تركيا الحل لخروج المملكة العربية السعودية من حرب اليمن

profile
  • clock 4 مارس 2021, 1:20:30 ص
  • eye 897
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01



من المتوقع العودة السريعة للعلاقات بين أنقرة والرياض، وهذا لأن القطيعة استثناء ولا يمكنه أن يظل طويلا لأنه يمثل عدم اتزان في العلاقة بين البلدين، وعدم الاتزان ينتهي الي الاتزان المستقر من خلال العلاقات القوية بينهما. البلدان بهما عوامل مشتركة داعمة للرابطة بينهما، والقطيعة السياسية المؤقتة تمثل استثناءا يستغربه التاريخ السياسي والإنساني.

يساعد على سرعة تحقيق مبادرة متوقعة من الأمير بن سلمان نحو عودة العلاقة مع تركيا أنه في مرحلة ارتكاز سياسية وقد بدأت تتبلور من خلال محاولته استقلالية قرار المملكة بعيدا عن التبعية والتي لم تكن موضع ترحيب من المحللين السياسيين. فقد اكتسب ولي العهد الشاب نظرة واعية وأكثر إدراكا لدهاليز السياسة الدولية، وأطن أن حنكته والتي اكتسبها من أخطاء الماضي تجعله يتلمس طريقا للمملكة نحو تحقيق خطط التنمية والتي تمناها ولكن السياسة الغامضة ممن اقتربوا منه أفسدت الكثير.

تركيا ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية لاعبا سياسيا قويا وواضحا فيما يخص المنطقة العربية عكس الغموض المريب من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والذين ظلوا يلعبون، كمثال، في الجمهورية الليبية بين الحكومة الشرعية وبين العسكري المتمرد والذي كان يحاول السيطرة علي الحكم بدعمهم المفضوح. دخلت تركيا الي ليبيا لتبدأ موازين الاعتدال من أجل الشعب الليبي. ولجأ بعض المحللين الي أقوال كثيرة ومتعددة لتبرير الاقتراب الليبي التركي، وهذا ليس موضعه هنا. النتيجة الواضحة من هذه العلاقة بين البلدين أن الاقتتال داخل ليبيا الي زوال ليصبح من الماضي. وقد عهدنا طوال سنوات الاقتتال أوروبا وهي تلعب بسوء بما يحقق توازنا في القوة العسكرية بين السلطة الشرعية وبين العسكري المتمرد لكي تمتد الحرب بلا نهاية ليستمر بيع السلاح الي كلا الطرفين بما يخالف ما يتقوّلونه من فض من مبادئ إنسانية لا وجود لها لغيرهم. فقد كانت الحرب الليبية كما الحرب في اليمن مصدر اقتصادي قوي، وقد وضح المأزق الفرنسي من خيبتها لتأجيج الصراع في سورية علي حدود تركيا جنوبا وبعدما خسر العسكري المتمرد توقف توريد السلاح الفرنسي الداعم له، لتهاجم فرنسا تركيا وقد تمدد الهجوم الفرنسي ليطال الإسلام كعقيدة.

هل نجحت تركيا في ليبيا؟ نعم وباقتدار ودليل ذلك ذهاب القاهرة الي طرابلس لبدء صفحة جديدة في العلاقات والتي ساءت بين ليبيا ومصر بسبب دعم الأخيرة للعسكري المتمرد بتحريض إماراتي، ويبدو أن القاهرة مثل الرياض تحتاج الي مراجعة شاملة للعلاقة مع محمد بن زايد ونصائحه.

نأتي الي الحرب التي لم يرَ شعب اليمن – أصل العرب – لها مثيلا. فهل تعي تركيا مخرجا للمملكة العربية السعودية من مستنقع الحرب وفي ذات الوقت تقوم تركيا بتقريب اليمنيين بما يجعلهم شركاء الوطن دون طوأفة الحكم (طائفية الحكم السياسي)، كما هي الحال في لبنان والعراق. انظروا الي لبنان وكيف سحقته الطائفية وعلى ذات المسار يخطو العراق في طريقه إليها.، وهذه إحدى المحاذير والتي على أوطاننا الابتعاد عنها. هي فكرة جون كيندي وأراد تنفيذها في أوطاننا ولكن اغتياله أوقف تنفيذ الفكرة وقتها.

