جورج فريدمان: روسيا قد تنتصر بمعارك أوكرانيا.. لكنها خسرت الحرب

profile
  • clock 9 مارس 2022, 2:51:02 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

اعتبر الخبير الاستراتيجي الأمريكي "جورج فريدمان" أن روسيا خسرت هدفها الكبير من الحرب حتى لو انتصرت عسكريا في معارك أوكرانيا، مشيرا إلى أن امتداد المعركة لما يقارب الأسبوعين، أفقد الروس إظهار جيشهم في صورة القوة ذات التصنيف الأول، القادرة على الردع.
وقدم "فريدمان"، في تحليل نشره بالموقع الرسمي لمركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي، الثلاثاء، تقييما لأداء روسيا خلال الحرب، في ضوء أهدافها من العملية العسكرية من جانب، والتطورات الميدانية للمعارك من جانب آخر.
وذكر المحلل الأمريكي أن للغزو الروسي هدفين، الأول هو السيطرة على أوكرانيا، بهدف إكمال المهمة التي بدأت في بيلاروسيا، المتمثلة في إعادة بناء "حواجز استراتيجية" لروسيا وتأمينها من أي هجوم محتمل لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والثاني هو إظهار قدرة الجيش الروسي على الردع وزيادة نفوذ روسيا الإقليمي.
ووفق نتائج المعارك حتى الآن، فإن روسيا لم تحقق الهدف الأول، ولم تخسره أيضا، لكن المؤكد أنها خسرت الهدف الثاني، بعدما تعرضت التصورات المتعلقة بقوة الجيش الروسي إلى أضرار بالغة.
فبدلاً من الهزيمة السريعة والحاسمة لأوكرانيا، وجدت روسيا نفسها مضطرة لخوض حرب "بطيئة وطاحنة" من غير المرجح أن تقنع أحدا في العالم بعودتها إلى صفوف القوة العسكرية الأولى.
ويرى "فريدمان" أنه حتى في حال تحقيق الروس الانتصار النهائي في الهدف الأول، فإنه لن يحل محل الهدف الثاني.
ويعزو المحلل الأمريكي ما آلت إليه الحرب، بالنسبة لروسيا، إلى فقدان موسكو لعنصر المفاجأة، الذي يقضي على وقت استعداد العدو ويفرض "صدمة نفسية" تستغرق وقتًا للتغلب عليها، مشيرا إلى أن الجهود الدبلوماسية الممتدة لحلفاء أوكرانيا أعطتها الوقت الكافي للتكيف نفسيًا مع احتمالية نشوب حرب.
كما عزا "فريدمان" تطورات الوضع الميداني إلى فشل موسكو في فهم عدوها، مضيفا: "من الواضح أن روسيا توقعت انهيار المقاومة الأوكرانية بسرعة في مواجهة القوة المدرعة الهائلة التي جمعتها، لم تكن تتوقع أن يقاوم الشعب الأوكراني إلى حد يؤخر على الأقل استكمال الحرب".
فالغرض الميداني من الحرب هو كسر القدرة العسكرية للعدو، وهو ما لم يتحقق إلى الآن، حيث ظل للجيش الأوكراني مركز ثقل ذي انتشار وكان على مسافة من مجموعات القتال الروسية المدرعة.
بالإضافة إلى ذلك، فقد دخل السكان المدنيين على خط المقاومة، ما زاد من مقدار الوقت اللازم لإنهاء الحرب.
وهنا يشير "فريدمان" إلى أن خطط الحرب الروسية تركزت على 3 مجموعات مدرعة متمركزة في الشرق والجنوب والشمال، وباستمرار أمد المعارك، أصبحت تلك المجموعات عرضة لأسلحة المشاة المضادة للدبابات.
وإزاء ذلك، تجد روسيا نفسها مضطرة الآن إلى استخدام المشاة لإزالة التهديدات المدمرة لمدرعاتها ودباباتها، ما يعني خوض حرب برية عبر مجموعاتها القتالية الثلاث.
وحتى هذه المعركة لم تخضها روسيا بشكل منسق، إذ اختار الكرملين خوضها كـ3 حروب منفصلة، ما جعل من توجيه ضربة واحدة حاسمة لأوكرانيا أمرا مستحيلا، وهو ما يعزوه "فريدمان" إلى أن وجود "قيادة واحدة متكاملة" للقتال البري متعدد الجبهات، غير موجودة لدى الروس فيما يبدو.
ويشير المحلل الأمريكي، في هذا الصدد، إلى زاوية أخرى لحرب المجموعات البرية، تتعلق في تسببها في "زيادة الضغط على اللوجستيات الروسية بشكل كبير"، إذ بدلاً من تركيز الإمدادات على دفعة واحدة لجبهة واحدة، بات لزاما التركيز على 3 عمليات، بالإضافة إلى عمليات الأسلحة الأخرى.
ويضيف "فريدمان": "يبدو أن الخدمات اللوجستية للقوات المدرعة الرئيسية قد انهارت، ما أطال أمد الحرب".
وإزاء ذلك، اتجهت روسيا أخيرا نحو الاستيلاء على المدن، "ما يولد قوة مضادة فعالة بين المقاومين الذين يجيدون حرب الشوارع ويستخدمونها لتأخير تقدم روسيا" حسبما يرى "فريدمان".
وهنا ينوه المحلل الأمريكي إلى أن "القتال في المدن من بين الأعمال الحربية الأكثر كلفة واستهلاكا للوقت"، ويؤشر إلى تراجع فعالية القوات الروسية المدرعة التي ستجد نفسها في مواجهة مجموعات مقاومة صغيرة، رغم أنها ليست مصممة لقتال من هذا النوع.
وبإضافة فشل روسيا في قطع الاتصالات الأوكرانية داخليًا ومع بقية العالم، تمكنت كييف من شن حرب نفسية ضد الهجوم الروسي على جميع الجبهات، ما قوض "الهدف النفسي" لموسكو من الحرب، المتمثل في أن يُنظر إليها على أنها "قوة ساحقة".
وخلص "فريدمان" إلى أن "الخطأ النهائي للروس يتمثل في أنهم توقعوا أن يؤدي التوفر الهائل للقوات المدرعة إلى استسلام سريع، توقعوا كسر الصدمة والرهبة لإرادة أوكرانيا في المقاومة، لكن تلك الصدمة بفقدان عنصر المفاجأة، وكانت الرهبة محدودة بسبب عجز روسيا عن تركيز قوتها الإستراتيجية، ونجاح أوكرانيا في تعبئة سكانها كقوة مقاومة".

التعليقات (0)