دستور سعيّد يلقى معارضة من منظمات المجتمع المدني.. والأحياء الفقيرة تنتظر تحسن الحال

profile
  • clock 7 يوليو 2022, 1:11:16 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال الصحافي سايمون سبيكمان كوردال، في مقال بمجلة “فورين بوليسي” إن الدستور الذي يطلب الرئيس التونسي قيس سعيد من التونسيين الاستفتاء عليه في 25 تموز/ يوليو، سيعطيه سلطة غير مقيدة تقريبا.

وأضاف أن تونس لا تزال تعيش تحت وطأة مسودة الدستور التي قدمها سعيد الأسبوع الماضي. وتمنح الوثيقة الجديدة التي وعدت بمشاركة كل التونسيين، لكنها لم تجذب سوى نسبة 10% من الذين يحق لهم التصويت، الرئيس سلطة غير مقيدة وتعيد تشكيل البرلمان إلى هيئة تابعة لإرادته.

وبناء على الدستور المقترح، سيتمكن الرئيس من تعيين رئيس الوزراء وتعيين الوزراء بناء على مقترحات رئيس الوزراء بشكل يجرد البرلمان من دوره الحالي في تشكيل الحكومة. وتم تخفيض أدوار الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية من كونها “سلطة” إلى “وظيفة” للدولة. وفي تراجع آخر، لن تكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، بل وأمام الرئيس. وتسمح الوثيقة الجديدة للرئيس بإصدار تشريعاته الخاصة والمتعلقة بالاقتصاد والتي ستأخذ أولوية على تشريعات البرلمان.

ومن المهم في الوثيقة الجديدة أنها تعطي الرئيس الحصانة طوال فترة حكمه، وتنص على عدم استجوابه بشأن أفعاله كرئيس. وأدت الوثيقة إلى تقسيم المجتمع التونسي المنقسم أصلا وقبل الاستفتاء الذي سيقرر مصيرها نهاية الشهر الحالي.

وبعد نشر الوثيقة الجديدة، رفضها الرجل الذي من المفترض أنه المهندس الرئيسي للتعديلات، الصادق بلعيد. مع أنه ظل طوال كتابة المسودة متمسكا بمنصبه كرئيس لهيئة كتابة الدستور الجديد وتقنين بعض المقترحات من الرأي العام ومن بعض مجتمعات المجتمع المدني، وسط نقاشات حول مشاركة النقابات العمالية والساسة. ولكنه تبرأ منها بعد قراءة النص المنشور، وقال إنها “تعبد الطريق أمام الديكتاتورية المشينة”.

ورد سعيد بكتابة رسالة عاطفية حث فيها الشعب على الوقوف خلف المقترحات في وجه أعداء لم يسمهم. وبالإضافة لصيحات الغضب المتوقعة من الأحزاب السياسية التي أخرجت من البرلمان العام الماضي، خرجت جماعات أخرى لمعارضة الدستور الجديد مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وهي واحدة من أربع منظمات مجتمع مدني فازت بجائزة نوبل عام 2015، بسبب عملها على نزع فتيل أزمة قبل عامين.

وأعلنت الرابطة عن رفضها للوثيقة. وفي بيان نشرته يوم الأربعاء، دعت الرئيس لسحب مقترحاته والدخول في حوار مع المجتمع التونسي، و”إخراج البلد من الوضع الحالي”. كما وصفت نقابة الصحافيين التونسيين مقترحات الرئيس بأنها ستكمم حرية التعبير. ووصف موقع “نواة” على الإنترنت والذي يعبر عن مجتمع الناشطين في تونس عملية إعدادة المسودة بتزوير للديمقراطية.

وعارضت منظمة “أنا يقظ” وهي واحدة من منظمات المجتمع المدني التي ظهرت بعد ثورة عام 2011، الوثيقة: “منح الرئيس لنفسه سلطات ملكية، سلطات ملك”. ومنحت أمنستي إنترناشونال صوتها لمجموعة الرافضين، وأن الوثيقة فشلت “في تقديم ضمانات مؤسساتية لحقوق الإنسان” وستضعف القضاء والمكاسب الأخرى لمرحلة ما بعد الثورة.

