المطران عطا الله حنا: الغرب يتآمر مع الاحتلال لدفعنا للاستسلام.. ومعنوياتنا عالية رغم المجازر

profile
ربا شاهين كاتبة سورية
  • clock 22 نوفمبر 2023, 5:45:06 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

وجه المطران عطاالله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في فلسطين المحتلة، كلمة إلى المجتمع الدولي وحكام وحكومات العالم الغربي.

وأعرب المطران حنا عن أمنياته بأن يصلهم هذا الصوت من القدس، من فلسطين، من هذه الأرض التي تنزف دماً.
وأكد المطران حنا أن الاحتلال يريد إبادة شعب بأكمله وعلى مرأى العالم، يحاول تصفية القضية الفلسطينية التي هي عربية، فالشعب الفلسطيني موجود، وهذه أرضه وبلده ومقدساته. وتساءل: "إلى متى ستستمر هذه المجازر؟"

وفيما يلي، كلمة المطران عطاالله حنا:

"أيها الإخوة والأخوات الأحباء و الأعزاء، وما زالت المأساة مستمرة ومتواصلة في غزة الأبية.
دمارٌ واستهدافٌ للأبرياء، لم تتوقف آلة الموت طول الليل، وهي تستهدف أبناء شعبنا، وتقصف وتقتل وتستهدف المدنيين في غزة الأبية.
في حين أن جبابرة هذا العالم، وحكامه وخاصة في الغرب، وكأنهم لا يرون ولا يسمعون ما يحدث في غزة، يتغنون بما يسمونه "حقوق الإنسان"، حقوق الإنسان بالنسبة إليهم شيئا مقدسا. دائماً في كل خطاباتهم، في كل كلماتهم دائماً يتشددون على مسألة حقوق الإنسان ولكن عندما يتعلق الأمر بشعبنا الفلسطيني والمظالم التي يتعرض لها وخاصة في غزة تغيب هذه المصطلحات، وهذه المفردات، وكأن هؤلاء لا علاقة لهم بحقوق الإنسان.
هذه الإزدواجية في المعايير تجعلنا نقول بإن هذه المنظومة السياسية في الغرب، والتي تتغنى بالديموقراطيات والحريات وحقوق الإنسان، إنما هي منظومة منافقة، ليست صادقة وليست مستقيمة، لأن ما يحدث في غزة في هذه الأيام، لم تجعلهم يتغيرون ويحركون ساكنا، ويعبروا عن شجبهم واستنكارهم و رفضهم لما يحدث، وأن يطالبوا بوقف هذا العدوان . 
منذ سنين طويلة ونحن نقول بإننا فقدنا الثقة بهذه المنظومة السياسية في الغرب، والتي هي منخرطة حتى الصميم، في التآمر على شعبنا الفلسطيني، منذ وعد بلفور ومنذ النكبة ومنذ النكسة ومنذ كل  الحروب التي تعرض لها شعبنا هذه المنظومة الغربية السياسية، الحكام في الغرب سواءً في أمريكا أو في أوروبا هم منخرطون في التآمر على شعبنا الفلسطيني و في المحاولات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.
ما يجب أن نقوله لهؤلاء للحكام في الغرب، وأتمنى أن يصلهم هذا الصوت من القدس من فلسطين من هذه الأرض التي تنزف دماً، بأنكم لستم قادرين مهما كانت عندكم قوة سياسية وعسكرية واقتصادية إلى أخره.
لستم قادرين على تصفية القضية الفلسطينية.
الشعب الفلسطيني موجود، وهو رقم صعب.
الشعب الفلسطيني، لن تتمكن أية قوة عاتية في هذا العالم، من شطب وجوده.
نحن موجودون.. نحن موجودون في فلسطين.. نحن موجودون في مخيمات الانتشار، نحن موجودون في بلاد الاغتراب، الفلسطيني حيث ما كان وأين ما وجد هو موجود وانتماؤه هو لبلده وشعبه وقضيته وقدسه ومقدساته.
ولذلك فإن كل المؤامرات التي تُحاك لتصفية القضية الفلسطينية مصيرها الفشل.
قالوا لنا إن اتفاقيات "أوسلو" أو ما يسمى باتفاقيات أوسلو الكارثية، هي التي ستوصلنا إلى حل القضية الفلسطينية، وكثيرة هي المؤتمرات التي عقدت من أجل السلام المزعوم في فلسطين، والتي لم تحقق شيئاً على الأرض سوى مزيدا من القمع والظلم والاستبداد واضطهاد الشعب الفلسطيني، وخاصة في القدس.
خلال السنوات الأخيرة ما تعرضت له مدينة القدس لا يمكن وصفه بالكلمات.
ولذلك فإن هذا الغرب، هذا الغرب الذي هو متآمر علينا، والذي هو جزء من المشروع الاستعماري في فلسطين، هؤلاء أشبعونا خطابات عن السلام، ولكنهم في الواقع ما يريدونه منا كفلسطينيين هو الاستسلام. السلام شيء والاستسلام شيء آخر.
يريدون من الفلسطينيين أن يقبلوا بالأمر الواقع، أن يقبلوا بالاحتلال، أن يستسلموا للاحتلال، لممارسات الاحتلال. وهذا لا يمكن أن يحدث، الفلسطيني لا يمكنه أن يستسلم للاحتلال، وأن يقبل باستمرارية وجود الاحتلال، وأنا أعتقد بأن كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني منذ النكبة حتى اليوم، هدفها واحد، وهو تحرير الأرض والإنسان، لكي يعيش الشعب الفلسطيني بحرية وكرامة في وطنه وفي أرضه المقدسة.
