تل ليف رام يكتب: هل تقوم إسرائيل بحملات واسعة في الضفة لجمع السلاح؟

profile
  • clock 4 يونيو 2023, 4:03:13 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تجسد العملية القاسية، هذا الأسبوع، قرب مستوطنة حرمش، والتي قتل فيها مئير تماري، بنار أطلقها "مخربون" من سيارة مارة نحو سيارته في مفترق الدخول الى المستوطنة، الى جانب عمليات أخرى وقعت، مؤخراً، أن الوضع الأمني الخطير في "يهودا"، "السامرة"، وغور الأردن ليس موجة "إرهاب" عابرة؛ ففي السنة الأخيرة فقط قتل 20 إسرائيلياً.
كلما استمر هذا الميل في الفترة القادمة ايضاً يستعدون في جهاز الأمن لإمكانية ارتفاع درجة كبيرة جدا في حجم ونطاق الحملات المخطط لها. كبار الميدان وكمية المصابين في الجانب الإسرائيلي هما على ما يبدو ما سيقرر ترتيب الأمور. المواقع المحتملة للحملات يمكن أن تكون قصبة نابلس او مخيم جنين اللذين رغم انتشار "الإرهاب" الى جهات أخرى في "المناطق" لا يزالان يعملان محرك نمو مركزياً لـ "الإرهاب". يحتمل ان تكون الحملة المتوقعة بالتوازي في عدة مراكز لـ "الإرهاب".
ظاهراً، في كل هذه الأماكن يعمل الجيش منذ اليوم، على نحو شبه اعتيادي تقريبا، في مستويات لم يسبق أن عمل فيها في الماضي. لكن في حالة اتخاذ قرار تنفيذ مخططات لحملات اكبر، يحتمل ان تكون هذه حملة تستغرق بضعة ايام وتضم كميات كبيرة جدا من القوات التي ستعمل، فضلا عن المعارك مع مسلحين واعتقالات، على مصادرة الوسائل القتالية واكتشاف مختبرات المتفجرات. في اللغة العسكرية تسمى هذه "تنظيف مخيم اللاجئين".
للجهد المستقبلي "لتنظيف" نابلس أو مخيمات اللاجئين يوجد معنى يكمن في امكانية أن يكون من شأن حملات بهذا الحجم ان تؤدي الى تصعيد سريع في قطاع غزة ايضا، والى تسخين امني آخر في ساحات اخرى في الضفة، والى مواصلة تآكل مكانة السلطة الفلسطينية التي يصعب عليها منذ الآن أداء مهامها بشكل ناجع، ولا سيما في منطقة شمال "السامرة".
وُضعت خطط من هذا النوع، لحملات كبرى، في الماضي أيضاً في ذروة موجة "الإرهاب"، السنة الماضية، بما في ذلك تحت سلطة الحكومة السابقة، خاصة في ضوء العمليات التي مصدرها مخيم اللاجئين في جنين. اليوم أيضاً، في الحكومة الحالية، لا يزال هذا ليس الخيار الأول. من الواضح أن حملات من هذا النوع تأتي مع شارة ثمن ستدفعه إسرائيل من خلال المصابين، ومن خلال النقد الدولي، وبصرف مقدرات جهاز الأمن التي هو معني باستثمارها تجاه ايران في مسألة النووي وفي تموضعها في المنطقة وفي الاستعدادات اللازمة لمواجهة عنيفة قد تنشأ ايضا مع "حزب الله" في الساحة الشمالية.
في الحكومة الحالية أيضاً تفضل إسرائيل الا تغرق في مواجهة مع منظمات "الإرهاب" الفلسطينية ستمس بذلك بالجهود في ساحات أخرى. لكن الإحساس اليوم هو أن مثل هذه الإمكانية تقترب، وتصبح ملموسة اكثر مما في الماضي. ففضلا عن اعتبارات براغماتية تتعلق بالكلفة – المنفعة وهل حملة بحجم رأيناه في آخر مرة في بداية سنوات الالفين ستؤدي بالفعل الى تحسين الوضع الامني او من شأنها أن تدهوره، وهل يمكن أن نتجاهل شدة الضغوط السياسية التي على حكومة اليمين – اليمين. تلك التي هاجمت الحكومة السابقة على سياستها الواهنة زعماً بأنها أدت الى ضحايا والآن هي التي تتحمل المسؤولية، بينما ميول "الارهاب" ليس فقط لا تذوي بل تتعاظم وتتسع الى مناطق اخرى في "يهودا" و"السامرة".
