العرب بين الحضارة والمرارة

profile
علي محمد علي شاعر وكاتب مصري
  • clock 28 مارس 2021, 8:12:37 م
  • eye 1116
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


كثيرًا ما طرحت في ندوات المثقفين و جلسات المتحزلقين والتي أحضرها أحيانًا  هذه الأطروحة " ماذا يضر العالم لو إستيقظ يومًا بدون العرب " .... دعني أصارحك القول أن معظم الإجابات تدور حول " لن يحدث شيء " أو بمعنى آخر "لن يضار العالم في شيء " لكن مايزعجني فعليًا هو أن الحوار يدور باللغة العربية وعلى أرض عربية وبالطبع أشخاص عرب ... 


دعني أيها القارئ العزيز ألزم نفسي أمامك بميثاق شرف يتلخص في كلمتين لا ثالث لهما " عدم التحيز "  .... فأنا لن أنحاز لا لقومية أو عرقية أو حتى دينية .... سأتعاطى أنا وأنت الحديث بإحترافية ومنهجية ... 


دعني أوضح لك بمثال : منذ مايزيد عن ٤٠٠٠ آلاف سنة بدأت اللبنات الأولى للحضارة الفرعونية والتي أثرت في التاريخ البشري وأثرته وأبهرته وحيرته حتى الآن و قد مرت بمراحل كثيرة حتى قبل هذا التاريخ الذي ذكرت ، مرورًا بنزول المصري القديم من الجبال والمرتفعات إلى إكتشاف الزراعة والإستقرار وبناء البيوت وتكوين القرى والأقاليم والممالك ثم الوحدة بين الممالك ثم الدفاع عن الحدود و فترات القوة ثم الضعف ثم القوة ثم الضعف وهكذا إلى أن ذهبت ولم يبقى منها غير آثارها .... ودائمًا كانوا ينظرون إلى جيرانهم على أنهم رعاع وبدو وهمجين ... 


تمامًا كما نظرت أوربا منذ مايزيد عن ١٠٠٠ عام للقادمين من إفريقيا على أنهم بربر وهمج .... وإمتدت نفس النظرة إلى الآن .... 

الغريب أن الرعاع تمكنوا يومًا من حكم الفراعنة ( هكسوس )  ... كما تمكن البرابرة من حكم أسبانيا والبرتغال .... لايهم كيف تمكنوا المهم أنهم فعلوها وبالطبع لا يخفى عليك عزيزي القارئ أن هذا حدث في فترات ضعف تلك الحضارات ... والضعف قد ينشأ بسبب التفكك وعدم الوحدة والذي غالبًا مايكون بسبب الصراع على السلطة ، أو بسبب ضعف الحكام وإنعدام رؤيتم ... أو ، أو ، أو ... لنا النتائج على أرض الواقع وكلها تشير أن كل ضعف هنا يقابله قوة هناك في الطرف الآخر والعكس .... إذن التاريخ يقولها بكل وضوح " دوام الحال من المحال "

 

فلماذا هذا الإنزعاج والنقمة على حالنا وما وصلنا إليه كعرب ... وأنا بالطبع لا أستحسنه أو أبرره لكن بعيدًا عن جلد الذات ما وصل إليه حال العرب الآن له عدة أسباب ؛ مجموعة منها سببها المباشر هم جماعة العرب أنفسهم ، والمجموعة الأخرى سببها هذا العالم المتحضر ... 

أما ما يخص العرب فخذ عندك : 

- العرب بطبيعتهم مستهلكين غير منتجين 

- يميلون إلى الخرافة أكثر وينجذبون لها وينفرون من العلم ربما لمشقته وهم بطبيعتهم كسالى _ ستقول كيف تقر بهذا _ وهم أنتجوا حضارة أنارت العالم والبشرية ؟ الإسلامية ؟ نعم نعم هي ... الدين وحده ياسيدي لا يصنع حضارات ... الدين شرع لتنظيم العلاقات البينية والفوقية ، الدين فقط يحث على العلم ، لكنه ليس علم ، ولأول مرة أسمع قارئ عزيز يعترض ويصرخ الدين هو علم ... ماشي ياسيدي هو علم تنظيم العلاقات لكن هل يستطيع دينك أن يدلنا كيف نصنع بوصلة لتحديد قبلة الصلاة ؟ ويحدد مكوناتها من إبرة مغناطيسية وسن مدبب وعلبة من مادة غير مغناطيسية كي لا تؤثر على حركة الإبرة في تحديد إتجاه الشمال ؟...  لا ... يبقى تسكت ... 

