفضل يميز بين البلدان التي تحتاج إلى شطب ديونها وتلك التي تحتاج فقط إلى قدر أكبر قليلاً من السيولة لسداد دفعة ديونها القادمة.                                                                                                            السؤال المطروح هو ما إذا كان صندوق النقد الدولي قادرا على تحمل التكاليف. لن يؤدي تهديده إلى إخضاع الدائنين إلا إذا اختار الاستفادة من صلاحياته الجديدة. ولكن في واشنطن لا يزال المسؤولون يشعرون بالقلق من إثارة غضب الدائنين الجدد، وخاصة الصين، التي يثمن الصندوق علاقته معها. وقد يديرون ظهورهم لإعادة هيكلة التعاونيات تماما. ويمكن لبعض المقترضين أن يبتعدوا عن صندوق النقد الدولي ويحصلوا على عمليات إنقاذ من أماكن أخرى.

ولكن في النهاية، قد لا يكون أمام الصندوق خيار كبير. فالعديد من البلدان تمر بأزمات. وفي الحقيقة، تقترب مجموعة من البلدان النامية الكبرى، التي تجنبت العجز عن سداد الديون، حاليا من حافة الهاوية أكثر من أي وقت مضى. ولتجنب وقوع كارثة لمئات الملايين من البشر، يحتاج الممولون الدوليون إلى وسيلة لإخراج الحكومات من العجز عن السداد قبل أن تنهار دولة مثل مصر أو باكستان. لذلك يعد الإقراض في حالة الدول التي تأخرت عن السداد هو أفضل أداة متاحة.

المصادر

عربي 21

التعليقات (0)