جلال نشوان يكتب: المارد الأمريكي إلى أفول 

profile
جلال نشوان كاتب صحفي
  • clock 8 فبراير 2022, 3:33:24 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

اليوم ليس كالأمس ، فالولايات المتحدة الأمريكية ، تأبى أن تستفيق من حلم القطبية الواحدة ؟ !!!!
العملاقان ( الروسي والصيني ) يستعرضان قوتهما     ، ويجوبان العالم كله ،  وينتفضا على واقع الغطرسة والهيمنة الأمريكية ، بعد أن تركا الساحة لعقود  ، وانسحبا من ساحات الصراع وعلى نقيض سياسة التوسع والاحتلال التي تنتهجها الولايات المتحدة يلعب التنين الصيني اللعبة بذكاء معهود وبسلام مطلوب لشرق عانى الحروب الكثيرة, ويأخذ هذا التنين بتوسيع نشاطاته في العالم كلّه وتنفيذ مخططات إقتصادية وتكنولوجية ، ستغير الواقع و سيكون الميزان لصالح العملاق  الصيني على حساب الأمريكي المنهك اقتصاده, فهل تدور الدائر وتنقلب لصالح  التنين الصيني ؟


لقد انشغلت الولايات المتحدة الأمريكية ، خلال تاريخها البعيد والقريب حتى اليوم بالتدخل بشؤون الدول الأخرى وتسليحها وتوجيهها والتدخل العسكري بها تحت حجج وذرائع  مختلفة وذلك على حساب اقتصادها الداخلي الذي بات يعاني عجزاً نوعاً ما, حيث لم يستطع ترامب ولا بايدن من خلفه  تخطيه أو المحافظة على تعافي الاقتصاد 


الهروب الأمريكي المهين من أفغانستان وصدمة  الحلفاء من تراجع دورها في المنطقة بالتزامن مع انكفاء زمن القطبية الواحدة على حساب ظهور زمن متعدد الأقطاب يضم الصين وروسيا وايران.
فقد خاضت الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية سبعة حروب انطلاقاً من كوريا إلى فيتنام إلى حرب الخليج وأفغانستان وصولاً إلى التدخل المباشر في العراق و سوريا واليمن.
ودخلت الولايات المتحدة تلك الحروب لتخرج خاسرةً ، فهل ننسى عندما خرج العلم الأمريكي ملطخاً بالدماء ،  وفي كوريا بقيت شبه جزيرة القرم محتلة وفي فيتنام لم تستطيع انهاء الشيوعية فيها, ولم تستطيع نشر الديمقراطية, ولم تكن لتقضي على تكاثر المليشيات ، في كل من العراق وسوريا واليمن بل دمرّت تلك الأوطان مع باعة الاوطان 
واضافة للنتائج الغير رابحة والغير خاسرة في المعنى العام في تلك الحروب, إلا أنّها وفي المعنى الخاص المتعلق بجيشها وداخلها فقد ترتب على ذلك نتائج كارثية لم تأخذها في الحسبان, فقد خسرت الولايات المتحدة ألاف من جنودها في تلك الحروب, منهم من مات انتحاراً ومنهم من أدمن على المخدرات ، ولعل فرحة جنودها بالرحيل عن افغانستان خير دليل على ذلك
اللافت للنظر أن الولايات المتحدة الأمريكية التي قهرت الشعوب وحطمت ونهبت خيراتها ، ترمم من هيبتها وتتحالف مع بريطانيا واستراليا لحماية الأحواض المائية للحلفاء ( كوريا الجنوبية واليابان والفلبين )
عهد القطبية الواحدة ولى وبلا رجعة و علامات نهاية وشيكة للهيمنة الأميركية على العالم ، فهناك  إجماعاً ، ربما لدى معظم خبراء السياسة الدولية بأن المارد  الأميركي إلى أفول.
 سواء كان قراء المشهد والمحللين ،  يعزون ذلك الاضمحلال إلى خلل تعاني منه الولايات المتحدة في داخلها أو إلى بروز الصين والقوى الصاعدة الأخرى فإنهم  يميلون للاعتقاد بأن لحظة القطب الواحد ،  ستفسح المجال لنظام عالمي تسود فيه أكثر من قوة كبرى واحدة ( الصين وروسيا) 
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً : 
 متى  يأفل عالم القطب الواحد، وما الذي ستستغرقه قوة عالمية أخرى من زمن لتضاهي الولايات المتحدة أو تتجاوزها من حيث القوة والمنعة؟
إن العالم الأحادي القطب هو أحد إفرازات ،   انهيار  الاتحاد السوفياتي كليا،  وتفكك حلف وارسو، و التحول في توجهات وأولويات القادة السوفيات 

