العزلة ليست هي الوحدة ..كتاب جديد أحمد رجب شلتوت

profile
  • clock 28 يونيو 2021, 1:46:26 ص
  • eye 1378
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

 " يمثل وباء كورونا الديستوبيا في أنصع تجلياتها، ففجأة وجدت البشرية نفسها في كابوس، طوفان عارم يجرفها باتجاه نهاية  تبدو وكأنها حتمية، ولا نجاة منه إلا بإحكام العزلة، ويا لها من مفارقة، يمسك الفيروس بتلابيب البشر كلهم في شمال العالم وجنوبه، في شرقه وغربه،  يجمعهم في قبضته، وفي نفس الوقت يجبرهم على العزلة،  يُلزمهم بأن يحيا كل منهم بمفرده، دون أن يكون وحيدا، فالعزلة _ حتى وإن لم تكن خيارًا شخصيًا _  لا تعني الوحدة،  إذ الوحدة شعور مؤلم، يعني افتقاد "الونس"، والحاجة إلى شريك، وأنك مقطوع عن الآخرين، أو رافض لهم أو مشغول عنهم،  فالوحدة كما يقول أستاذ التاريخ الاجتماعي ديفيد فنسنت في دراسته عن تاريخ العزلة، هي عزلة فاشلة".

   هكذا يبدأ الكاتب المصري "أحمد رجب شلتوت" تقديمه لأحدث كتبه "العزلة ليست هي الوحدة"، والذي صدر حديثا بالقاهرة عن دار وكالة الصحافة العربية  ناشرون، منطلقا من تلك المفارقة الدالة، ليدلل على أن العزلة قد تكون إيجابية،  خاصة بالنسبة للإنسان المثقف والمبدع، والعزلة قد تبدو سجنا بالنسبة للإنسان العادي، إذ تجسد له الحرمان في أجلى معانيه، أما إذا كان المضطر إلى العزلة محبا للقراءة معتادا عليها فسيجد في سجنه متنفسا تتيحه الكتب، أما عزلة المبدع فهي ليست كذلك، تكون فرصة للانفراد بالذات، والحوار معها.

يقول الكاتب أن العزلة منحته فائضا من الوقت،  يجعله يطيل  من حواره مع الذات بالتأمل والمراجعة، ومع الآخرين بقراءة  كتب تراكم بعضها على أرفف مكتبته، أو في ملفات على حاسوبه، هكذا لم تكن عزلته فاشلة، فلم يشعر بالوحدة، بل أقام حوارا طويلا مع الكتب ومؤلفيها، واختار لكتابه أربعين قراءة تمثل بعض ثمار العزلة التي أعتبرها ناجحة إلى حد ما.

توزعت الكتب بين الأدب والفن والفكر،  وتوضح انشغالات الكاتب واهتماماته، وقد أولى يوميات ومراسلات الكتاب أهمية خاصة، فمثلا يقول عن رسائل ديستويفسكي إنها لا تخلو من قيمة تاريخية خاصة بما تتيحه من معلومات عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي كانت تحيط به والمصاعب التي كان يكتب تحت ضغطها. كما أنها تلقي الضوء على جوانب من شخصيته التي جمعت بين الزهد والسخط. كما تظهر انشغاله الدائم بتفاصيل الحياة حتى تلك التي  تبدو بلا أهمية، فتدلل على قدرته على التقاط وتسجيل ما هو عابر ويومي، و تلك التي وجدت لها فيما بعد مكانا في رواياته.

ويلاحظ الكاتب أن الرسائل الموجهة إلى زوجته تختلف عن رسائله للآخرين بقدر ما تتشابه في بنيتها. ففي كل رسالة منها نجده سائلا عن وضع زوجته بعد أن يخبرها انه أستلم رسالتها السابقة، أو سائلا عن أسباب تأخير وصول رسائل منها، ثم يجيب عن بعض الأسئلة الموجهة إليه في رسائلها، وفي الختام يتحدث عن نفسه، معبرا عن عواطفه تجاهها هي وطفليهما.                           أما الرسائل إلى أخيه ميخائيل فيتكرر فيها الحديث عن الفقر والقهر، وتمتلىء بالتفاصيل الحياتية الصغيرة، كذلك يعرض لقصة حب حزين  تحكيها مُراسلات أَلبير كامو والممثلة الفرنسية ماريا كازاريس. أما رسائل لوكاتش تكشف عن وجوهه المحتجبة خلف المفكر والسياسي.

أما إرنست هيمنجواي فقد كان مدركا تماما للفرق بين كتابة الأديب عن ذاته وتعريته لذاته في اليوميات والرسائل، وكان مدركا للفارق بين أن يكتب عن نفسه كما في "وليمة متنقلة" على سبيل المثال، أو أن يبوح بمكنون النفس في رسالة  لصديق أو حبيبة، فكان حريصا على أن تبقى خاصة بينه وبين المرسل إليه،    

وقد كان  هيمنجواي من هواة كتابة الرسائل منذ طفولته، وحتى قبيل وفاته، وتمكن الباحثون من جمع حوالي سبعة آلاف رسالة بخط يده أو مرقومة على الآلة الكاتبة، بما يوحي بأنه كان يكتب الرسائل بشكل شبه يومي، وبالرغم من ذلك كان يعتقد أن أفضل الكُتَّاب يكتبون أسوأ الرسائل، وكان يقول إنه إذا كتب في أي وقت رسالة جيدة فهذا يعني أنه لا يعمل، ووصف رسائله بانها بذيئة وكثيرا ما تخرج عن حدود،  بما يفسر وصاياه المتكررة بعدم نشر رسائله، لكن القارئ للرسالة قد يكتشف سببا آخر، فالرسائل تكشف عن وجه آخر لهيمنجواي، أو ربما تسقط القناع عن وجهه الحقيقي، فيظهر المحارب القوي رقيقا هشا يبكي لموت قطته التي رافقته لأحد عشر عاما.

