انتهازية إسرائيل بتزويد الأسلحة لأنظمة دموية: بينوشيه وميانمار وإثيوبيا

profile
  • clock 2 يوليو 2022, 1:02:20 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تعتبر إسرائيل إحدى أكثر الدول المصدرة للسلاح في العالم، ولكنها خلافا لدول أخرى لا تتردد في بيع السلاح لدول تحكمها أنظمة ديكتاتورية، ترتكب مجازر وتعذب مواطنين وتنتهك حقوق الإنسان بشكل سافر وواسع.

وكانت الكثير من الدول قد خفضت ميزانيتها الأمنية، وخاصة تلك المخصصة لشراء أسلحة بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي. إلا أن العديد من هذه الدولة عادت إلى زيادة هذه الميزانيات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، في شباط/فبراير الماضي، وأصبحت تبحث عن مصادر لاستيراد السلاح.

وتتوقع إسرائيل أن تستفيد من وضع سوق السلاح الجديد. وأوعز وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، لمدير عام وزارته، أمير إيشيل، بالتخطيط لتسريع إجراءات صنع الأسلحة إلى الحد الأقصى، "كي تتمكن إسرائيل من زيادة صارتها الأمنية في الظروف الجديدة"، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة.

والنظام الحاكم في ميانمار (بورما) هو أحد زبائن صناعة الأسلحة الإسرائيلية. ولم تتردد إسرائيل تزويد السلاح لميانمار، في العام 2017، بالرغم من تحذيرات منظمات حقوقية من أن ذلك النظام سيرتكب مجازر، وهو ما حدث فعلا، وكذلك بعد التماس قدمه المحامي إيتاي ماك إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، طالب فيه أن تتوقف إسرائيل عن بيع السلاح لنظام ميانمار. إلا أن هذا لم يمنع زيارة رئيس أركان جيش ميانمار لإسرائيل ومعاينة أنواع من الأسلحة، التي ارتكبت فيها مجازر.

وقال مدير عام منظمة "تصدير أسلحة، شفافية ومراقبة"، وتسمى باختصار "يانشوف"، الحاخام أفيدان فريدمان، وهو مستوطن يميني، إن قضية بيع السلاح لميانمار ليست فريدة من نوعها، "فإسرائيل تبيع لدول عديدة. وبإمكاني أن أفهم أنه توجد مصلحة في تصدير أسلحة إلى أذربيجان، رغم طبيعة النظام هناك، لأنها تقع عند الحدود الشمالية لإيران. لكن ما هي مصلحتنا في ميانمار؟ وما الذي يبرر تزويد السلاح لنظام دموي؟"، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.

وأضاف فريدمان أن "الادعاء الدائم في إسرائيل هو أنها لا تبيع أسلحة لدكتاتوريات. وفعليا، هناك خدع متنوعة يصل بواسطتها السلاح عن طريق دول وساطة، ولا توجد قائمة كاملة لصفقات السلاح في خارج البلاد، وهكذا يكون من السهل على الدولة أن تنفي ويصعب علينا المراقبة. ونحن نجمع معلومات من تقارير في السحافة الأجنبية، والتماسات للمحاكم وتقارير منظمات حقوق إنسان، لكن لا توجد لدينا صورة كاملة. وما ينشر هو طرف جبل الجليد".

وتابع أنه "ارتكبت فظائع في الحرب في إثيوبيا في الأشهر الأخيرة. وجرى النشر عن أن إسرائيل باعت أسلحة لجيش إثيوبيا، عن طريق أوغندا. وتعهدت إسرائيل بوضع حدود أخلاقية ومستوى شفافية كتلك المتعارف عليها في دول العالم الغربي. وينبغي تطبيق ذلك، بإعطاء مكانة حاسمة لاعتبارات أخلاقية وتعزيز الرقابة الأمنية على الصفقات".

