الصفقة كحجر أساس لتـسوية إقليمية

profile
  • clock 27 فبراير 2024, 8:28:14 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بقلم: آفي كانو*
 

لأول مرة منذ أسابيع طويلة يسجل تفاؤل حذر في أوساط العاملين في الاتصالات لعائلة مخطوفين، هكذا حسب المنشورات.

من واشنطن وحتى الدوحة، من القاهرة وحتى القدس. ظاهرياً، يبدو أن قيادة حماس التي تعاني من مصاعب اتصال عضال في ضوء الضغط العسكري المتعمق في جنوب القطاع (ما يتيح دخول مناهج براغماتية إلى الغرفة بإدارة قيادة حماس في قطر)، مستعدة لأن تلين مواقفها في المسألتين الأساسيتين ما سيتيح تقدماً في الاتصالات: فالاستعداد لتنازل كبير بالنسبة لاصطلاح "وقف النار" بحيث لا يتضمن توقفاً للقتال بشكل مطلق لكنه يسمح بالوصول إلى منطقة شمال القطاع، ومرونة معينة بالنسبة لكمية ونوعية السجناء الأمنيين الذين سيتحررون في الصفقة المرحلية المرتقبة.

إذا ما تبنينا للحظة نهجاً عموم اقتصادي لمسيرة المفاوضات، فإنه يخيل بأن المسيرة آخذة في الاستقرار، لأول مرة منذ بدء الحرب، على نقطة توازن من جهة يقف فيها الجيش الإسرائيلي على عتبة جهد عسكري في معقل حماس الأخير، منطقة رفح، بما في ذلك محور فيلادلفيا الذي يشكل أنبوب الأكسجين لصناعة الإرهاب، ومن جهة أخرى، الوجود العسكري الإسرائيلي في أرجاء القطاع آخذ في التقلص، لكنه يبقي على محور كارني نتساريم (سابقاً) كجيب أمني يفصل وسط القطاع عن شماله.

هذا وذاك يشكلان، بالتالي، ذخائر حقيقية في المسيرة، ورافعة لتليين مواقف حماس.

مع ذلك، فإن مسألة السجناء لا تزال يمكنها أن تشكل عائقاً، بشكل يلزم الوسطاء في المسيرة بالابداعية والجسر بين مواقف الطرفين.

إن حقيقة أن جهاز المخابرات العامة المصرية برئاسة عباس كامل، المقرب من الرئيس السيسي، هو الذي يتصدر المسيرة تضع أساساً مزدوجاً لنجاح محتمل: وذلك بسبب المعرفة الحميمية والعميقة لكبار رجالات الجهاز مع قيادة حماس على جانبي المتراس (الداخل والخارج) وكذا بسبب التجربة طويلة السنين في جسر مواقف الطرفين، في مواضيع الأسرى والمفقودين وأكثر من ذلك.

أما قطر، من جهتها، فتتعرض لضغط أميركي متزايد لتوفير البضاعة وحث صفقة مخطوفين تؤدي إلى تهدئة إقليمية، لكنها قادرة على إدارة حوار مباشر وثاقب مع قيادة حماس وبخاصة تلك التي توجد في الدوحة، وإبداء مرونة تسمح، على حد طريقة قطر، للإبقاء على حماس كمركز قوة ذي صلة في الساحة الفلسطينية، إن لم تكن كقوة عسكرية، فعلى الأقل كمحفل سياسي فلسطيني داخلي.

إسرائيل بالطبع، ليست مطالبة بأن تقبل هذا الموقف وبوسعها – بالذات بسبب الاحتمال الكامن للتقدم في حل مسألة المخطوفين - أن تصمم "اليوم التالي" في القطاع وبعامة في الساحة الفلسطينية في ظل دحر حماس قدر الإمكان عن الساحة (الضفة والقطاع على حد سواء).

وفي النظر إلى التوافقات في المسائل الجوهرية آنفة الذكر، فإن الجدول الزمني لتحقيق الصفقة حتى حلول شهر رمضان في 10 مارس هو تحدٍ لكنه ممكن: بلورة وإقرار قوائم السجناء الذين سيتحررون، المصادقة على القرار في الكابينيت وفي الحكومة واستنفاد الإجراءات القانونية التي ينطوي عليها الأمر، بما في ذلك إمكانية الالتماس إلى العليا حسب قانون متضرري الإرهاب؛ هذه المساحة الزمنية يمكنها أيضاً أن تسمح للجيش الإسرائيلي بتنظيم نفسه تمهيداً لوقف نار نحو ستة أسابيع، حسب المنشورات.

في البعد الاستراتيجي فإن أهمية الصفقة، فضلاً عن القيمة الإنسانية واليهودية عظيمة المعاني التي تنطوي على إعادة مخطوفينا، تكمن في تثبيت الصفقة كحجر أساس لتخفيف حدة التوترات في المنطقة بل ولتسوية إقليمية تتجاوز حرب غزة.

هكذا، كجزء بنيوي من التوترات حيال حكومة إسرائيل يحتاج الرئيس الأميركي بايدن حاجة ماسة إلى استقرار المنطقة قبيل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر من هذا العام، من تهدئة التوتر في الحدود اللبنانية (وبناء على ذلك أيضاً عودة سكان الشمال إلى بيوتهم)، وحتى التوصل إلى تفاهمات مرحلية مع الحوثيين، تتيح حركة آمنة في مسارات الملاحة الدولية، تحرير عمق الزجاجة في سلسلة التوريد واستقرار الأسواق (بما في ذلك في الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني من غلاء إضافي في جداول البضائع المستوردة في ضوء الأزمة).

وختاماً، فإن نجاحاً في شكل تحقيق صفقة مخطوفين سيقدم نقاط استحقاق باهظة الثمن لإسرائيل في واشنطن وفي العواصم الأوروبية ويؤكد من جديد أهمية إسرائيل للغرب، ومن هنا فإنها عنصر حيوي في مفهوم الأمن القومي لإسرائيل، في هذا الوقت والصعب والتاريخي.

 

*رئيس دائرة الأسرى والمفقودين في شعبة الاستخبارات سابقاً ومسؤول كبير حالي في شركة الاستشارات والبحوث الأميركية Frost &Sullivan.

المصادر

يديعوت أحرونوت

التعليقات (0)