أما رسائل لوكاتش فتكشف عن تحوله من المثالية إلى الاغتراب، وتوضح عن ميله الدائم لمراجعة أفكاره، وقد طالت المراجعات كذلك أفكار لوكاتش ونظرياته عن الأدب والفن، فقد أدت التطورات الفكرية التي شهدتها أوروبا وتأثر هو بها شخصيا إلى انتقاله من النزعة الجمالية السائدة في أوروبا في العقد الثاني من القرن العشرين إلى تبني الفلسفة المثالية، كقطب معاكس لمذهب العقلانية العلمية.وعن المشتركات المحتملة بين العلم والفن يعرض لكتاب "أينشتاين.. بيكاسو.. المكان والزمان والجمال الذي ينشر الفوضى"، حيث يجد مؤلفه آرثر آي ميللر بينهما توافقات ترتقي لتكون تشابهات غريبة وقابلة للتوثيق بين إبداع الرجلين، والحياة الشخصية والحياة العلمية لكل منهما، كذلك فالتناظرات بينهما خصوصا في خلال أول خمسة عشر سنة في القرن العشرين تظهر بجلاء النقاط المشتركة في تفكيرهما كما تبين طبيعة الإبداع العلمي والفني بما يتيح الوقوف على الحدود المشتركة للفن والعلم. بل أن التشابهات والتباينات في الحياة الشخصية لكل من بيكاسو وأينشتاين، تعكس إلى حد ما الوسط الفكري والاجتماعي الذي كان سائدا لكليهما في ذلك الوقت.

أما عالم النفس الأمريكي "سكيب داين يونج" ففي كتابه "السينما وعلم النفس: علاقة لا تنتهى"، يتعامل مع الأفلام على أنها رموز ذات معنًى؛ يخلقها صُنَّاع الأفلام، ويستقبلها الجمهور، فهو  يرى أن الأفلام  نوافذ  تطل على عالَم السلوك البشري أو مرايات عاكسة لة، فيمكن عبر الاندماج  في الأفلام، رؤية التطور الفردي أثناء حدوثه؛ أي عمل الآليات الدفاعية اللاواعية، والعمليات الاجتماعية النفسية، إلخ. هنا يُصبِح الفيلم مسرحًا تُعرَض عليه الكينونات النفسية.  لذلك من يركَّز  في الفصول  الأولى من الكتاب على تفسير الأفلام بوصفها نصوصًا؛ أي أوعية رمزية يمكن تفريغها والكشف عمَّا تحوِيهِ من معنًى.

أما الكتب التي تناولت الفن فعديدة ومنها الكتاب الموسوعي الأشهر"قصة الفن" للباحث البريطاني الجنسية "إرنست جومبرتش"، فهو المرجع  الرئيس لمن يريد معرفة كيفية تطور فنون العالم.

أما كتاب  " نوا نوا.. مذكرات تاهيتي" فيضم نصا فريدا شائقا صاغه الفنان الفرنسي بول جوجان، عن يوميات رحلته الأولى إلى تاهيتي في قالب يجمع بين السيرة الذاتية والسرد الروائي، وتأملات الفنان حول الطبيعة والفن، وتعبر عن حنين الفنان لتلك الفترة التي استنشق فيها شذى الحياة البدائية للبسطاء التي رآها خالية من زيف المدنية الأوروبية. فتلك الحياة ساعدته على أن يجد أسلوبه الخاص في الإبداع، بعد أن عانى سنوات للتحرر من آثار السابقين.

كما يتناول كتاب"عوالم من الموسيقى.. مقدمة لموسيقى شعوب العالم"، و فيه يسلطون الأضواء على أنواع  مختلفة من الموسيقى حول العالم من واقع بحوث ودراسات ميدانية  تهدف للتعريف بالموسيقى الشعبية وجذورها في مختلف المناطق وبين الشعوب والتجمعات العرقية.  فلكل مجتمع بشري موسيقاه، ورغم كون الموسيقى عالمية إلا أن معناها ليس كذلك.

يذكر أن أحمد رجب شلتوت كاتب مصري صدر له: 

_ السعار والشذى مجموعة قصصية _ 1996

 _  العائد إلى فرحانة مجموعة قصصية  _ 1997

_ زوال رواية قصيرة 2001 

 _ دم العصفور مجموعة قصصية الهيئة العامة لقصور الثقافة 2002

 _ العش للعصافير مجموعة قصصية للأطفال كتب عربية 2005

_ حالة شجن نوفيلا الدار الثقافية تونس 2019

_ فن البحث عن الإنسان..  قراءات في الرواية..  وكالة الصحافة العربية/ ناشرون 2019

_ رشفات من النهر ... قراءات وكالة الصحافة العربية/ ناشرون 2019

_ ربيع البنفسج .. قراءات في الرواية.  وكالة الصحافة العربية/ ناشرون 2020

_ فاتحة لصاحب المقام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2020

التعليقات (0)