انقسام داخلي وتباين خارجي.. هل ينتخب لبنان رئيسه الأربعاء؟

profile
  • clock 12 يونيو 2023, 3:04:34 ص
  • eye 886
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في ظل انقسامات داخلية وتباينات خارجية، يعقد مجلس النواب اللبناني، الأربعاء المقبل، جلسته الـ12 في محالة لانتخاب رئيس جديد للبلاد ينهي نحو 7 أشهر من الفراغ الرئاسي منذ أن انتهت ولاية ميشال عون الرئاسية نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويشهد لبنان أجواء سياسية مشحونة بين الفرقاء، مع بروز اسم الوزير الأسبق جهاد أزعور مرشحا للمعارضة ومعظم القوى المسيحية، مقابل النائب والوزير السابق زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجة مرشح الثنائي الشيعي "حزب الله" و"حركة أمل" وحلفائهما.

ومنذ سبتمبر/ أيلول 2022، فشل البرلمان خلال 11 جلسة آخرها بتاريخ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبنان.

وبموجب النظام السياسي المعمول به والقائم على التوزيع الطائفي، يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، فيما يترأس مسلم سني الحكومة ويقود مسلم شيعي مجلس النواب.

أزعور وفرنجية

بعد ساعات من إعلان 32 نائبا من قوى "المعارضة" و"التغيير" دعمهم ترشيح أزعور، حدد رئيس البرلمان، زعيم "حركة أمل"، نبيه بري الجلسة 12 لانتخاب الرئيس.

ويشغل أزعور منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وسبق وأن تولى منصب وزير المالية في حكومة فؤاد السنيورة بين عامي 2005 و2008.

وتتألف قوى المعارضة من كتل نيابية، أبرزها "الجمهورية القوية" و"الكتائب" و"تجدد" إضافة إلى شخصيات مستقلة، بينما انبثقت قوى "التغيير" عن احتجاجات شهدتها بيروت عام 2019.

والسبت، أعلن رئيس حزب "التيار الوطني الحر" (18 مقعدا من 128- تيار الرئيس السابق ميشال عون) جبران باسيل الحليف السابق لـحزب الله" أنه سيصوّت لصالح أزعور.

وإضافة إلى "التيار الوطني الحر"، تتوافق مع أزعور كتل مسيحية وازنة أبرزها حزبا "القوات اللبنانية" و"الكتائب".

وباسم 32 نائبا معارضا، اعتبرت المعارضة، في بيان الأحد، أن "أزعور اسم وسطي غير استفزازي لأيّ فريق في البلاد، وهو ليس مرشح المعارضة فقط وليس مرشحا حصريا لأيّ من الكتل، ولديه القدرة على جمع 65 صوتا في الجلسة المقبلة".

وبحسب المادة 49 من الدستور، يتعين على المرشح لمنصب الرئاسة الحصول في دورة التصويت الأولى (من التصويت خلال الجلسة) على غالبية الثلثين أي 86 صوتا، بينما يُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية.

لعبة الأرقام

وفقا للمحلل السياسي آلان سركيس، في حديث لوكالة الأناضول، فإن "الأصوات الثابتة لفرنجية هي 44 صوتا من كتل حزب الله وحركة أمل وفرنجية ومجموعة من نواب السنّة في شمالي لبنان مقربين من حزب الله ونواب مستقلين".

بينما رأى أن "أزعور يمكنه الحصول بالحد الأدنى حتى اللحظة على 60 إلى 67 صوتا في الدورة الأولى، وقد يصل في الدورة الثانية على 76 صوتا".

وأرجع سركيس ذلك إلى أن أزعور "حاصل على دعم من الكتلتين المسيحيتين الأقوى في البرلمان وهما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، إضافة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي (درزي) وعدد من لنواب التغيير والمستقلين ونواب آخرين".

وأفاد بوجود "نواب لم يعلنوا حتى الآن لمَن سيصوتون، ويقفون في الوسط، لكن المسألة باتت معروفة بين مرشح حزب الله فرنجية ومرشح المعارضة والقوى المسيحية البارزة أزعور".

واعتبر سركيس أنه "لإفشال الجلسة، يمكن أن يلجأ حزب الله في الدورة الثانية إلى تعطيل نصاب الجلسة والانسحاب منها"، وهو ما درج على فعله مع حلفائه في الجلسات السابقة، منعا لوصول مرشح لا يدعمه.

أما المحلل السياسي غسان ريفي فرجح أن "نتائج الجلسة المقبلة لن تتبدل عن سابقاتها؛ فالمعارضة تدعم أزعور بدلا من المرشح السابق ميشال معوّض، ولن يتغير شيء.. ولن يحصل أزعور على 86 صوتا ليصبح رئيسا، وبالحد الأقصى سيحصل على 55 إلى 60 صوتا".

وأضاف ريفي أن "الدورة الأولى من الجلسة ستكون بمثابة اختبار للنوايا حول الأسماء، فيما سيتم تعطيل الدورة الثانية عبر انسحاب الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) من الجلسة لتفقد نصابها".

ورغم أن الجلسة المقبلة قد لا تسفر عن انتخاب رئيس، فإن أهميتها تكمن فيما ستترجمه لعبة الأرقام على مستوى الاستقطاب السياسي والطائفي غير المسبوق منذ شغور الكرسي الرئاسي.

