تحديات البيئة تحمل وعدا فريدا لتعاون الخليج وإيران.. نظرة على الواقع

profile
  • clock 15 يوليو 2023, 1:51:06 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

رغم التحديات والاختلافات، تحمل الدبلوماسية البيئية وعدا فريدا لمنطقة الخليج وإيران، حيث قد يبني الحوار على أسس بيئية اتصالات روتينية بين الحكومات في المنطقة ويكون بمثابة آلية لبناء الثقة، كما يمكن أن يؤدي إلى إقامة علاقات اقتصادية في المستقبل، حتى إذا لم يسفر الحوار عن تعاون بيئي كبير، فإنه سيخدم أهدافًا أخرى.

ما سبق كان خلاصة تقرير نشره "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS"، وترجمه "الخليج الجديد"، مؤكدا أن التحديات البيئية في منطقة الخليج وإيران، وأبرزها ارتفاع درجة حرارة الأرض في المنطقة بوتيرة أسرع من بقية أنحاء العالم، وزيادة العواصف الترابية بسبب هذا الارتفاع، وتحديات المياه، يمكن أن تمثل نقطة التقاء للأنظمة السياسية التي لا تزال تحمل تباينات حساسة في المنطقة، سواء بين دول الخليج العربي، أو بينها وبين إيران.

وحتى الآن، لا يزال صناع السياسة يقللون من فائدة الدبلوماسية البيئية، رغم أنها دبلوماسية منخفضة التكلفة، ومن شأنها المساهمة في تطبيع العلاقات بين الخصوم على أرضية الوحدة لمواجهة المخاطر البيئية التي تعم الكل ولا تفرق بين الأنظمة وتعبر الحدود.

ويرى التقرير، الذي كتبه كل من ويل تودمان، لبنى يوسف، ومنة عبدالوهاب، أن الولايات المتحدة قد يكون لها دور تلعبه في تعزيز مثل هذا الحوار والاهتمام بنجاحه.

ومن شأن المشاركة الأمريكية الأكبر في القضايا البيئية أن تساعد الولايات المتحدة في إعادة تشكيل صورتها بالمنطقة، وإثبات قدرتها على لعب دور إقليمي منتج، ودعم استراتيجياتها لتعزيز التكامل الإقليمي وتعزيز خفض تصعيد التوترات في الشرق الأوسط.

 

الإجهاد المائي

تعد هذه المشكلة هي الأبرز في منطقة الخليج وإيران، حيث تعاني الدول الثماني المحيطة بالخليج من إجهاد مائي مرتفع أو مرتفع للغاية. البحرين هي الأكثر تضررا ، مع إجهاد مائي بنسبة 3878%، مما يعني أنها تسحب 38 ضعف كمية المياه التي يتم توفيرها من الموارد المتجددة كل عام.

تمتلك إيران موارد مائية طبيعية أكبر، لكن الوضع يتدهور بسرعة.

وفي يونيو/حزيران الماضي، كتب أكثر من 200 برلماني إيراني رسالة مفتوحة تحذر من أن احتياطيات المياه في مقاطعتين ستنفد في غضون ثلاثة أشهر، مما سيتسبب في "كارثة إنسانية".

وقد أدى نقص المياه إلى عدم الاستقرار السياسي ، مما أثار حركات احتجاجية واسعة النطاق في كل من إيران والعراق.

وهناك خصيصة تتميز بها تلك المنطقة وهي أن معظم موارد المياه يتم تقاسمها، فجميع أنظمة طبقات المياه الجوفية المحددة في شبه الجزيرة العربية مشتركة بين السعودية وواحدة من جيرانها على الأقل.

أيضا، إيران بلد أعلى النهر لحوض دجلة وشط العرب ، وهما مصدران مهمان لمياه العراق.

لذلك، فإن التعاون حول الموارد المائية أمر حتمي لدول منطقة الخليج وإيران.

 

التلوث الهوائي والبحري

تلوث الهواء هو أيضا مصدر قلق إقليمي رئيسي، فبالإضافة إلى تكلف اقتصادات الدول مليارات الدولارات كل عام من خسائر الناتج المحلي الإجمالي، أدت العواصف الترابية المتكررة بشكل متزايد إلى إعاقة الطائرات في العراق، وأوقفت الحركة البحرية في الكويت، وخفضت خصوبة التربة في إيران.

ويشكل التلوث البحري مصدر قلق متزايد، فالتيارات عكس اتجاه عقارب الساعة في الخليج تجعل الكويت والسعودية عرضة لأي تسرب إشعاعي من منشأة بوشهر النووية الإيرانية، المعرضة للزلازل لأنها تقع عند تقاطع ثلاث صفائح تكتونية.

