دروب وعرة.. رحلات الخطر وتجارة البشر في ليبيا

profile
  • clock 12 فبراير 2023, 10:25:44 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تنشط في الغرب الليبي في الفترة الأخيرة مليشيات الاتجار بالبشر، وسط صمت مطبق من الحكومة منتهية الولاية التي تسيطر على العاصمة طرابلس.

فعلى مرمى حجر من مقر حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس تنتشر مقرات المليشيات التي تمارس جرائم ترقى إلى مستوى الانتهاكات ضد الإنسانية أمام مرأى ومسمع المسؤولين، وفقا لحقوقيين.

وتحاول "العين الإخبارية" من خلال هذا التقرير رصد أهم مليشيات الاتجار في البشر وعصابات الهجرة غير الشرعية في الغرب الليبي، من خلال مصادرها التي تؤكد نشاطها الملحوظ في الفترة الأخيرة، رغم برودة الطقس على الشواطئ الجنوبية للمتوسط والعواصف المتتالية.

أهم مراكز الهجرة
 

وتؤكد المصادر أن المهاجرين يلقون أشد التعذيب والانتهاكات في هذه المراكز غير الخاضعة لوزارتي الداخلية والعدل والتي تتبع المليشيات مباشرة باعتبار أن ليبيا ليست موقعة على الاتفاقية الدولية لشؤون اللاجئين لسنة 1951 ولا البروتوكول الملحق بها لسنة 1967، وبالتالي فإن هذه المراكز للاحتجاز وليست للإيواء، إذ لا تقبل ليبيا طالبي اللجوء وأن المهاجرين في حكم المحتجزين بها.

دروب صحراوية

وتؤكد المصادر أن المهاجرين يصلون إلى ليبيا من بلادهم عبر نقاط حدودية معروفة خاصة في الجنوب الغربي الذي يمتاز بمناطق جبلية وعرة ثم صحراء مفتوحة يصعب تتبع العابرين فيها عبر سيارات الدفع الرباعي رفقة أدلاء محليين.

ويتم نقل المهاجرين إلى مخابئ في التخوم الصحراوية للمدن التي سيغادرون منها إلى أوروبا، خاصة بمحيط مدينتي بني وليد، وورشفانة ومناطق بالجبل الغربي مثل الزنتان.

وينتظر المهاجرون في هذه المناطق إلى أن تتجمع الأعداد المغادرة ليتم ترحيلهم إلى نقاط الانتظار الأخيرة في مدن مطلة على الشواطئ في حماية المليشيات التي قد توصل بعضهم أو تعدل عن ذلك، تبعا لما يدفعون من أموال. 

مافيات التهريب 

وبمجرد أن يصل المهاجرون إلى مدن زوارة وصبراتة وصرمان والزاوية وتاجوراء الشاطئية يكونون تحت رحمة المليشيات التي تبتزهم وأسرهم للسماح لهم بمغادرة ليبيا عبر قوارب الموت.

وتجري المليشيات صفقات ابتزازية للمهاجرين إما بالمطالبة بدفع المبالغ التي يرغبون فيها والسماح لهم بالمغادرة، أو البقاء تحت سطوة التعذيب في انتظار أن ينقذهم ذووهم، أو الموت تعذيبا أيهما أسرع.

ومن أهم المليشيات التي تقوم بهذه الجرائم مليشيات "العمو"  بقيادة أحمد الدباشي في مدينتي صبراتة وصرمان ومحيطهما، والمعاقب دوليا وأوروبيا والمصنف على قوائم مجلس الأمن، ومحمد بحرون المعروف بـ"الفار" في مدينة الزاوية والمنطقة الممتدة إلى صرمان، ومليشيات القوة المتحركة في منطقة زوارة.

إضافة إلى مليشيات منطقة تاجوراء بقيادة الإرهابي بشير خلف الله المعروف بالبقرة الذي يسيطر على شواطئ المنطقة.

ولا يكاد يسلم المهاجرون من أيدي هذه المليشيات ليسلموا أنفسهم لأمواج البحر العاتية، حتى تلاحقهم مليشيات أخرى تعترضهم وتعيدهم إلى ليبيا، وقد تستخدم القوة في سبيل ذلك ويصل الأمر لإطلاق الرصاص على قواربهم وإغراق بعضها، بالمخالفة للقوانين المحلية والدولية كون ليبيا غير موقعة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بطالبي اللجوء.