ويتألف البرلمان من كتل القوات اللبنانية (19 نائبا) والتيار الوطني الحر (18) وحركة أمل (15) وحزب الله (15) والمجتمع المدني أو التغييريون (13) ومستقلون (12) والائتلاف النيابي المستقل (10) والحزب التقدمي الاشتراكي (8) والوفاق الوطني (5) والكتائب (4) والتكتل الوطني المستقل (3) والأرمن (3) وحركة الاستقلال (2) والجماعة الإسلامية (1).

مقايضة باريس

وربما تؤثر القوة الإقليمية والدولية المعنية بالملف اللبناني على جلسة الانتخاب المقبلة، ولا سيما أعضاء "اللجنة الخماسية" التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وقطر ومصر والسعودية، بالإضافة إلى دور إيران والنظام السوري.

وقالت الكاتبة والمحللة السياسية روزانا بومنصف لموقع "الجزيرة نت" إن باريس تلقت ضربة معنوية بعدم نجاح مبادرتها التي كانت تقوم على المقايضة التالية: انتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية مقابل تكليف الدبلوماسي نواف سلام رئيسا للحكومة، مع ترتيبات محاصصة حول الحقائب الوزارية والبنك المركزي ومراكز بمؤسسات الدولة.

وأضافت أن تلك المعادلة أثارت غضبا واستياء قوى سياسية معادية لفرنجية، وتحديدا القوى المسيحية، فدعمت أزعور كرد فعل على موقف فرنسا الداعم لفرنجية.

أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسين أيوب فلا يرى أن ثمة تغيرا جوهريا في موقف فرنسا، مضيفا أن لباريس حسابات كبيرة في لبنان، و"فرصة فرنجية الفرنسية تتراجع".

مصالح واشنطن

يستبعد أيوب أن تتورط واشنطن في تسمية رئيس للجمهورية، حتى لا تتحمل المسؤولية إذا فشل أي رئيس جديد، وإن كان لديها حتما مرشحها المفضل، لكنها ترحب بأزعور وإن كانت لا تمانع بوصول فرنجية، فهي على قناعة بأن أي رئيس ماروني سيكون حريصا على أفضل علاقة مع واشنطن وضمان مصالحها في لبنان.

كما ترى بومنصف أن واشنطن لا تتدخل في الملف الرئاسي؛ فأولوياتها الدولية كثيرة في ظل الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا، مضيفة "واستنادا للتجارب السابقة، تخشى واشنطن أن تدعم رئيسا ثم تقاطعه شريحة طائفية وسياسية في لبنان".

ومنذ 2019، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة، في ظل انهيار سعر صرف العملة المحلية الليرة، وشح شديد في سلع أساسية، إضافة إلى هبوط حاد في القدرة الشرائية.

صمت الخليج

وبخصوص موقف دول الخليج العربي، قال أيوب إن دولتين خليجيتين معنيتين بالملف الرئاسي، هما: السعودية وقطر.

أما بومنصف فرأت أنه "طالما لم تعلن الدول الخليجية موقفا رسميا داعما لأي مرشح، وإن كانت لديها أفضليات ضمنية، فإن ذلك يعني أنها لا تدفع بمبادرات معينة، بل تفضل أن تتحمل القوى اللبنانية مسؤولية خياراتها".

فيما يرى المحلل السياسي توفيق شومان أن الدول الخليجية المهتمة بالملف اللبناني تريد شخصية تحظى بتوافق حولها، دون تحديد كيفية تحقيق ذلك، مرجحا ميلها لشخصية كقائد الجيش (العماد جوزيف عون) وإن لم تعلن ذلك.

طهران والأسد 

وبشأن موقف إيران، اعتبرت بومنصف أن طهران تترك لحليفلها "حزب الله" مسألة حسم الملف الرئاسي.

فيما قال شومان إن إيران لا تتدخل في الملف الرئاسي، "لكن إذا ذهب الصراع لمحاصرة حزب الله وفرض مرشح تحدٍّ عليه، فلن تقبل طهران بذلك".

واعتبر أيوب أن طهران لا تتدخل لأنه توجد "ثقة إيرانية بحزب الله وأمينه العام (حسن نصر الله)، وبالتالي لا تكتفي طهران بتبني موقفه من القضايا اللبنانية، بل تأخذ برأيه في قضايا إقليمية باعتباره حجر زاوية بمقارباتها الاستراتيجية".

أما بالنسبة لموقف نظام بشار الأسد في سوريا، فلا ترى بومنصف أن لدمشق دورا في الملف الرئاسي، لكنها قالت إن هذا "لا ينفي طموح دمشق باسترداد لبنان لحضنها، طالما أن حزب الله يقوم بواجب دعم فرنجية".

واعتبر شومان أن أولويات نظام الأسد تبقى دعم "حزب الله" لفرنجية، وهناك علاقة تربط دمشق معه تعود إلى فرنجية الجد، مضيفا أنه "لا فرنجية ولا الأسد على استعداد للتفريط بهذه العلاقة المركبة سياسيا وشخصيا".

وأردف: "وبالتالي فإن فوزه (فرنجية) بالرئاسة، رغم تراجع حظوظه، قد يحدث تطبيعا استثنائيا بالعلاقة اللبنانية السورية بعد سنوات من القطيعة، وهو ما يطمح إليه الأسد الذي يسعى لتحقيق مكاسب بتوسيع أطر الانفتاح العربي عليه".

وفي 19 مايو/ أيار الجاري، شارك الأسد في قمة جامعة الدول العربية الأخيرة بالسعودية، للمرة الأولى منذ 12 عاما، حين جمدت الجامعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 مقعد سوريا، ردا على قمع الأسد لاحتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

التعليقات (0)