د. عبد الله خليفة الشايجي يكتب: حرب إسرائيل لن تقضي على حماس… بل ستقضي على نتنياهو!

profile
  • clock 30 أكتوبر 2023, 7:42:38 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

منذ بدء عدوان إسرائيل الوحشي على قطاع غزة وحصارها وقطع جميع إمدادات مقومات الحياة من ماء وكهرباء ووقود لتشغيل مولدات المستشفيات ـ ومع ارتكاب جرائم حرب متنقلة ومتنوعة على مختلف الأصعدة بما فيها القصف الهمجي والوحشي للمنازل والشقق وتدميرها فوق رؤوس ساكنيها حتى تجاوز عدد الشهداء 7500 والمصابين 20 ألفا ـ ويضاف أكثر من 2000 مفقود بين شهداء ومصابين…بالإضافة للتهديد بالترحيل القسري لسكان شمال قطاع غزة لجنوبه، والذي تعهدت إسرائيل بأنه آمن. فإذا بإسرائيل تقصف ما ادعت أنه منطقة آمنة، وسقوط مئات الشهداء الذين انتقلوا إلى جنوب القطاع.
ومع ذلك ترفض الولايات المتحدة برغم ارتفاع عدد الشهداء والدمار والهلاك ترفض إدارة بايدن وقف إطلاق النار ولا تضع خطوطا حمراء كما ذكر الرئيس بايدن لما تقوم به إسرائيل التي ترتكب جرائم حرب يومياً. استخدمت الولايات المتحدة الفيتو مرتين ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن ومساء الجمعة صوتت مع إسرائيل وحفنة من الدول الهامشية معارضة مشروع قرار أردني لوقف إطلاق النار لدواع إنسانية في غزة.
منذ إطلاق حماس عملية طوفان الأقصى- والرد الإسرائيلي بعملية «السيوف الحديدية» ـ وبعد تصاعد وتيرة جرائم حرب الإبادة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية ـ بقصف الأحياء السكنية وتدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها ـ واستخدام الفوسفور الأبيض ـ وطلب القيادة العسكرية الرحيل القسري لسكان شمال القطاع لجنوبه تمهيداً للقيام بتوغل بري، وهذه جميعها جرائم حرب موثقة.
بقي التساؤل منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الجاري هل ستخالف قوات الاحتلال موقفها المتحفظ بشن توغل أو كما تسميه «مناورة» أو اجتياح وحرب برية على غزة لاقتلاع وإنهاء حكم حماس في غزة، أو بأضعف الأحوال لإضعاف وإنهاك حكم ودور حماس.
ومع الدعم والتعاطف الدولي غير المسبوق مع إسرائيل، التي نجحت بتحويل السردية من الاحتلال والقمع والقتل الممنهج إلى العدوان على إسرائيل وشعبها ـ وقتل 1400 إسرائيلي ـ حسمت إسرائيل أمرها بشن حرب برية، برغم جميع التحذيرات لتجنب تداعيات وكلفة الحرب البرية، وهو ما تجنبته إسرائيل في حروبها الست السابقة ـ وحتى في حرب عام 2014 الطويلة تكبدت إسرائيل خسائر في توغل بري محدود. وقد طالبت إدارة بايدن من إسرائيل تأجيل الحرب البرية ـ بسبب مفاوضات صفقة تبادل الرهائن وعدم اكتمال تموضع القوات الأمريكية.

هناك خلاف وتباين حول أهداف الحرب البرية النهائية وهل تكون شاملة أو محدودة؟ وهل الهدف إضعاف حماس واستنزافها أو استئصالها والقضاء عليها وتدمير واحتلال غزة وقتل عشرات الآلاف من المدنيين- أو تسليمها للسلطة الفلسطينية