ومن أشهر هذه المليشيات مليشيات أحمد عبدالرحمن المعروف بالبيدجا، والمسؤول عن حرس السواحل في المنطقة الغربية بل وتخريج الدفعات من ما يعرف بالأكاديمية البحرية، وهو على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي ومصنف لدى مجلس الأمن في قضايا الاتجار بالبشر. 

جهود التجفيف 

ويؤكد الخبير الأمني والمحلل العسكري الليبي محمد الترهوني أن نشاط جرائم الاتجار في البشر والهجرة غير الشرعية مؤخرا صار بشكل منظم وتحت أعين الدولة باعتباره مصدر تمويل لهذه المليشيات لكي لا تضغط على ميزانية الحكومة.

وتابع في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن المليشيات "تعصر المهاجرين عصرا وتبتزهم ابتزازا بشعا" لتحصل على مزيد من الأموال في كل خطوة من خطوات الهجرة للباحثين عن الحلم الأوروبي.

وأضاف أن القوات المسلحة العربية الليبية أجرت جهودا متميزة لمحاصرة موجات الهجرة من دول الجوار وتعمل على تأمين الحدود بشكل كامل كما تخرج طلعات جوية استكشافية وتسير الدوريات الصحراوية مصحوبة بأدلاء وقصاصي أثر مهرة، وتستعين بالقبائل المقيمة في تلك المناطق للتصدي لأي محاولات هجرة وهو ما يفسر شيئا من عداء المليشيات مع الجيش.

مشيرا إلى أن القوات المسلحة تبذل هذا الدور دفاعا عن السيادة الوطنية وحماية للتراب الوطني باعتبار أن الدروب التي تعبر منها الهجرة قد يعبر منها السلاح أو الإرهابيون الخطرون من تنظيمات مثل القاعدة وداعش، وهو ما يفسر نجاحها في هذا الدور لاعتباره واجبا وطنيا ناتجا عن عقيدة قتالية راسخة، وهو أحد أسباب الزيارات الأوروبية والأمريكية لقيادة الجيش ودعم جهودها لتوحيد المؤسسة العسكرية وتأمين الحدود.

تحديات ومطالبات

وتؤكد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أنه بالنظر إلى حجم التحديات والمخاطر الأمنية وانتشار السلاح في عموم البلاد والمخاطر الواضحة على الأرواح، بات من الملح أكثر من أي وقت مضى، وقف عمليات إعادة المهاجرين واللاجئين قسريًا إلى ليبيا ووضع آلية لضمان حماية المتواجدين على أراضيها نظرا لحجم المخاطر والتهديدات التي تمس حياة وسلامة المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء جراء النزاعات المسلحة وعدم الاستقرار

وفي أحدث بيان لها تشير هذه اللجنة إلى الانتهاكات والجرائم التي تُرتكب بحق المهاجرين واللاجئين المستضعفين على يد شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وعصابات الجريمة، والجريمة المنظمة وشبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر بحق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء بمناطق ومدن متعددة في عموم البلاد.

وطالبت بالتعاون على تفكيك شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وفق استراتيجية شاملة تعمل على الحد من تدفقات المهاجرين نحو أوروبا عبر ليبيا، ليكون الجنوب آمنا والشمال مستقرا، ويجعل من البحر المتوسط بحيرة سلام.

كما أكدت أنّ معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية لا يمكن أن يتم وفق رؤية أحادية الجانب وإنما وفقًا لاستراتيجية إقليمية اقتصادية وتنموية وأمنية شاملة تبدأ من دول المصدر والعبور وتنتهي بدول المقصد.

كما أن تحقيق الاستقرار والسلام والتسوية السياسية في ليبيا، ودعم السُلطات الليبية في عمليات تأمين وحماية حدودها الجنوبية، والمساعدة في تفكيك شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والقضاء عليها، يُعدّ أمرًا حاسمًا للحد من تدفقات الهجرة غير النظامية.

كلمات دليلية
التعليقات (0)