موقف نجم في "القول الاسبوعي" يحتله النائب افيحاي بورون من "الليكود"، الذي بعد العملية وجه اصبع اتهام نحو الجيش. فقد قال ان "على الجيش ان يعود ليتعامل مع السلطة الفلسطينية ككيان معادٍ ويحمي الإسرائيليين في المناطق. لا ينبغي للجيش أن يبحث عن الهدوء المصطنع بل أن يبحث بين نوايا العدو الفلسطيني".
مع أن النائب بورون انتقد بقدر ما الحكومة ايضا، لكن من ناحيته، في نوع من المنطق المتغير، الجيش هو المسؤول عن الوضع الامني الصعب، بينما في فترة الحكومة السابقة انتقد الائتلاف الحالي الحكومة بشدة كمن لا تسمح للجيش بالانتصار. أما الآن، بعد أن تغير الحكم، ولا يبدو الهدوء الامني في "المناطق"، فان المذنب المركزي هو الجيش والهدوء المصطنع. نوع من الأسلوب الذي يسعى دوما لان يلقي بالمسؤولية على احد ما وليس عن ذاك الذي يمسك بالسلطة.
يجدر بالذكر أنه في الفترة الأخيرة نفذ الجيش عدة حملات لوائية. في مخيم عقبة جبر المجاور لأريحا، دخل الجيش في وضح النهار مع قوات غفيرة فيما لم يكن الهدف فقط اعتقال مطلوبين بل أيضا الكشف والمصادرة لوسائل قتالية، ومختبرات تفجير، وبنى تحتية "إرهابية" أخرى. استمرت هذه الحملات زمنا اطول وكان النشاط علنياً وليس مستعرباً. فضلا عن الاهداف نفسها، من ناحية إسرائيل كان هذا اطلاقاً لرسالة للسلطة الفلسطينية ولمنظمات "الارهاب" بان امكانية العودة الى حملات اكبر ضد "اعشاش الارهاب" توجد الآن على الطاولة اكثر من أي وقت مضى.
شكلت هذه الحملات نوعاً من الإعداد والتدريب لأعمال محتملة اكبر في المستقبل. ففي مخيم اللاجئين في جنين مثلا كانت مقاومة "المخربين" اصغر مما قدروا، ما يوفر إحساساً بالأمن لدى أصحاب القرار بأنه سيكون ممكناً أيضا القيام بحملات اكثر تعقيداً وأوسع نطاقاً، مع مقاومة اقل وإصابات اقل بين المقاتلين عندنا، بل ربما في الجانب الفلسطيني.
لا يزال الجيش، كما اسلفنا، يحدد مخيم اللاجئين في جنين والقصبة في نابلس بؤرتي "الإرهاب" المركزيتين، لكن يمكن أن نرى ميول "الإرهاب" تنتشر الى مناطق أخرى. وهي تسجل يقظة في مخيمات لاجئين اكثر هدوءاً مثل عقبة جبر ونور شمس المجاور لطولكرم والذي منه أغلب الظن خرج "المخربون"، الذين نفذوا العملية في حرمش، وقد فعلوا هذا بعد ساعات قليلة من انتهاء نشاط للجيش في المكان. في السنة والنصف الاخيرتين يعمل الجيش اكثر في تلك المخيمات، ما يزيد احياناً الدافع في اوساط "المخربين" لتنفيذ العمليات.
في الاسبوعين الاخيرين اعتقل في قيادة المنطقة الوسطى اكثر من مئة مطلوب بسبب المشاركة في "الإرهاب"، ونفذت ثلاث حملات لوائية في مخيمات اللاجئين. مهما يكن من أمر، فانه عندما لا تخبو ميول "الإرهاب" مثلما في الأشهر الأخيرة بل وتتعاظم، فان إمكانية أن تقرر إسرائيل ارتفاع درجة في طبيعة النشاط العملياتي في المنطقة، بما في ذلك حملات كبيرة في مخيمات اللاجئين، تصبح ملموسة اكثر بكثير. علامة استفهام كبرى بقيت في الهواء في المداولات التي تجرى في داخل جهاز الأمن. هل أيضاً في حال انتهت الحملات بإنجازات عملياتية تكتيكية جيدة ستؤدي الى تغيير على الأرض؟ في هذه المرحلة من الصعب أن نرى أفقاً سياسياً بين إسرائيل والسلطة، ومن المشكوك فيه ان يكون الردع وحده، مهما كان قويا تجاه منظمات "إرهاب"، سيؤدي الى تغيير في الميول السلبية الناشئة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)