مع بدء الأسبوع الرابع من حرب إسرائيل على غزة-الجمعة، وبرغم التحذيرات وطلب إدارة بايدن تأجيل الحرب البرية التي ستكون متدحرجة ومتدرجة- تعرضت غزة لأكبر هجوم وقصف من غارات جوية بلا توقف وقصف مدفعي وصاروخي من البوارج هو الأعنف وتم قطع الاتصالات وشبكة الإنترنت وفيما تغرق غزة بالظلام ويتدفق المصابون والشهداء إلى المستشفيات ـ وتحت ستار قصف مكثف تقدمت قوات برية من جيش الاحتلال بمناورة وتوغل دبابات بشكل محدود شمال قطاع غزة، يمهد لاجتياح بري، ووسط تباين وخلافات بين حكومة الطوارئ والقيادة العسكرية، وسرب قبل أيام قائد أحد الأحزاب الدينية معلومات مفادها أن الجيش غير مستعد لشن حرب برية!
مع بدء توغل قوات دبابات قوات الاحتلال لم يعلن جيش الاحتلال بدء الحرب أو المناورة البرية ـ بل وصفها «توسيع العملية العسكرية»! ووصف بيان لكتائب القسام ـ حماس ـ «نتصدى لتوغل إسرائيلي. ويجمع مسؤولون في دول عربية مثل السعودية والأردن على التحذير من خطورة وتداعيات وانعكاس حرب برية إسرائيلية على غزة، على استقرار الشرق الأوسط. نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن سناتور بلومنثال كان من ضمن 10 سناتور من مجلس الشيوخ الأمريكي اجتمعوا مع الأمير محمد بن سلمان في السعودية ومسؤولين سعوديين- تمنوا أن يتم تجنب شن إسرائيل حرب برية. وحذروا سيكون ضرر شن إسرائيل حربا برية على غزة ـ ضاراً للغاية ـ ونتيجته ستكون كارثية على الاستقرار في الشرق الأوسط.
وحذر أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني ـ من شن إسرائيل حرب برية على قطاع غزة ـ وستكون النتيجة كارثة إنسانية. كما حذر كتاب وباحثون أمريكيون من أن الحرب البرية ستكلف إسرائيل الكثير ـ مثل أستاذ العلوم السياسية مارك لينش في دورية فورين أفيرز الرصينة ـ «سيكون غزو إسرائيلي غزة براً كارثيا على إسرائيل. وعلى الولايات المتحدة الأمريكية ممارسة الضغط على حليفتها لتتراجع عن حافة الهاوية» ـ لأنها ستورط أمريكا في أتون الشرق الأوسط! لأنها ستكون مغامرة محفوفة بالمخاطر.
كما هناك خلاف وتباين حول أهداف الحرب البرية النهائية وهل تكون شاملة أو محدودة؟ وهل الهدف إضعاف حماس واستنزافها أو استئصالها والقضاء عليها وتدمير واحتلال غزة وقتل عشرات الآلاف من المدنيين ـ أو تسليمها للسلطة الفلسطينية التي خسرت الانتخابات التشريعية عام 2006. وهذا ما تطالب إدارة بايدن بتوضيحه ـ ومعه ما هو سيناريو اليوم التالي بعد السيطرة على غزة؟ وهي عملية مستحيلة؟
في أدبيات الدراسات العسكرية ـ شن إسرائيل حربا برية على حماس وفصائل المقاومة، تُعرف بحرب غير متناظرة (بين جيش ـ وتنظيمات مسلحة). ولم يسبق أن انتصر أي جيش نظامي على تنظيمات وفصائل مسلحة. الولايات المتحدة لم تهزم طالبان بعد عشرين عاماً من قتال حركة طالبان واحتلال أفغانستان. وكذلك لم تهزم تنظيم القاعدة برغم اغتيال أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وتنظيم داعش برغم اغتيال أبو بكر البغدادي- جميع تلك الفصائل والحركات المقاتلة لم تهزمها قوة عظمى أقوى من إسرائيل عشرات المرات. وقوات الاحتلال الإسرائيلي ليست استثناء. لن تهزم
قيادة نتنياهو المترنح مغامرة جنون العظمة ستدفعه لحتفه ـ وسقوطه وحكومته الفاشية، ونهايته السياسية وحكومته المتطرفة بعد محاكمته وإدانته لفشله ـ عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً ـ ومعهم سقوط نظرية الجيش الذي لا يُقهر. وقد قُهر لأن حماس لم يهزمها جيش نتنياهو الخاسر!

استاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت

كلمات دليلية
التعليقات (0)