وقال أيمن بصالة، الباحث غير المقيم في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إنه كانت هناك إمكانية لإعادة مراجعة دستور 2014 عبر مقايضة سياسية وعامة واسعة. لكن سعيد يريد لاستبداله بناء على “حالة استثنائية”، في إشارة للوضع الحالي الذي يحكم فيه الرئيس عبر مراسيم وبدون برلمان.

وقال أمين غالي، من مركز الكواكبي للتحول الديمقراطي، إن المقترحات هي “نموذج للديكتاتورية”، و”هناك صفر محاسبة.. صفر مراقبة وتوازن”، ووضع مسودة الدستور ضمن الدساتير الأخرى عبر تاريخ أفريقيا وأوروبا التي لا تدعو فقط لأسوأ التجاوزات الإنسانية، ولكنها تقدم إطارا قانونيا لعمل هذا.

وفي سيدي حسين، بضواحي تونس الذي تنتشر فيه الغرافيتي والفقر، ويحظى سعيد شعبية فيه، يتذمر الناس من ارتفاع أسعار الطعام. ونقل عن أحد سكانه قوله: “المبيعات متدنية، والناس لا يستطيعون الحصول على اللحم الأحمر”، لكنه عبّر عن ثقته بأن الحياة ستتحسن في سيدي حسين في ظل حكم سعيد. فوضع تونس الاقتصادي المتدهور، ليس جديدا، وسابق على الثورة، إلا أن الحكومات التي جاءت بعد 2011 وحكم الرجل الواحد لسعيد، فشلت في معالجة وضعه.

وربما حسّن قرض من صندوق النقد الدولي الأوضاع، إلا أن الشروط المرتبطة بالقرض والإصلاحات المطلوبة تواجه معارضة من الاتحاد التونسي العام للشغل، وهو أكبرالنقابات العمالية في البلاد. وفي سيدي حسين، لم تؤثر هذه الظروف على شعبية سعيد، بسبب عدم تأثر السكان من الآثار الأسوأ للازمة الاقتصادية. ولا يزال التضخم بمستوى 8% أو أعلى، ودعم الدولة للمواد الأساسية يمنع تأثر المستهلك. وقال أحمد عاشوري من الحي، إن نقد منظمات المجتمع المدني للرئيس نابع من عدم معرفتهم واقع الحياة في الأحياء الشعبية. وقال إن سعيد “رجل متشدد ويريد تصحيح الأمور وهو مستعد للموت كي يعمل هذا”.

ولكن العاصفة الاقتصادية تتجه نحو تونس والجو متلبد بالغيوم، فقد بات نقص المواد الغذائية، مثل السكر أمرا عاديا، وترتفع أسعار الطعام والمواد الضرورية أبعد من قدرة الناس. ويقول غالي إن الدعم للرئيس ليس نهائيا، وستواجه رئاسته أول امتحان لها عندما يؤثر التضخم على حياة الكثيرين. وقال إن “نظام الدعم ليس مستداما” و”أعتقد أنه سينهار بعد أسابيع من استفتاء 25 تموز/ يوليو”.

وكما هو الحال الآن، تدعو الأحزاب السياسية لمقاطعته، لكن تعديلات الرئيس ستمرر، وبمشاركة متدنية، وسيظل سؤال شرعيتها قائما، سواء في الداخل أو من المجتمع الدولي. وأكثر من هذا، فالاقتصاد يسير نحو حافة الكارثة، وبإصلاحات اقتصادية غير شعبية تقف ما بين تونس والمعاناة الاقتصادية والتي ستترك أثرها الساحق على مناطق مثل سيدي حسين، ومساحات واسعة من قواعد دعم الرئيس، وإلى متى ستظل شعبية الرئيس أمرا لا يعرفه أحد.

التعليقات (0)