ترويض أم اعتراف بالدور.. أوروبا تنشد مظلة سلام بأجنحة التنين الصيني

profile
  • clock 5 أبريل 2023, 3:33:13 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

علاقات متوترة بين أوروبا والصين شابت السنوات الأخيرة لتتعقد على صخرة الأزمة الأوكرانية، إلا أن استراحة قصيرة لإطفاء نيران التوتر، والتقاط الأنفاس بدأت للتو.

فالصين باتت قبلة قادة أوروبيين مؤخرًا، شدوا الرحال إليها، عازمين على تقليل اعتماد القارة العجوز على التنين الصيني في القطاعات الاستراتيجية مثل الاتصالات وتعزيز الروابط التجارية معها في مجالات أخرى.
 

وتوترت علاقات أوروبا مع الصين في السنوات القليلة الماضية، وبدأ التأزم يشتد بتعثر اتفاق للاستثمار في عام 2021 ثم رفض بكين إدانة روسيا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.

إلا أن قادة أوروبيين اتخذوا خطوة نحو تقليل التوترات مع الصين التي تنامى دورها مؤخرًا بصفتها صانع سلام، بوضع النقاط على الحروف، في قضايا عدة؛ بينها الأزمة الأوكرانية، والتبادلات التجارية في قطاعات مختلفة.

فماذا حدث؟

في مستهل زيارة دولة للصين اليوم الأربعاء، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه ينبغي على أوروبا أن تقاوم الحد من العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الصين، في مسعى لتفنيد أي شعور بوجود "دوامة لا مفر منها" من التوتر بين بكين والغرب.

وقال ماكرون إن الحفاظ على الحوار مع الصين أمر مهم نظرا لعلاقاتها الوثيقة مع روسيا التي تخوض حربا في أوكرانيا.

وردا على سؤال حول مخاوف الغرب من احتمال أن تفكر بكين في إرسال أسلحة إلى موسكو، قال ماكرون إن أي دولة تفعل ذلك ستكون متواطئة في انتهاك للقانون الدولي، مضيفًا: "ليس من مصلحة الصين أن تكون في حرب دائمة".

وقال ماكرون للصحفيين عند السفارة الفرنسية في بكين: "هناك أصوات تعلو وتعبر عن قلق شديد إزاء مستقبل العلاقات بين الغرب والصين وأدت بشكل ما إلى استنتاج أن هناك دوامة لا مفر منها من التوترات المتفاقمة".

وأشار إلى أن هناك انطباعا بأن الانفصال عن الاقتصاد الصيني يجري بالفعل وأنه لم يتبق سوى تحديد وتيرة ذلك وشدته، مضيفًا: "لا أصدق، بأي حال من الأحوال، لا أريد أن أصدق هذا السيناريو".

وقبيل أول زيارة له للصين منذ عام 2019، تحدث ماكرون مع نظيره الأمريكي جو بايدن بشأن التواصل مع الرئيس الصيني شي جين بينغ للتعجيل بإنهاء الحرب الأوكرانية.

وأكد ماكرون الأربعاء في مستهل زيارة دولة للصين تهدف إلى إحياء الحوار مع نظيره الصيني، أنه يمكن لبكين أن "تلعب دورا رئيسيا" لإيجاد "طريق يؤدي إلى السلام" في أوكرانيا.

وأمام الجالية الفرنسية في العاصمة الصينية في بداية هذه الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام، قال ماكرون "اقترحت الصين خطة سلام (...) وتظهر بذلك إرادة لتولي مسؤولية ومحاولة شق طريق يؤدي إلى السلام".

لكن الرئيس الفرنسي أكد ردا على أسئلة صحافيين أنه لن يهدد بفرض عقوبات خلال لقائه مع نظيره الصيني شي جين بينغ الخميس "لأن التهديد ليس الطريقة المناسبة".

وقال ماكرون إن الصين "نظرا لعلاقاتها الوثيقة مع روسيا التي أعيد التأكيد عليها في الأيام الأخيرة" مع زيارة الرئيس الصيني لموسكو "يمكنها أن تضطلع بدور رئيسي" في حل النزاع لذا فإن "الحوار" مع سلطات بكين "أمر ضروري جدا".

