الصناعات العسكرية التركية: انعكاسات ايجابية على السياسة الخارجية ورافداً مهماً للاقتصاد

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 13 أكتوبر 2021, 1:40:11 م
  • eye 762
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تواصل الصناعة العسكرية التركية تقدمها وتطورها النوعي، فخلال السنوات الأخيرة ساهمت الصناعات العسكرية بزيادة القدرات الدفاعية للجيش التركي، فضلاً عن توسع صادراتها إلى العديد من دول العالم، حيث دخلت عدة شركات تركية بقائمة التنافس العالمي بالصناعات الدفاعية ذات الجودة العالية، وارتفع عدد الشركات التركية المصنفة ضمن أهم 100 شركة عالميا (في تصنيف Defense News) إلى سبع شركات مصنعة للأسلحة.

وتريد تركيا استخدام هذه القوة كرافعة لتحقيق أهدافها ومصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية، ويمكن القول إن قطار الصناعات العسكرية التركية يسير في طريق صحيح ويتوقع أن تزداد الدافعية لدى تركيا بمزيد من النجاحات مع تزايد الصفقات الناجحة التي تقوم بها في هذا المجال.

تنامي القدرات الدفاعية

تمكنت الصناعات الدفاعية التركية خلال 2020-2021، من إنتاج عدد من الأنظمة الدفاعية الجديدة لزيادة الكفاءات التقنية لقوات الأمن، في ظل استمرارها بالعمل على إنتاج أنظمة حربية متطورة وغير تقليدية

المحلل العسكري والاستراتيجي العميد الركن أحمد رحال أكد لـ "180 تحقيقات" أن السنوات 6 الماضية من عام 2015 الى عام 2021 كانت مهمة بالنسبة لتركيا وشهدت نقلة نوعية وجوهرية في الصناعات العسكرية التركية، وعلى إثر المحاولة الانقلابية شهدت تركيا إعادة هيكلة للقوات المسلحة، التي تغيرت بشكل جذري، حيث استطاع نظام الحكم ضبط الحالة العسكرية وتنقية الجيش والانتقال الى مرحلة التصنيع العسكري.

وقال العميد أحمد الرحال: "خلال السنوات الماضية انتقلت تركيا لعملية مهمة وهي بناء الشركات القادرة على التنافس الدولي التي تعتمد على الصناعات التقنية في الحرب الالكترونية وتقنية الطائرات المسيرة فكانت طائرة بيرقدار وطائرة أنكا التي فاجأت الروس والإيرانيين ونظام الأسد والامريكان".

وأضاف: "التصنيع العسكري التركي مر بتجارب كثيرة، شملت قطاعات متعددة قطاع الطيران وحرب المشاة وتصنيع السفن والمدرعات والمركبات والصواريخ والطائرات المسيرة ومنظومات القيادة المؤتمتة، ودخلت في معترك التصدير، واصبحت تصدر لعدد كبير من الدول".

وأشار: "أن الصناعات العسكرية التركية أوجدت لها مكان بين الدول المصنعة، ويكفي تركيا انها اكتفت بالسلاح المنتج محلياً وبدأت بعملية تطوير منظوماتها المتقدمة وعملية الاستكمال لتغطية نقاط الضعف في المجال الجوي عبر التزود منظومة "إس-400" الروسية وعملية اكتساب التقنيات الحديثة من مصادر مختلفة".

أما الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو، فقد أوضح أن الحاجة التركية لتأمين احتياجاتها من السلاح والعتاد قد ازدادت خلال الأعوام الأخيرة بالتزامن مع تمددها في محيطها الإقليمي فضلا عن زيادة جارتها اليونان من وتيرة تسلحها (أسلحة فرنسية) بالتزامن مع التوترات المتصاعدة في منطقة شرق المتوسط.

ويضيف أوغلو في حديثه لـ "180 تحقيقات" "ان أنقرة استجابت لتأمين احتياجاتها من السلاح والعتاد عبر العمل على تطوير صناعاتها العسكرية بعدما ترسخت قناعة لدى صناع القرار في تركيا بضرورة تأمين الاحتياجات من السلاح والذخيرة والعتاد العسكري بشكل دائم في ظل الأخطار الكبيرة التي تحدق بالأمن الإقليمي".