 فشل سياسة البيريسترويكا و الركود الاقتصادي الذي عرفة الاتحاد السوفياتي بسبب ارتفاع النفقات العسكرية. و تزايد نفوذ الحركات الانفصالية في الاتحاد السوفياتي وباقي دول أوربا الشرقية . بالإضافة إلى  تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في دول أوربا الشرقية ، وتخلي الاتحاد السوفياتي عن مساندة الأنظمة الشيوعية بأوربا الشرقية التي واجهت تصاعد المعارض
 وبالرغم من تفرد الولايات المتحدة الأمريكية في العالم وومارستها البلطجة وقهر الشعوب، الا أن هناك من يعزو ، ذلك الاضمحلال إلى خلل تعاني منه الولايات المتحدة في داخلها  والى  بروز الصين والقوى الصاعدة الأخرى ،    وأن حظة القطب الواحد ،  ستفسح المجال لنظام عالمي تسود فيه أكثر من قوة كبرى 
وغني عن التعريف :
إن انتشار جيشها بالخارج وسطوتها السياسية هما اللذان يمنحان الولايات المتحدة صفة الدولة المهيمنة و أن القوة العسكرية والقدرة الاقتصادية تتيحان للولايات المتحدة تحمل أعباء التزاماتها الرئيسية في الخارج وإذا كان أفول المارد الأمريكي كيف ستتصرف أوروبا ؟ أوروبا  لن  تتكئ على أكتاف الولايات المتحدة ولن  تسير في ركابها ،ولن تتقيد  بأسلوب الطاعة العمياء  كطاعة الرهبان للملوك ، بل ستبقى متحدة وتعزز من قوتها ،سيما وأنها عملاق اقتصادي له حضوره الدولي وتبقى الحقيقة أن ( أمركة العالم) ، فشلت فشلاً ذريعاً ، رغم أنها استخدمت القوة الناعمة ، بجانب القوة العسكرية التي بطشت بالشعوب في العراق وسوريا وفيتنام 
 علامات الشيخوخة المبكرة تسري في جسد المارد  الأمريكي المنفلت وعليه ،  فإننا أمام إرهاصات سريعة  لزوال ظاهرة الأمركة ،لأن قهرت الشعوب ونهبت مقدراتها، هل ينسى العالم عندما ضربت بحمم طائراتها ( ملجأ العامرية ) الذي كان يعج بالأطفال ، تلك المجزرة البشعة التي وضحت للإنسانية كلها ، أن هذه الدولة المارقة لن تدوم ، مهما طال الزمن العملاق الصيني أستثمر  بطش الولايات المتحدة الأمريكية ، وانشغالها ببطش الشعوب وتدميرها وأخذ يوسع نفوذه ، بذكاء ، حتى بسط نفوذه في كل الدنيا ، وما استثماراته الخيالية وتحكمه في اقتصاديات العالم إلا سعي الصين وطموحه للسيطرة على العالم بأسره
كيف نفسر تسيير  البعثات الصينية حول العالم وتقديمها المعونات لمجابهة الكورونا ؟


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)