- لكنك تقول أن العرب كسالى و يجدون مشقة في تحصيل العلم ... 


- نعم هذه حقيقة ولكل قاعدة بالطبع إستثناء .


- لكنهم أنتجوا علمًا وخرج من بين ظهرانيهم علماء . 


- مثل من ؟ 


- أبو بكر الرازي وإبن سينا وإبن الهيثم والفارابي وجابر بن حيان والخوارزمي وغيرهم 

- جميع ماذكرت ليسوا عربًا وإنما منتسبين للعرب ودقق في إسمائهم وأنت تعلم من أي البلاد جاءوا وما هي أصولهم العرقية لا أصولهم الدينية ... 

_ ناهيك عن أن العرب متعجرفون ومغرورون ولا يستقيم هذا مع طالب العلم 

- العربي لا يفكر برأسه !! وإنما ببطنه أو بفرجه ... 


- جعل من الدين علمًا وحول العلم إلى دين فاختلطت عليه الأمور وبات يصدق أن الأرض مسطحة وهناك سماء مرفوعة بلا عمد فوقها سماوات ست وأن الذرة مقياس للخير والشر فقط ... 



أما ما يخص الطرف الآخر المتقدم فعليه وزر ووقع في أخطاء هو الآخر ... وتجاهل فرضية علميه مفادها أن البشر يكملوا بعضهم بعضًا والتكامل هذا لا يقل شئنًا عن وحدة مينا الفرعوني و من أخطائهم الفادحة ما يلي : 


- إحتكار المعرفة .

- إحتقار الطرف الضعيف .

- الحرص على التجهيل والحض على الكراهية بين الشعوب ... لتكون هي الرابحة في حال الحروب والأزمات وبيع السلاح للطرفين وخلافه وإستنزاف ثروات الشعوب الفقيرة بحجج متعددة منها الحماية مثلًا .


- دعم الديكتاتوريات لما تحققه لهذه الدول من مصالح وماتقدمه من تنازلات على حساب شعوبها من أجل دعمها والسكوت عن فواحشها وجرائمها تجاه شعوبها . 


_ إزدواجية المعايير وعدم العدالة   . 


-والكثير من السياسات العدائية تجاه الشعوب العربية والتهكم على معتقداتها أحيانًا ... وإثارة النعارات الطائفية والفتن بدافع من الباراجماتية السياسية وتقزيم الخصوم مما دفع جل الشعوب العربية يؤمنون بما بات يعرف " بنظرية المؤامرة " 


-و ما الحل ... هل سيظل الوضع كما هو عليه ؟ 


- لا أعتقد فالسنن الكونية تؤمن بالتغيير ولا أقصد التغيير الفجائي الجزري إطلاقًا ... إنما نحن قد دخلنا في عصر ألإنفجار المعرفي الذي فيه أصبح العلم متاح للجميع ومن يبدي إستعداده تنفتح عليه بركات من السماء 


أوربا لم تقف على رجليها وتحرز تقدمًا وتنهض من عصور ظلامها  إلا بعد ما نحت الدين جانبًا ... ولا أقول تم إلغائه .

كما أنها تسلحت بالديمقراطية والعدل والإنسانية فانفتح لهم العلم على مصراعيه .... أما كبوتهم لماذا تأخرت ؟ والإجابه لأن العلم يمنحها قبلة الحياة كلما سقطت أو أوشكت على السقوط .... 

فهل نسرع في اللحاق بهم أم هم سيبطئوا من تلقاء أنفسهم وسرعة رتمهم حتى نلحق بهم .... المعرفة وإنفجارها وثورة المعلوماتية ستجيب على ذلك في القريب العاجل ... 

علي محمد علي ....

التعليقات (0)