وتدعي مصادر أمنية إسرائيلية أنه جرى تشديد الرقابة على صادرات الأسلحة في السنوات الأخيرة. إلا أن فريدمان أشار إلى أنه "يتم رفض صفقات أسلحة صغيرة مع ديكتاتوريات أفريقية بين حين وآخر. إضافة إلى ذلك، فإن شبانا مسرحين من وحدات النخبة (في الجيش الإسرائيلي) يذهبون إلى تدريب قوات في دول إشكالية. وهذا فساد أخلاقي يعود إلينا بطرق متعددة".

علاقات إسرائيل مع نظام بينوشيه الدموي

وتناول المحامي ماك في مقال نشره في الصحيفة نفسها، اليوم، العلاقات بين إسرائيل ونظام بينوشيه الدموي في تشيلي، الذي استمر بين الأعوام 1973 – 1990. وأشار ماك إلى أن إسرائيل معروفة في تشيلي بتماهيها مع القمع وأعمال القتل التي ارتكبها نظام بينوشيه. إلا أن إسرائيل تحاول الآن تجميل صورتها، من خلال إزالة السرية عن وثائق في أرشيف الدولة لمراسلات بين سفيرها في تشيلي، موشيه طوف، في السنوات 1971 – 1975، وتصويره كمن أنقذ نحو 300 مواطن تشيلي من ملاحقة النظام الدموي، لكن من دون وجود أي دليل على ذلك في الوثائق التي أزيلت السرية عنها.

إلا أن هذه الوثائق الإسرائيلية، وفقا لماك، تدل على أن السفير طوف كان "مهندس العلاقات بين إسرائيل ونظام بينوشيه، وصمم طريقة ’أعطيني وأعطيك’ بين الدولتين. إسرائيل تزود أسلحة ومساعدة دبلوماسية من أجل دفع مصالح تشيلي في الولايات المتحدة، وتشيلي تقدم دعما لإسرائيل في التصويت في الأمم المتحدة". وقال بينوشيه إنه يقدر طوف "كإنسان وسفير"، وفق ما جاء في برقية دبلوماسية بعثها السفير الذي خلف طوف، موشيه أفيدان، إلى مدير دائرة أميركا اللاتينية في الخارجية الإسرائيلية، يوئيل بار – رومي.

وأضاف ماك أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة كانت ضالعة في انقلاب بينوشيه وتوليه الحكم، "إلا أن دولة إسرائيل كانت ذات أهمية بالغة من أجل بقاء هذا النظام 17 عاما. وخلال هذه السنوات كانت البلاد تخضع لحالة طوارئ دائمة أو لحصار، وشن نظام بينوشيه خلالها حربا متواصلة ضد مواطني ومواطنات تشيلي. ودفع الملاحقون من النظام وضحاياه ثمن تعاون عدد من الدول، وبينها إسرائيل، مع النظام".

فقد تعرض عشرات آلاف المواطنين في تشيلي لأشد أصناف التعذيب، والآلاف منهم قُتلوا أو اختفوا. ولا يوجد في الوثائق التي كشفتها الخارجية الإسرائيلية أي توثيق لإنقاذ طوف لمواطنين تشيليين ملاحقين من النظام، كما لم تشمل الوثائق أي معلومات حول عمل السفارة الإسرائيلية في فترة طوف، "باستثناء دفع صفقات أسلحة والتصويت في الأمم المتحدة". كما أن البرقيات الدبلوماسية التي بعثها طوف تظهر أن يعتقد أن الانتقادات لبينوشيه "ليست نزيهة".

ولفت ماك إلى أن طوف أسس التعاون بين إسرائيل ونظام بينوشيه، "رغم أنه يستحيل عدم العلم بجرائمه أثناء ارتكابها". ففي أعقاب الانقلاب مباشرة، اعتقل 40 ألف مواطن تشيلي خلال أيام، وجرى احتجاز حوالي 7 آلاف سجين سياسي طوال شهرين في استاد العاصمة سنتياغو، الذي تحول إلى مركز تعذيب جماعي. ونشرت وسائل إعلام في العالم تقارير حول عمليات التعذيب هذه، ما أدى إلى فرض عقوبات وتنديد دولي.

التعليقات (0)