واليوم يقتلون و ينكلون و يقصفون في غزة في إطار النكبة الجديدة في إطار التطهير العرقي، في إطار هذا الاستهداف الممنهج لشعبنا كله، وكذلك في الضفة والقدس.
والهدف من كل ذلك، ليس فقط التنكيل والقتل والدمار والخراب، هذا طبعاً هدفهم، هم يبتهجون ويفرحون عندما يشاهدون الفلسطينيين يعانون من الحروب والاعتداءات والدمار والخراب، يشعرون بنشوة، عندهم نشوة، عندهم حقد عندما يشاهدون الفلسطيني يعاني، هم يفرحون و يبتهجون ويظنون أن هذا انتصارا.
الهدف من كل ذلك، ليس فقط النكبة والتطهير العرقي، وليس فقط الدمار والخراب والتنكيل، بل هم يريدون النيل من عزيمة شعبنا الفلسطيني، إنهم يظنون أن مشاهد الخراب والدمار والموت في غزة، ستجعل الفلسطيني يخاف، يتردد، يستسلم، يتراجع، يتساءل 
كيف يمكنني أن أتعايش مع هذا الواقع إلى آخره؟
وأنا أعتقد بأن أحد الأهداف المهمة للاحتلال من خلال كل الحروب التي مورست، الحالية وقبلها أيضاً، هو النيل من معنويات وإرادة  شعبنا الفلسطيني.
يريدوننا أيها الأحباء أن نكون في حالة ضعف، في حالة استسلام، في حالة قنوط، في حالة قبول للواقع الذي يرسمه الاحتلال لشعبنا الفلسطيني، وهذا لن يحدث هذا لن يحدث.
الشعب الفلسطيني لن يرفع راية الاستسلام، مهما اشتدت حدة العدوان والقتل والتنكيل بحق هذا الشعب الأعزل، لن يرفع شعبنا راية الاستسلام
ما أود أن أقوله لكم أيها الأحباء: 
بأن صور الموت والدمار والشهداء والأشلاء والدماء في غزة، هذه المشاهد المروعة ليست مشاهد روتينية، ولا يجوز أن تتحول إلى مشاهد روتينية.
منذ تقريباً 45 يوما، وهذه المشاهد تبث ونراها، ويراها معنا العالم بأسره، وهي ليست مشاهد عادية، وليست مشاهد روتينية، يجب أن نمر أمامها مر الكرام، هي مشاهد تبرز معاناة هذا الشعب، وما يمارس بحق هذا الشعب من تنكيل، وهذه المشاهد هي أبلغ من أي خطاب، وهذه المشاهد، هي التي تغير الرأي العام العالمي. اليوم العالم بأسره في الغرب يتغير لصالحنا كفلسطينيين.
بات الكثيرون، يتساءلون في الغرب، وهم من كل الأديان و من كل الخلفيات العرقية ما ذنب هؤلاء الأطفال؟ ما ذنب هؤلاء المدنيين؟ ما ذنب هذا الشعب لكي يقتل بهذه الهمجية؟
هل أن تكون في غزة، هل أن تكون قاطنا في غزة هذه جريمة يجب أن تحاسب عليها؟ هل أن تكون مواطناً في غزة هذا يعني أنه يجب أن يحكم عليك بالإعدام والقتل والتنكيل والدمار والخراب.
وبالتالي أيها الأحباء، كونوا على يقين أننا نحن المنتصرون في النهاية، صحيح أن هنالك خسائر، صحيح أن هنالك شهداء، وشهداؤنا ليسوا أرقاماً.
صحيح أن هنالك دمار  وخراب وتنكيل، لا نقلل من أهمية هذه الجرائم المرتكبة، ولا يجوز أن يتم التقليل من أهمية هذه الجرائم  التي تندرج في إطار التطهير العرقي، وجرائم الحرب المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني.
ولكن فلتكن أيها الأحباء معنوياتكم عالية، الجميع اليوم أو الغالبية الساحقة نحن بشر، نحن لسنا صخرا، نحن بشر، عندنا مشاعر، عندنا أحاسيس، عندما نرى إخوة لنا يقتلون بهذه الهمجية نتألم ونحزن ونبكي وهذا أمر طبيعي.
ولكن فلتكن أيها الأحباء معنوياتكم عالية.
الاحتلال يريدنا أن نخاف أن نستسلم يريدنا أن نعيش في حالة قنوط وإحباط ولا يجوز أن نقبل بذلك على الإطلاق.
أحبائي أحبائي، ما ذنب هؤلاء الأطفال، وهم بالآلاف، لكي يقتلوا بهذه الهمجية، ما ذنب هؤلاء الأبرياء المدنيين، لكي يتم استهدافهم في المستشفيات، وفي أماكن سكنهم، وفي الكنائس، وفي المساجد وفي كل مكان، لا يوجد في غزة مكان آمن، لا يوجد في غزة مكان آمن، قلوبنا مع غزة، وكذلك الضفة المستهدفة أيضاً والقدس عاصمتنا وقبلتنا وحاضنة مقدساتنا التي يتم التآمر عليها بشكل دائم ومستمر.
أحبائي المعنويات يجب أن تكون عالية، الإرادة قوية، لا يجوز أن نقبل بأن يتم إغراقنا في ثقافة اليأس والإحباط والقنوط.
هذا ما يريده الاحتلال ولا يجوز أن نقبل بتمرير مشاريع الاحتلال إرادتنا صعبة إرادتنا قوية متينة ومعنوياتنا عالية ولسان حالنا في هذه الأيام يقول مع كل الأحرار في هذا العالم كلنا نقول كل إنسان حر في هذا العالم يقول:
أوقفوا هذه الحرب أوقفوا هذا العدوان حقناً للدماء ووقفاً للدمار."
 

التعليقات (0)