بعد اعتماد دستور سعيد.. خريطة طريق تونس يلفها الغموض (تحليل)

profile
  • clock 26 يوليو 2022, 6:32:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بينما يترقب التونسيون إصدار النتائج الرسمية للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، قدرت إحصاءات محلية تمريره والعمل به، وعليه يتوقع متابعون أن تكون خطوات الرئيس قيس سعيّد الأولى هي استصدار بقية النصوص القانونية.

وأمس الاثنين، قال حسن الزرقوني مدير مؤسسة "سيغما كونساي"، في برنامج على القناة الأولى للتلفزيون الرسمي، إن 25 بالمئة من الناخبين شاركوا في الاستفتاء، وإن "92.3 بالمئة من المشاركين في التصويت قالوا نعم لمشروع الدستور الذي طرحه الرئيس قيس سعيد".

وبعد انطلاق التصويت، صباح الاثنين، ألمح سعيّد إلى خطواته المقبلة، وقال في كلمة ألقاها من مركز الاقتراع: "سيتم وضع قانون لانتخاب أعضاء المجلس النيابي ومجلس الأقاليم والجهات (البلديات) وفق ما جاء في الدستور (المرتقب اعتماده)، يمكّن الذين همشوا وغيّبوا تماما من المشاركة في صنع القرار".

ولا تزال مرحلة ما بعد اعتماد الدستور الجديد، هاجسا لدى المجتمع المدني، حيث لا يزال الغموض قائما حول الخطوات المرتقبة لسعيّد، وكيفية تعامله مع المعارضة، وطريقة الإدارة الانتخابية لمجلسي النواب والأقاليم والبلديات، ومدى نجاعة الحلول الاقتصادية المقترحة من الحكومة.

قوانين جديدة

يرى الباحث السياسي المازري طبقة، أن سعيّد "سيشرع في توضيح تفاصيل القوانين الجديدة بعد اعتماد الدستور بطريقة رسمية".

ويقول طبقة للأناضول: "بعد اعتماد الدستور الجديد سيتم استصدار النصوص القانونية الملائمة له، خاصة ما يتعلق بمجلس الأقاليم والبلديات وتوضيح ما يخص التركيبة وطريقة الانتخاب".

ويضيف: "القانون الانتخابي ومجلة الجماعات المحلية (البلديات) ستكون محل نظر من جديد، لأن الدستور الجديد غيّر وجهة النظر تجاه الجماعات المحلية كسلطة محلية، ولا يزال الغموض يكتنف عملية تنقيح القوانين أو إلغائها".

ويتابع طبقة: "الدستور عبارة عن مجموعة من النصوص والفصول التي يتم تطبيقها عبر أوامر وقوانين توضيحية".

أزمة الاقتصاد

برأي طبقة فإن الدستور الجديد "لم يتوسّع في تناول الجوانب الاجتماعية والاقتصادية".

ويتابع: "رؤية رئيس الجمهورية تعتبر أن الدستور هو روح القانون، ولا يتحدث عن الجانب الاقتصادي، لكنه في الوقت نفسه يتحدث عن مجلس البلديات والأقاليم، ضمن رؤية اجتماعية واقتصادية يمكن أن تغيِّر المنوال الاقتصادي بالكامل بالنظر إلى مسألة الأقاليم".

ويضيف: "النصوص التوضيحية للرؤية الجديدة لازمة، لأن الحديث عن الأقاليم يشير إلى أن كل إقليم ستصبح له القدرة والأهلية للنهوض، والاستقلال بميزانيته الخاصة في إطار الميزانية العامة".

ويستطرد: "نظام الأقاليم يمكن أن يكون له دور التمييز الإيجابي الذي أضر بالجهات المحرومة أكثر من أن ينفعها".

دور الأحزاب

يشير طبقة، إلى "الدور الضعيف" المتوقّع للأحزاب التونسية في المشاركة بإدارة البلاد، بعد اعتماد الدستور الجديد.

ويقول: "الدستور الجديد لا يتحدث عن سلطات بل وظائف، وللغرفتين الأولى والثانية دور تشريعي بامتياز دون التدخل في تسيير الشأن اليومي للبلاد".

ويردف: "التسيير سيكون بيد رئيس الجمهورية، ويستعين بذلك بحكومة يكون لها رئيس وأعضاء، ومجلس النواب لن يكون له إلا التصويت على مشاريع القروض كما كان قبل 2011".