انعكاسات إيجابية على السياسة الخارجية التركية

وكان للصناعات العسكرية التركية انعكاسات إيجابية مباشرة على السياسة الخارجية التركية من حيث رفع درجة الاستقلالية وتقليل الاعتماد الدفاعي على الآخرين، مما يجنب تركيا ضغوط هذه الدول أو حتى الأزمات مع الدول الأخرى.

وبيّن العميد أحمد الرحال: "ان تطور الصناعات العسكرية التركية عزز الثقة بالنفس وأدت هذه النقلة النوعية خلال السنوات القليلة الماضية وصول تركيا لـ 70% من الاكتفاء الذاتي مما تحتاجه المؤسسة العسكرية بالأنواع المختلفة برية وجوية وبحرية وأعطى الثقة لتركيا لتدخل المعترك الإقليمي"

وأضاف: "الصناعات العسكرية التركية أحرجت دول كبرى وعظمى وأثبتت تركيا انها قادرة على تغيير معادلات بدليل هزيمة حلفاء موسكو في ناغورنو كاراباخ بدعم تركي، والقوة العسكرية التي امتلكتها أعطت القيادة السياسية الحيز لتقوي القرار السياسي والاشتراك في ملفات إقليمية فدخولها الى ليبيا والعراق وسوريا وأذربيجان كلها معطيات تقول ان تركيا أصبحت دولة إقليمية ذات نفوذ عالمي تقارع الكبار ولها قرار مستقل تنافس روسيا في ليبيا وفي أذربيجان وتنافس الامريكان في العراق وفي سوريا اصبح لها كلمة ومكانة وحيز مستقل يحافظ الامن القومي التركي"

ويؤكد طه عودة أوغلو: "أن أنقرة نجحت مؤخرا بتأمين احتياجاتها بالاعتماد على التصنيع العسكري المحلي الأمر الذي ظهر واضحا خلال العامين الماضيين من تفوق تركي في مجال الصناعات الدفاعية وتمت ترجمته على أرض الواقع في أكثر من مكان في سوريا وليبيا وقاره باغ".

وأشار أوغلو إلى "ان لتنامي الصناعات الدفاعية التركية دورا كبيرا في تقلد مكانة إقليمية مرموقة بين الدول الكبرى في سباق التسلح بعدما تحولت (تدريجيا) للإنتاج المحلي مستفيدة من قاعدتها الصناعية التي بدأت بإنشائها منذ تأسيس الجمهورية التركية".

الصناعات الدفاعية رافداً مهماً للاقتصاد التركي

من جهة أخرى تعد الصناعات العسكرية رافداً مهماً للاقتصاد التركي. فبالرغم من التراجع الاقتصادي الذي حصل بسبب جائحة كورونا، فقد وصلت قيمة صادرات قطاع الصناعات العسكرية حوالي 3 مليارات دولار وهي تشكل نحو 1.3% من إجمالي الصادرات التركية. ويعد تعزيز الاقتصاد عاملاً مهماً في استقرار السياسة الداخلية واستقلال السياسة الخارجية.

في هذا السياق يقول العميد أحمد الرحال لـ "180 تحقيقات" بالتأكيد الصناعات العسكرية تعد رافد قوي للاقتصاد، وتجارة السلاح تحقق أرباح كبيرة للدول المنتجة فتصدير تركيا السلاح لعدد كبير من الدول رفع ميزانها التجاري الى 12 مليار خلال عام 2019 و2020.

وضاف الرحال: "بفضل حزب العدالة والتنمية والقيادة السياسية والرئيس أردوغان تمكنت تركيا تأمين صناعات عسكرية وأصبحت من المصدرين المؤثرين في العالم وتؤمن رافد مهم للاقتصاد التركي وبفضلها وفرت تركيا الكثير من المصاريف العسكرية بفضل الإنتاج المحلي ووظفت جزء منها للأبحاث العسكرية التي تتقدم وتتطور وتؤدي إلى صناعات عسكرية جديدة، كما انه من المتوقع خلال خمس سنوات في حدود 2030 ان تصل تركيا لمرحلة الاكتفاء الذاتي وتصل لصناعات جوية متطورة".

وقال الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو لـ "180 تحقيقات" بالرغم من النجاحات التركية في الصناعات الدفاعية خلال السنوات الماضية والتي كانت رافدا مهما للاقتصاد التركي من خلال مساهمتها في تنمية الاقتصاد التركي وحل مشكلة عجز التجارة الخارجية إلا أن الطموح التركي أكبر من ذلك بكثير فهي ترغب أن تحجز لها مكانا مرموقا في هذا المجال.



التعليقات (0)