- ℃ 11 تركيا
- 12 ديسمبر 2024
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: "يا نموت سوا يا نعيش سوا"
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: "يا نموت سوا يا نعيش سوا"
- 27 أكتوبر 2024, 7:56:39 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بين الناس من يجد متعتَه في الخوف.. هكذا الكيان الصهيوني، ورئيس وزرائه لرؤيتهم أي قوة فلسطينية، بعدما ذاقوا الأمرين بعد السابع من أكتوبر الماضي، فهنية أحدهم، كان تلميذاً نجيباً لمؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين، وكان من الحمائم ودعاة السلام، ما بين معتدل ومتشدد، وكان يدرك أنَّه على رأس قائمة الموساد لتصفيته في إيران، ومعه فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، وكان لا يعلم (هنية) بطوفان الأقصى والإسرائيليين يعلمون ذلك، ولم يكن لسنوات على وفاق مع السنوار الذي أمضَى في سجون الإحتلال عشرين عاماً، ، وقيادة حماس الحالية، وتمَّ إقصاؤه حتى 2017، ولم يكن قادراً حتى في المفاوضات الأخيرة في الضغط على السنوار الذي قوَّض كلَّ ما عمل عليه وحققه هنية في أشهر من المفاوضات الصعبة.
إذن لماذا اغتاله الإسرائيليون؟.
إسرائيلياً: أدار رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أذنه الصماء إلى العالم؛ واختار المستوى السياسي الإسرائيلي العاصمتين طهران وبيروت لأقناع الداخل الإسرائيل بأنه لا يوجد مكان آمن لمن يضربها أو يعتدي عليها، ولا أمان لأي قائد كان من الأعداء يأمن فيه، والقدرة على الذهاب إلى أعلى مستويات التحدي للخصم في عقر داره، ومن أقرب مسافة بين نقطتي الوضع الراهن، ليغتال رئيس حركة «حماس» وأكثرُ قادتها شهرة، وبالتالي جرّ أميركا إلى دعم توسيعها حتى لو وصلت إلى حرب إقليمية هو ضرب إيران مباشرة، إذاً التَّخلصُ منه يخدم المتطرفين داخل «حماس»، وبالطبع حكومة نتنياهو، التي حقَّقت أحد أهم وعودها، وهو القضاء على قادة «حماس»، حتى لو لم تستطع الإمساك بالسنوار. ليكون الثمن مكلفاً لكل من إسرائيل وإيران، لكن الثمن الأعلى دفعه الفلسطينيون، وهنية واحد من نحو أربعين ألفاً حتى الآن.. لكن تناسوا أن هناك ملايين بل مليارات هنية مدافعين عن قضية فلسطين.
فلسطينياً: حسمت استراتيجية نتنياهو، طريقة التعامل بالشرق الأوسط، فلم يعد مرتبطاً بحربه على غزة، أو محاولاته تصفية القضية الفلسطينية، بل هو يدفع الجميع أو بالجميع نحو حسم إقليمي، أو بمعادلة (يا نموت سوا يا نعيش سوا) والذهاب إلى قواعد جديدة للصراع، قد تتجاوزها حتماً معادلة الرد والرد على الرد أو الالتزام بما كان يُسمى بقواعد الاشتباك، لكن إيران لا تأخذ منها إلا كلام فقط، لا سيما وأنها متورطة في اغتيار قاداتها الأخيرة ورئيس دولتها ووزير خارجيته في الحكومة السابقة، وهي متفرقة الشتات بين العراق وسوريا لبنان، ليُغتال هنية بين زراعيها، وتتبجح بعدم معرفتها، إذاً هي تمتلك جيش الحرس الثوري الذي تتباهي به وبمخابراتها أليس ذلك بضعف أو اتفاق مع إسرائيل والأمريكان؟!، فلم يكن لإسماعيل هنية قدرة أو قرار حتى أنه في استطلاعات الرأي حول الرئاسة الفلسطينية المستقبلية، احتل المركز الثاني بعد مروان البرغوثي الذي احتكر المركز الأول منذ دخوله السجن وحتى الآن.
دولياً: كان واضحاً أن طهران وواشنطن لا تريدان توسيع المواجهة، وأميركا المشغولة بالسباق الانتخابي، وقد فعلوها بضرب ايران واستخدام الاجواء السورية العراقية، فالولايات المتحدة لم تكن من اليوم الأول للحرب قادرة على السيطرة أو التحكم في أفعال نتنياهو، الذي يجُر المنطقة نحو المواجهة، فكان اغتيال فؤاد شكر أقرب إلى تسوية كالتي رأينها بعد اغتيال قائد «فيلق القدس»، الجنرال قاسم سليماني، واغتيال صفي الدين والسنوار وغيرهم... ليكون الدور علي الخميني... وحصر الرد الإيراني بقاعدة عين الأسد الأميركية في العراق، لكن اغتيالهم الأبطال، سوف لا يكون إلا وعوداً ننساها كما نسينا ما يحدث ونتجاهلهُ في غزة، وكل شيء ممكن أو مباح، لكن الكنيست والأمريكان لم يأخذوا في الاعتبار ما نقله شخصية أمنية أوروبية رفيعة المستوى زار إسرائيل ورأي ما رأه من خطط مجرمي الحرب ووحشيته، ناقلاً لمسؤولي وقادة عواصم العالم ما وصفه حرفياً بـ«الجنون الإسرائيلي». وقال في بيروت تحديداً إنه لم يجد إلا «مجانين» عرضوا أمامه خريطة لبنك أهداف يبدأ من جنوب لبنان وينتهي في شماله، محاولاً نظيره المبعوث الأميركي الخاص بلبنان، آموس هوكشتاين، فك الارتباط ما بين غزة والجبهة الجنوبية، التي تم فيها الاغتيال، حيث المعقل المركزي لـ«حزب الله،» وأنصاره من كل أطياف معسكر الممانعة.
وأخيراً: لتتكرر أسئلة كثيرة هي من النوع الذي لا يقوى أعتى المُنجمين على الخوض في حلها؛ لأن قواعد الأرض تختلف من حين لأخر بمفاجآت لا يمكن أن يتوقعها أحد ليكون ببساطة الشرق الأوسط هي محور المُفاجآت ولا حسابات عليها فهي أرض محروقة.. فكلما تقدّمت خطوة زادت الجرعة بشهية وحشية من طعنات ودماء ومسوخ وجثث وصرخات مفاجئة وأرض تخسف بك دون سابق إنذار.