لا أتعرض لماضي الحرب وكيف بدأت ومن حرّض المملكة العربية السعودية لدخولها من الأبواب الحالية للحرب. نحن الآن أمام معالجة نتائج الحرب والتي غيرت الخريطة الاقتصادية والإنسانية في اليمن والمملكة معا. فكم الشهداء أعداد لم تشهدها اليمن في تاريخه حتي أثناء دخول جمال عبدالناصر بالجيش المصري ضد إمام اليمن بما لم يقبل المصريون. للأسف، استنفد عبد الناصر طاقة جيش مصر مما أوقعها في أذل هزيمة من العصابات التي تحتل فلسطين. ولذلك، اتخاذ قرارات الحروب ليس سهلا ولا يمكننا بناءه من مقارنة قوتنا بقوة من نود الاقتتال معه. بضع مئات من المقاومين الفيتناميين حاصروا عشرة آلاف من الجيش الفرنسي المحتل وأجبروا فرنسا علي ترك وطنهم، لتنال الولايات المتحدة ذات الخروج المذل من فيتنام.

خاضت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترمب – المتأهب الي الرحيل – تحريضا للمملكة العربية السعودية، كما أعلم، بما يحقق لها الحصول علي أكبر قدر ممكن من المال السعودي من خلال بيعه للمملكة أسلحة لاستخدامها في اليمن وكانت النتيجة ضياع الأموال وازدياد عمق المستنقع بما يزيد من صعوبة خروج المملكة العربية السعودية. المملكة حاولت مرارا الخروج من حرب اليمن لسبب مهم وهو أن خطة المملكة لم تكن الحرب من أجل الحرب بل الحرب الخاطفة لعودة اليمن الي الاستقرار بما يجعل جنوب المملكة آمنا. ولكن الأمير محمد بن سلمان لم يجد ناصحا أمينا.

المتتبع للسياسة الخارجية التركية يلحظ براعة أداء وزارة الخارجية والتي يمكنها احتواء حتي الذين يناصبون تركيا العداء. هذا النجاح الدبلوماسي الفريد جعل تركيا متميزة في تركيزها علي التغلب علي كثير من المشاكل التي تواجهها. فتركيا بذكاء أدائها أنهى الصراع الليبي. وبما أن الحرب في اليمن تشبه الي حدٍ ما الحرب في ليبيا، وتحتاج عملية انهاء حرب اليمن التعاون السعودي التركي لكي تخرج السعودية من ذلك المستنقع البغيض. في حرب اليمن، إيران لها كلمتها القوية، ولكن المملكة العربية السعودية وإيران قد يأبى أحدهما مخاطبة الآخر. أما تركيا وبعودة العلاقة بين الرياض وأنقرة تجيد الجلوس بين كل الأطراف بمن فيهم أبناء اليمن. ربما نحتاج الي استبعاد بعض الشخصيات السياسية اليمنية والتي كانت مصدرا واضحا في تفاقم الحرب، وأقصد تحديدا الرئيس عبدربه منصور هادي، الرجل عاش نائبا للديكتاتور علي عبد الله صالح ثم صار رئيسا طوال سنوات الحرب وهو أحد صانعيها، من قراءتي للمشهد اليمني، ثم نطلب منه أن يطفئها!! هذا شيء لا يحتمله العقل والقلب معا.

إذن، فتركيا قادرة بخبرتها أن تعين المملكة العربية السعودية على الخروج من حرب اليمن، وأظن أن تركيا سوف تتحرك دبلوماسيا فور عودة العلاقات بين البلدين.


كلمات دليلية
التعليقات (0)