البوسنة والهرسك: هكذا يتم فصل المسلمين عن الكاثوليك في المدارس!

profile
  • clock 28 أغسطس 2022, 7:46:02 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

من الخارج، تبدو ساحة "مدرسة زيبتشي المتوسطة المختلطة" كأي باحة مدرسة عادية: يضحك الطلاب ويتحدثون ويدردشون عبر هواتفهم المحمولة.

لكن عندما تدخل المبنى، تجد مدخلين: الأول على اليمين، وهو للمنحدرين من العرقية الكرواتية، ومعظمهم من الكاثوليك، والثاني على اليسار، للبوشناق (البوسنيين) المسلمين. تبدو الممرات والفصول الدراسية على كلا الجانبين متشابهة، لكن يتم فرز الطلاب وتعليمهم من قبل مدرسين مختلفين بناء على الأصل العرقي.

حتى أن هناك نوعين مختلفين من أجراس المدرسة يرنان في أوقات مختلفة "لكيلا يلتقي الطلاب من مجموعات عرقية مختلفة في منطقة الدخول المشتركة"، تقول الطالبة لانا موسليتش البالغة من العمر 17 عاماً.

وهو ما أكده أيضاً بعض المعلمين. تقول ساجرا أفنديتش، زميلة لانا في الفصل الدراسي: "إنهم لا يحاولون حتى إخفاء الفصل العنصري عنا. لكل مجموعة عرقية إجازات وأيام عطل مختلفة وحفل تخرج خاص بها".

"مدرستان تحت سقف واحد"

أحصت "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" في عام 2018 وجود 56 مدرسة من هذا النوع في البوسنة والهرسك. ويسمى هذا النظام باسم "مدرستان تحت سقف واحد": أحد مخلفات الحرب البوسنية بين عامي 1992 و1995، التي جرت بين البوشناق والصرب والكروات، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100000 شخص وتشريد حوالي 2.3 مليون شخص.

ووفقاً لتقرير "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، فإن "مدرسة زيبتشي المتوسطة المختلطة" تتمتع بخصائص "إيجابية" معينة منذ عام 2004: على سبيل المثال، يدرس عدد قليل من المعلمين في كلا المجموعتين العرقيتين، وهناك مدخل مشترك للمدرسة، ويتشارك المعلمون من جميع الطوائف العرقية غرفة المدرسين.

هذا هو السبب في أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قالت لـ DW أن ""مدرسة زيبتشي المتوسطة المختلطة" موحدة إدارياً وقانونياً، على الرغم من أن الطلاب يتم تدريسهم بشكل منفصل وفقاً للعرق.

السلطات ترفض التعليق

لم تجب إدارة المدرسة ورئاسة البلدية على طلبات إجراء مقابلة بعثتها DW. وحسب لانا وساجرا، منعت إدارة المدرسة طالباً كرواتياً من التحدث مع DW، وإلا فسيواجه الطرد من المدرسة.  بيد أن لانا وساجرا تحلتا بالشجاعة وتم اللقاء بهما في مقهى بالقرب من المدرسة.

تقول لانا: "نذهب إلى نفس الطبيب، يعمل آباؤنا في نفس الشركات. لقد اختفى الفصل العنصري في جميع المؤسسات تقريباً في المجتمع، ولكن بقي فقط في بعض المدارس: يعمل النظام المدرسي بجد لفصلنا". ترغب هي وساجرا في تغيير هذا النظام.

بعد مرور 25 عاماً على الحرب، ترى والدة لانا، ليلا موسلي، أن الأطفال لا يزالون يتعرضون لخطاب الكراهية والتحريض. وتقول إن التمييز يمتد إلى الحياة العملية اليومية: "لا يتم اختيار الناس بناء على جهدهم في العمل، ولكن وفقاً لجنسيتهم".

تناضل لانا وساجرا لتغيير الوضع القائم

تناضل لانا وساجرا لتغيير الوضع القائم

صمت مطبق من جانب المعلمين

يعيش البوشناق والصرب والكروات في البوسنة والهرسك، وبعضهم يحمل جوازات سفر مختلفة وبلغات مختلفة. كما يتم تدريس لغات مختلفة في المدرسة الإعدادية: البوسنية في أحد المناهج، والكرواتية في الآخر. تشرح لانا: "لكننا نفهم بعضنا البعض تماماً، يمكننا القول إنهما لهجتان مختلفتان للغة واحدة".

في المدرسة، يندر أن يتحدث أي معلم في العلن عن النظام المدرسي. تقول لانا: "إنه موضوع محظور. إذا أتينا على ذكره، يصمت المعلمون".

أحد معلمي الطالبتين، لانا وساجرا، يرفض الصمت وينتقد الوضع القائم. يعمل نيداد هوديتش في المدرسة منذ عام 1995، حتى قبل تقسيمها في عام 1998. "في البداية، قيل إن الفصل سيكون مؤقتاً"، يوضح هوديتش، الذي يدرّس اللغة البوسنية والأدب.

في السابق، كان البوشناق والصرب والكروات يدرسون في مدارس ومباني غير مختلطة في ثلاثة كانتونات في البوسنة والهرسك.

لم ترد مدرسة زيبتشي المتوسطة المختلطة على طلب من DW للتعليق

لم ترد "مدرسة زيبتشي المتوسطة المختلطة" على طلب من DW للتعليق

وسيلة للهيمنة؟

يرى نيداد هوديتش الذي يعمل في المدرسة منذ عام 1995، أي حتى قبل تقسمها في 1998، أن الفصل بين الطلاب حسب أعراقهم يمثل مشكلة على المدى الطويل: "هناك جيل لم يعاصر سوى في هذا النظام المدرسي القائم على الفصل العنصري".

ويكافح نيداد هوديتش منذ سنوات لوضع حد لهذا النظام، دون أن يحالفه النجاح حتى الآن. يشرح بوضوح: "من الأسهل السيطرة على الأشخاص الذين يكرهون بعضهم البعض". بالنسبة له، من الطبيعي أن يتحدث بصراحة عن موقفه من النظام، لكن بالنسبة لمعظم المعلمين فإن الأمر ليس كذلك.

ويشرح قائلاً: "أهم شيء بالنسبة لهم هو الاحتفاظ بوظائفهم. في حال انتهاء النظام الحالي سيتم شطب بعض الوظائف التدريسية، وهذا هو السبب في عدم وجود أي مقاومة من قبل المعلمين". وهذا ما أكده معلم تحدث مع DW وفضل عدم الكشف عن اسمه.

تناضل الطالبتان لانا وساجرا ضد هذا النظام، لكن من دون جدوى، بيد أن الفتاتين حققتا على الأقل نجاحاً طفيفاً. بعد الانتهاء من الدوام المدرسي، تعزف لانا وساجرا منذ بضعة أشهر الموسيقى مع طلاب كروات في مدرسة الموسيقى بالمدينة.

توضح ساجرا: "نتشارك في نفس الاهتمامات ونفس الشغف، وهو ما يربطنا بعضنا ببعض". لم يسمح لـ DW بحضور البروفات بناء على توجيهات مدير مدرسة الموسيقى.

التعليقات (0)