السودان.. تفاقم المأزق السياسي رغم وعود الجيش للمدنيين

profile
  • clock 19 يوليو 2022, 1:10:56 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أعلن الجيش السوداني عدم مشاركته في المفاوضات السياسية وإفساح المجال للمدنيين، لكنه ما يزال يحكم قبضته على السلطات الرئيسية، مما يهدد بتأجيج المزيد من الاحتجاجات وإعاقة الجهود للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع المدنيين.

وفي 4 يوليو/تموز، أعلن رئيس المجلس الانتقالي الجنرال "عبد الفتاح البرهان" انسحاب الجيش من عملية الحوار التي تدعمها الأمم المتحدة والتي تهدف إلى كسر الجمود السياسي في البلاد، ودعا الجماعات السودانية المؤيدة للديمقراطية لبدء محادثاتها الخاصة لتشكيل حكومة انتقالية.

وجاء هذا الإعلان غير المتوقع بعد 8 أشهر من إطاحة الجيش بحكومة "عبدالله حمدوك"، في انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، الذي دفع مئات الآلاف من السودانيين للخروج إلى الشوارع للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين (قتل أكثر من 100 شخص خلال الاشتباكات مع قوات الأمن).

واعتبر "البرهان" قراره الأخير استجابة لدعوات المحتجين لتقليص هيمنة الجيش على العملية السياسية. لكن بعد أيام قليلة، أعلن المجلس العسكري أنه سيظل يحتفظ بالسلطة السيادية على البنك المركزي وبعض جوانب السياسة الخارجية خاصة الأمور المتعلقة بسيادة الدولة بما في ذلك النزاعات الحدودية مما يترك فعليًا أهم وظائف النظام السياسي في قبضة الجيش.

ويري مراقبون أن إعلان 4 يوليو/تموز مجرد محاولة من الجيش لإضفاء مظهر التنازل عن السلطة، مع الاحتفاظ بالسيطرة وراء الكواليس. ومن المحتمل أن يكون إعلان "البرهان" محاولة لإبعاد الجيش عن العملية السياسية الفاشلة والأزمة الاقتصادية المتفاقمة في السودان.

وسابقا، حاول المجلس العسكري تقديم نفسه كطرف سياسي شرعي يشارك في المفاوضات حول تشكيل الحكومة السودانية، لكنه قام أثناء ذلك بقمع المعارضة واستخدام العنف ضد المتظاهرين؛ مما دفع الجماعات المدنية الرئيسية إلى رفض التفاوض مع المجلس العسكري لنزع الشرعية عنه.

لذلك، يبدو أن القيادة العسكرية تعمل على تغيير الاستراتيجية للحفاظ على هدفها الأساسي المتمثل في الحفاظ على السلطة، بينما تنأى بنفسها عن المفاوضات التي تبدو مهيأة للفشل.

لكن إعلان 4 يوليو/تموز فشل في إقناع الغالبية العظمى من المواطنين السودانيين أن الجيش ينسحب من المفاوضات من أجل دعم الحكم المدني. ومع ذلك، فإن هذه الرواية تمنح المجلس العسكري بعض الغطاء السياسي من خلال إلقاء الضوء على الاقتتال الداخلي بين الجماعات المدنية وتصدير ذلك باعتباره العائق أمام السلام والحكم المستقر.

بالإضافة إلى ذلك، تمنح السياسة الجديدة المجلس العسكري فرصة إلقاء اللوم على الحركة الاحتجاجية بخصوص الأزمة الاقتصادية. وقد حذرت الأمم المتحدة مؤخرًا من أن 40% من السودانيين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي بحلول سبتمبر/أيلول، وسط التضخم وانهيار قيمة العملة وارتفاع أسعار الغذاء والوقود ونقص القمح والجفاف.

ومن المرجح أن ترفض الجماعات المؤيدة للديمقراطية التغييرات غير الجوهرية في النظام السياسي، مما يعني أنه من المرجح أن تستمر المظاهرات والمأزق السياسي.

كما من المرجح أن يستمر المجلس العسكري في استخدام العنف ضد المتظاهرين. وخلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، قتلت قوات الأمن 9 متظاهرين، ليرتفع العدد الإجمالي للذين قتلوا منذ الانقلاب إلى 113. وبالرغم من تزايد عدد القتلى، قالت قوى الحرية والتغيير وجماعات مدنية أخرى إنها ستستمر في التظاهرات حتى إنهاء الحكم العسكري.

وبالرغم من أن القوي المدنية تواجه ضغوطًا متزايدة للتوصل إلى اتفاق سياسي منذ إعلان "البرهان"، فإن إصرار هذه القوى على إنهاء السيطرة العسكرية على المؤسسات الحكومية يبدو منطقيا؛ حيث واجهت هذه الجماعات بالفعل شهورًا من عنف الشرطة والقمع السياسي.

ومن المرجح أن يستمر المأزق بين القوى المدنية والجيش مع عدم استعداد المجلس العسكري للتخلي عن السلطة الحقيقية.

المصدر | ستراتفور

التعليقات (0)