ويزيد: "هذا يمكن أن يحرم الأحزاب من المشاركة في مصير البلاد، من خلال الكتل النيابة الموجودة بالصيغة القديمة، فالأحزاب لن يكون لها دور كبير".

ويكمل: "حتى الأحزاب التي تشهد صعودا في عمليات سبر الآراء لن يكون لها شأن كبير، لأن السلطة التشريعية دورها المصادقة".

ويمضي بالقول: "السلطة الرقابية بقيت موجودة، لكن مع بعض التحفظ".

دستور الشعب

يعتبر طبقة أن الحقوق والحريات أصبحت أمرا واقعا بقرار الشعب الذي يعد أعلى من الدستور.

ويؤكد أن "السلطة الأصلية الوحيدة هي للشعب الذي استردها كاملة، وأصبح هو الراعي الأساسي للحقوق والحريات".

ويوضح: "كلما كان هناك تهديد للحريات والتعبير، عاد الشعب بجميع مظاهره المدنية إلى الشارع لكي يسترد ذلك المكسب".

 عدم توازن

أما الناشط السياسي سهيل مديمغ، فيرى أن مشروع الدستور الجديد "لا يجيب عن مسائل الأزمة الاقتصادية".

ويقول مديمغ للأناضول: "تونس تعاني من أزمات اقتصادية هيكلية مزمنة ترافقت مع أزمة اقتصادية عالمية، ولهذا فالعائدات النقدية في أدنى مستوياتها".

ويضيف: "تونس تعاني من عدم توازن اقتصادي على مستوى الميزان التجاري، الأمر الذي يجعلها تعيش دوريّا أزمات تجلت أخيرا في نقصان بعض المواد الأساسية والأدوية، وبلغنا درجة التهديد بعدم القدرة على الإيفاء بتكاليف السلع التي يمكن توريدها".

ويتابع: "الدستور في حد ذاته لا يجيب عن هذه المسائل الاقتصادية ويرحلها على مستوى القرار إلى رأس السلطة التنفيذية الذي لن يحاسَب على الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية".

ويستدرك مديمغ: "من سيحاسب هي الحكومة التي لا تتخذ قرارات تنفذ فقط، فالقرارات فوق المحاسبة ومعصومة من الخطأ".

ويردف: "تحاسب الحكومة حال الفشل، لكن يمكن لرئيس السلطة التنفيذية أن يحصّن كذلك نشاط الحكومة بحل البرلمان، وله كل الصلاحيات لتعطيل جميع آليات الرقابة، حتى رقابة الحكومة يمكن أن يعطلها بحل البرلمان، بل يستطيع حل الحكومة".

ويكمل: "عندما تكون هناك أزمة يمكن أن يتم التضحية بالحكومة والبرلمان باعتبار وظيفتيهما التنفيذية والتشريعية".

مواجهات المعارضة

وبشأن تعامل سعيّد مع المعارضة يرى مديمغ أن "استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية سيؤول حتما إلى أزمات مع القوى السياسية المعارضة".

ويقول: "ستعمل الأحزاب المعارضة على فضح ممارسات الحكومة ومحاولة إسقاط هذه المنظومة، والمنظومة ليس لها إلا القمع والتضييق ومصادرة الحقوق والحريات".

ويضيف: "هو دستور يعطي سلطات قصوى فوق المحاسبة والمراقبة، ورئيس الجمهورية هو الذي يقرر، باعتبار أن قراراته مصدرها جهات مانحة ومقرضة ونحن تبعٌ لها".

حلول مطروحة

ويشير مديمغ، إلى جملة من الحلول المقترحة للخروج من الأزمة في تونس.

ويلفت إلى أن "كل الميادين ملغومة، لكن هناك أنشطة لا بد أن تقوم بها الدولة لتعديل توزيع الثروات بين الفئات والمواطنين والبلديات".

ويشدد مديمغ على أنه "لا بد أن تتمسّك الدولة بمجالات الصحة والتعليم والنقل".

ويختم أن "على الدولة أن تتخلى عن تفكيك النسيج الخدماتي وتعطيل التعيينات الجديدة، بدعوى الضغط على التكاليف ورفع الدعم".

التعليقات (0)