قد يؤدي التلوث الخطير للخليج إلى خطر حدوث أزمة مياه في السعودية، التي تعتمد على تحلية المياه من أجل الحصول على المياه العذبة.

ويقول أكاديمي عراقي إن الحرارة الشديدة والعواصف الترابية ستقوض إنتاج النفط في المنطقة، حيث لن يتمكن العمال من الخروج في ظل هذه الظروف.

لا يمكن معالجة أي من هذه القضايا بشكل مناسب من جانب واحد، وستنتشر عواقب التدهور البيئي في جميع أنحاء المنطقة، ولهذا فالدبلوماسية البيئية في المنطقة ستكون أمرا واقعا.

 

الواقع غير مبشر

ورغم أن التعاون البيئي هو الحل الواضح لهذه الاهتمامات المشتركة، لكنه يظل صعبًا من الناحية العملية، كما يقول التقرير.

وعلى الرغم من أن القضايا البيئية تكتسب اهتمامًا غير مسبوق بين الجمهور، تميل الحكومات إلى قيادة السياسات التي لها مشاركة محدودة مع خبراء المجتمع المدني أو العلماء، وهناك القليل من التعاون على المستوى الإقليمي.

ويضيف أن معظم الإجراءات البيئية في الخليج هي من أعلى إلى أسفل ومن جانب واحد.

ويرى التقرير أن المنافسة على القيادة المناخية الإقليمية بين دول مجلس التعاون الخليجي تقوض آفاق التعاون الإقليمي.

وعلى سبيل المثال، تسعى السعودية والإمارات إلى الانخراط في قضايا المناخ كقوى وسطى ومتابعة دور قيادي في المناخ في الشرق الأوسط وما وراءه.

وفي بعض الأحيان، هددت هذه المنافسة بعرقلة العمل.

وفي عام 2021، ورد أن السعودية ضغطت على الإمارات لعدم توقيع صفقة كبيرة للطاقة الشمسية مع إسرائيل والأردن، لأن ولي العهد السعودي شعر أنها تقوض خططه لقيادة المناخ الإقليمية.

أما إيران، ورغم أنها اعترفت رسميًا بتغير المناخ باعتباره تهديدًا وجوديًا، لكنها تعطي الأولوية للعمل في مجالات أخرى.

ويقول وزير عراقي سابق: "قد لا تشعر إيران أن لديها رفاهية الاستجابة للقضايا البيئية، لأن لديها أولويات أكثر إلحاحًا، مثل التحديات الأمنية الناجمة عن التهديدات الأمريكية لنظامها".

ويشهد العراق آثار تغير المناخ والتدهور البيئي بشكل مباشر لجميع دول الخليج ، من نقص المياه إلى العواصف الترابية المنهكة. ومع ذلك ، فإن الحكومة لا ترى حتى الآن تغير المناخ كتهديد وجودي.

تظهر دول الخليج الأصغر مستويات مختلفة من التركيز البيئي. لقد تأخرت دول مثل البحرين والكويت إلى حد كبير عن اللعبة وتنتظر جيرانها لقيادة العمل المناخي.

 

الظروف مواتية للإصلاح

وفي الختام، يرى التقرير أن الظروف جاهزة حاليًا للضغط من أجل الدبلوماسية البيئية، حيث يمثل العمل البيئي الإقليمي أولوية متزايدة لدول الخليج، وأدوات معالجة بعض القضايا البيئية متاحة بسهولة، واتفاقيات التطبيع الأخيرة تخلق زخمًا جديدًا للدبلوماسية الإقليمية.

تحظى القضايا البيئية باهتمام غير مسبوق بين مختلف السكان والحكومات في الخليج.

وتعتبر درجات الحرارة القياسية ونقص المياه والعواصف الترابية المتكررة دليلاً واضحًا للجمهور على تغير المناخ.

وتُظهر "مبادرة الشرق الأوسط الخضراء" طموحات السعودية في التعامل مع قضايا المناخ خارج حدودها، بينمت سيضم مؤتمر المناخ COP28 في الإمارات سلسلة من المناقشات الجانبية حول قضايا المناخ الإقليمية، وإيران لديها مصلحة واضحة في التعاون الإقليمي بشأن العواصف الرملية والترابية.

ويختم التقرير بالقول: إنها اللحظة المناسبة لاستخدام التعاون البيئي كتدبير لبناء الثقة، حيث سيصبح التعامل مع القضايا البيئية أكثر صعوبة بعد عقد من الآن، وسيكون انتقال الطاقة قد تقدم بشكل كبير وستتطلب القضايا البيئية المتبقية المزيد من التحولات الأساسية في سلوك دول الخليج.

التعليقات (0)