بزعم القضاء على حماس..

د. محمد الأمين يكتب: الخديعة الأمريكية الصهيونية لتبرير المحرقة بحق الشعب الفلسطيني

profile
  • clock 12 نوفمبر 2023, 11:16:28 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بعد مرور أكثر من 33 يوما  أحداث السابع من أكتوبر، و الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والعصابات النازية والغرب ممثلا بفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا،  خشية من سقوط الكيان المصطنع وهروب الصهاينة إلى أوروبا، ليعود عبء الصهاينة  في المجتمع الأوروبي من جديد.


لا بد من وضع النقاط على الحروف.


أولا: إن الحرب التي تدور اليوم في غزة تحت شعار القضاء على حماس وحق الدفاع عن النفس ،هي ليست ضد حماس كما يزعمون بل هي حرب إبادة جماعية تستهدف الشعب الفلسطيني في غزة، تهدف إلى تهجيره خارج وطنه وفي الوقت نفسه تستهدف الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وفي الأرض المحتلة عام 48، وهو ما تشير له الإحصاءات الرسمية التي تصدر عن الجهات المختصة في المشافي ووزارة الصحة الفلسطينية حيث أن ما يزيد عن 70%من الضحايا هم من الأطفال والنساء وطواقم الدفاع المدني والهلال الأحمر والصحافة والاملين في المؤسسات الأجنبية كالاونروا.


ثانيا: ما يسعى له الأمريكان والصهاينة وأتباعم لتشبيه المقاومة الفلسطينية بتنظيم "الدولة" أو غيرها من التنظيمات التي اصطنعتها الأنظمة وأجهزة الاستخبارات العالمية والأمريكية، هو سعي ولد ميتا، لن يستطيعوا تمريره على جماهير شعوب الأمة الإسلامية وأحرار العالم، فالمقاومة الفلسطينية التي تمثل فيها حماس رأس الحربة في التصدي للحرب الإجرامية على الشعب الفلسطيني، هي مقاومة مشروعة بكل القوانين والشرائع، وحماس ومعها كل قوى المقاومة الفلسطينية ليست تنظيما دوليا له أجندة خارجية؛ بل مقاومة موجهة للاحتلال الذي مزق الأرض الفلسطينية وزرع فيها مئات المستوطنات، وصادر الأراضي ومارس الاعتداء  على المزارعين وممتلكاتهم وفرض حصارا خانقا على قطاع  غزة منذ 17 عاما وبالتواطؤ مع أطراف عربية وفلسطينية، ومارس كل أشكال العدوان على المقدسات والحرائر والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك، وبدأ بالتقسيم الزماني للمسجد الأقصى، وسمح للجماعات الاستيطانية بممارسة الشعائر التلمودية داخل المسجد الأقصى المبارك، وعمل على تغيير الستاتيكو " الوضع القائم" ويحتجز آلاف الأسرى ومارس كل أشكال القرصنة وسن القوانين التي تحول دون إمكانية قيام دولة فلسطينية في أي بقعة من أرض فلسطين.وبات اليوم يسعى لتجاوز فكرة الدولة الفلسطينية. وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في العودة أو إقامة دولته، وهذا ما ثبت بعد 30 عاما من توقيع اتفاقية  اسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، فأراد أن يجعل من السلطة الفلسطينية مجرد أداة لإدارة مدنية وحماية أمن الاحتلال، وليس لها أي استحقاق سياسي.


ثالثا: إن حركة المقاومة الإسلامية حماس هي مكون أصيل من الشعب الفلسطيني وليست جسما غريبا عنه،فحماس هي تشكيل فلسطيني كغيره من التشكيلات الفلسطينية، وهي متجذرة في وجدان الشعب الفلسطيني، وباتت اليوم تمثل طموحاته في التحرر والاستقلال، واستعادة حقوقه، والدفاع عن مقدساته وأرضه ومستقبله، وإن ما صدر عن أطراف فلسطينية في مسألة التمثيل للشعب الفلسطيني، قضية طوتها الايام والأحداث، فمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لا تمثل كل قوى المقاومة الفلسطينية، علاوة على أن منظمة التحرير تحتاج إلى إعادة ترتيب من جديد، كونها لم تجر فيها أية انتخابات منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما، سواء في الداخل أو في الخارج لتجدد تمثيلها لشعبها.


علاوة على ذلك فإن حماس التي خاضت آخر انتخابات برلمانية في عام 2006 في الضفة الغربية وقطاع غزة، فازت في تلك الانتخابات، أمام جميع مكونات منظمة التحرير الفلسطينية، وحازت الأغلبية الساحقة وقد شهد العالم بنزاهة تلك الانتخابات.