عدم الانفصال عن الصين

وسعى الرئيس الفرنسي الذي لم يزر الصين منذ 2019 بسبب الأزمة الصحية، إلى الابتعاد عن نهج المواجهة المعتمد من جانب الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة حيال الصين.

ويرافق ماكرون أكثر من 50 رئيس شركة فرنسية منها إيرباص وكهرباء فرنسا وفيوليا. وقال الرئيس الفرنسي إن فرنسا والاتحاد الأوروبي يجب "الا ينفصلا" عن الصين على الصعيد الاقتصادي بل المحافظة على "طريق واقعي وطموح" معها.

ولتأكيد موقف أوروبي موحد من مسألة إحياء العلاقات مع الصين، طلب ماكرون من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين مرافقته الخميس في جزء من محادثاته مع الرئيس الصيني.

  • قمة للسلام في أوكرانيا.. ماكرون يلحق بالركب متأخرا

إلا أن فون دير لاين التي تزور الصين لأول مرة منذ توليها المنصب قبل أكثر من ثلاثة أعوام، كان لها موقف متشدد من الصين؛ فقالت الأسبوع الماضي إنه على الاتحاد الأوروبي "تقليل المخاطر" في العلاقات مع بكين، بما في ذلك تقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا الحساسة وتقليل الاعتماد على الصين في المواد الأساسية.

تصريحات دفعت ماكرون إلى التأكيد في وقت لاحق على أن تقليل المخاطر لا يعني قطع العلاقات التجارية مع الصين، مشيرًا إلى أنه لا يوجد تعارض بين تقليل اعتماد أوروبا على الصين في القطاعات الاستراتيجية مثل الاتصالات وتعزيز الروابط التجارية في مجالات أخرى.

التركيز على أوكرانيا

وقال ماكرون وفون دير لاين إنهما يريدان إقناع الصين باستخدام تأثيرها على روسيا لإحلال السلام في أوكرانيا، أو على الأقل إثناء بكين عن دعم حليفتها بشكل مباشر.

واقترحت الصين هذا العام خطة سلام من 12 نقطة لحل الأزمة الأوكرانية ودعت الجانبين إلى الموافقة على خفض تدريجي للتصعيد بما يؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار، لكن الخطة لاقت رفضا من الغرب بسبب إحجام الصين عن إدانة روسيا.

وقالت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بعد ذلك إن الصين تدرس إرسال أسلحة إلى روسيا، وهو ما نفته بكين، وزادت الشكوك حول دوافع الصين بعد أن سافر الرئيس الصيني إلى موسكو لعقد اجتماعات مغلقة استمرت لساعات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي.

وقال ماكرون إنه من الضروري عدم السماح لروسيا بحوار حصري مع الصين وإن من الممكن أن تساعد بكين في التوسط لإنهاء الصراع في أوكرانيا.

فيما قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث إنه شجع شي خلال لقاء معه الأسبوع الماضي على التحدث إلى القيادة الأوكرانية والتعرف على صيغة السلام الخاصة بها.

رسالة أوروبية موحدة

ومن المتوقع أن ينقل ماكرون وفون دير لاين الرسالة نفسها بأنه من الضروري أن يتحدث شي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

الأمر نفسه أشار إليه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يوم الثلاثاء، قائلا إن الصين عليها واجب أخلاقي يحتم عليها المساهمة في إرساء السلام في أوكرانيا ويتعين عليها الإحجام عن دعم روسيا.

وأضاف بعد اجتماع مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بروكسل "الصين عليها واجب أخلاقي للمساهمة في إحلال سلام عادل.. لا يمكنها أن تنحاز للمعتدي".

وبعد التوسط في انفراجة مفاجئة في العلاقات بين إيران والسعودية الشهر الماضي، تحرص الصين على تقديم نفسها كصانعة سلام وبديلة للولايات المتحدة التي تقول إنها تؤجج النيران بإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.

التعليقات (0)