رابعاً: المطلوب من الأنظمة في العالم العربي والإسلامي خاصة والعالم الحر اليوم، أن لا تكون ضحية تلك الكذبة والخديعة التي يتذرع بها العدو الصهيوأمريكي وحلفاؤه في الشرق والغرب بأن هدف الحرب هو القضاء على حركة حماس ، لأن القضاء على حركة حماس يعني القضاء على غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو أمر يستحيل التحقق، فحماس اليوم باتت فكرة وقيمة ومنهج تمثل تيار المقاومة الذي قرر أن يضع حدا لكل تجاوزات الاحتلال البربري لفلسطين، وما الحديث عن القضاء على حماس سوى ذر للرماد في العيون، تسعى من وراءه أمريكا وربيبتها وحلفاؤها إلى تبرير الحرب الوحشية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وإزالة مصطلح الصراع العربي الإسرائيلي لفتح الطريق أمام الأنظمة والحكومات العربية للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، ولتصبح دولة الكيان الشرطي الأمريكي الذي يحكم المنطقة.


خامساً: ولذا فإنه على دول العالم الحر وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية أنظمة وحكومات أن لا تكون ضحية هذه الخديعة، وأن لا تكون هي الأداة النجسة التي تمرر على ظهرها أمريكا وحلفاؤها ذبح الشعب الفلسطيني وجعل هذه المذبحة مشروعة بحجة حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن النفس والحرب على حماس. وكأن الاحتلال من حقه الدفاع عن عدوانه واغتصابه لأرض الشعب الفلسطيني منذ 75 عاما، بينما لا يحق لشعب فلسطين أن يدافع عن نفسه أمام كل أشكال الإهاب المنظم الذي يقوم به الاحتلال وحلفاؤه في إنكار حق الشعب الفلسطيني في أن يتحرر من الاحتلال وأن يعيش أبناؤه حياة كريمة كغيره من الشعوب.


فمن واجب الطبقات المثقفة وكل المنصات الإعلامية المرئية والمسموعة والرسمية وغير الرسمية، التصدي لهذه الخديعة وكشفها وفضحها، بدلا من أن تكون أداة لترويجها في تبرير ذبح الشعب الفلسطيني وحرقه في غزة.


فمن ناحية فإن القضاء على حماس وقوى المقاومة أمر غير ممكن التحقق، ولكن من واجب مكونات المجتمع في عالمنا العربي والإسلامي والشعوب الحرة أن تتصدى لهذه الأكاذيب التي يراد منها تبرير المحرقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.


ثم من الواجب فضح هذه الخديعة التي تركن لها حكومات وأنظمة العالم العربي والإسلامي، لتضع عن كاهلها تحمل أية مسؤولية من حرق الشعب الفلسطيني وتجويعه وممارسة ابشع صور النازية والعنصرية بحقه تحت ذريعة محاربة الإرهاب والقضاء على حركة حماس وحق العدو الصهيوني بالدفاع عن نفسه.


سادساً: إن محاولة وسم حركة المقاومة الإسلامية حماس وأذرع المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، محاولة يائسة لن تفلح الإدارة الصهيوأمريكية وحلفاؤها من تمريرها، فما تقوم به المقاومة الفلسطينية من حق الدفاع عن النفس والأوطان ومقارعة الاحتلال -الذي يحتل فلسطين منذ عام 1948 ويرفض الاعتراف بأية حقوق لشعب فلسطين - ليس إرهابا.


بل هو الحق الذي يقوم به أي شعب يقع تحت الاحتلال، ومن المعروف بداهة أن المقاومة الفلسطينية هي محصورة في فلسطين، وتستهدف الاحتلال الذي يحتل أرضه ويمارس كل أشكال  القهر والفصل العنصري ويرفض تطبيق القرارات الدولية التي أقرتها الهيئات الدولية بوجوب الانسحاب من الأرض المحتلة، وهو لم يطبق اتفاقات السلام التي وقعت عليها حكومة الاحتلال، للدلالة على أنه احتلال احلالي استيطاني ينطلق في سياسته من الأساطير التلمودية.


أخيرا يجب على العالم أن يعي الدرس الذي لقنته اياه المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر ، وأن يسعى لوقف المحرقة عن الشعب الفلسطيني في غزة وأن يعمل على معاقبة الاحتلال وداعميه على ارتكاب هذه الجرائم، وأن يسعى لوضع مقاربات سياسية تفضي لحل في المنطقة تنصف الشعب الفلسطيني، وأن يكون الشعب الفلسطيني سيد نفسه دون أي وصاية عليه، خشية أن تتوسع دائرة الصراع، لأن أحداث السابع من أكتوبر ، قطعاً ستترك آثارها البعيدة المدى على المنطقة. وستفرض على العالم أن يقف إلى جانب الحق الفلسطيني، لأن حالة السقوط التي ظهر عليها النظام الدولي ومؤسساته لن تسمح له الاستمرار كما هو من قبل.
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
المصادر

د. محمد الأمين. الباحث في التاريخ

فلسطين/ الأربعاء 8/11/2023

التعليقات (0)