د. مُحمَّد إبْراهيِم المَدهُون يكتب: فِي ذِكرى الانْدِحَار .. غزَّة طرِيق التَّحرِير 

profile
د. محمد إبراهيم المدهون كاتب ووزير فلسطيني سابق
  • clock 12 سبتمبر 2022, 9:11:35 ص
  • eye 417
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

القضيّة الفلسطينيّة؛ وفي القلب منها حاملة حلم التحرير (غَزَّة العزَّة)، التي تعيش سنوات ما بعد تحريرها في العام 2005، وما زالت معيّة الله وتوفيقه حاضرةً في شتّى تفاصيل المشهد، ونسمع بشكل متواتر قصصاً لرعاية الله وكراماته، نستحضر فيها معنى وقيمة "لا تحزن إن الله معنا".

الحَاجَة قائمة بعد تحرير غزة إلى وحدة الصَّف الفلسطيني، ليس على أساس لقاءات مُصالحة بروتوكولية كما كان سابقاً، وإنّما وحدة الميدان على أساس برنامج وطني جامع عنوانه التَّحرير والعودة، وليس أوسلو والتنسيق الأمني وبالتأكيد هذه مدعاة إلى تعزيز الوحدة الداخلية للصف التنظيمي وتعظيم دور الغرفة المشتركة لأن الوحدة التنظيمية لكافة الفصائل والقوائم داخلياً تُمثِّل النُّواة الصّلبة التي تشكّل أفق وحدة وطنية راسخة.

إنَّ الإنجاز الأَبرز لتحرير غزّة؛ أنها مثَّلت إلهاماً مُستمراً لاشتعال القدس وضفّة الإباء، ووحّدت الرؤية بين كافة المكونات الفلسطينية في الداخل والخارج ألا تستقبل ولا تبنى من الشارع ونبضه المنتفض بكافة الأشكال وعلى شتى الصعد وفي جميع الساحات إلا للقضية الوطنية ومشروع التحرير، وغزّة أعادت الاعتبار للمشروع الوطني وتحقيق شراكة لجميع الساحات وجميع الفصائل والمكونات، لتكن في صعيد واحد بواصلتها القدس، وهذا يؤكّد على المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ استثمار اللحظة بالمحافظة على الإنجاز باشتعال المقاومة في القدس والضفة، وعلى صعيد وطني جامع مطلوب اجتماع كافة الفصائل والقوائم 36 على صعيد واحد عنوانه التحرير والمشروع الوطني.

مشهد الحصار المتفاقم لغزة بعد 17 سنة من تحريرها، يرخى بظلاله على غزة وعنوان ذلك الأبرز معركة الحصار والإعمار التي تعيش تفاصيل مرهقة في ظلال حكومة الاحتلال فاقدة الدسم، التي يحاول فيها الصبي لبيد أن يعود إلى نقطة الصفر ليخوض تجربة نتنياهو من جديد، ومازالت معركة الإعمار وتفاهمات تخفيف الحصار تمثل صاعقاً يقودنا نحو تفجير المشهد على الاحتمالات القصوى مع العلم أن الحلول الترقيعية لم تعد ذات جدوى بعد مشهد غزة المتفجر بطولةً وانتصاراً.

#غَزَّة طَرِيْق التَّحرِيِر؛ أعادت الاعتبار لحالة الإدراك للمقاومة وأثرها وقدرتها على قلب المعادلات وبعثرة الأوراق، ومهم ألا تنسى قيادة المشروع الوطني في خضم هذا المشهد حقيقة وجوهر دورها وألا تغريها الأبواب المفتوحة مؤقتا وتنزلق بعيداً عن فلسطين، كما كان مع غيرها وصولاً لأوسلو وإفرازاتها.

وبالتأكيد ما زالت عديد الدول في مرحلة صدمة ما بعد انكشاف سوأة وهم التطبيع واستعادة المشروع الوطني الفلسطيني عافيته، عبر غزة والقدس والضفة التي أعادت غزة فيها شكل المعادلة. والدعوة قائمة لجميع المكونات الإقليمية في المنطقة أن تقرأ المشهد ما بعد تحرير غزة بطريقة صحيحة، حتى أوروبا وأمريكا؛ عليهما أن يعيدا قراءة المشهد على قاعدة أن النفق الوحيد والممر الاجباري للتعاطي مع القضية الفلسطينية، عبر عودتها إلى جوهرها المتمثلة في شعب تحت الاحتلال يقاوم للتحرر واستعادة الأرض بعد سقوط حل الدولتين الذي لم يستطيعوا حمايته.

الفُرصة سَانحة كي تقدم غزة نفسها على أساس؛ قراءة سياسية مسيجة بالدماء قدمتها غزة وعلى أساس برنامج الشراكة الانتخابية الذي ذهبت إليه في الانتخابات الملغاة، والتي تحتاج مستوى مصداقية أعلى وحس وطني وتغلبيها للمصلحة الفلسطينية، مع الاستمرار في طرق الأبواب في شتى عواصم العالم، وليس مهماً مستوى التجاوب وإنما الرسالة التي تحملها غزة كرافعة للقضية الفلسطينية، أن تستقطب أكبر عدد من الدول لصالح القضية وتحويل الأصدقاء إلى محايدين وإبقاء حالة العداء فقط مع الاحتلال والتناقص المركزي معه.

الاحتلال مازال ينظر إلى #غَزَّة طَرِيْق التَّحرِيِر خطراً استراتيجياً، لذلك كانت ترى في الانتخابات الملغاة تهديدا لها وتفاقم هذا التقييم في درجة خطورة غزة على المشروع الصهيوني الاحتلالي، بعد معركة سيف القدس، وهذا الخطر المتزايد استراتيجياً كما يراه الاحتلال يريد أن يخلُص منه دون الذّهاب إلى حل الدولتين والإقرار بالحقّ الفلسطيني بإقامة دولة الحد الأدنى ضمن حدود 67 مع دون التنازل عن المشروع.

التطبيع مع العالم العربي؛ حُلم يمينيّ لدولة الاحتلال ولذلك رَفْضْ التعاطي مع الثّمن في حدّه الأدنى يجعل الاختيار الإسرائيلي تهديد رئيس ويذهب باتجاه الخيار الفلسطيني الوحيد والذي تتبناه غزة بالتّحرير والعودة ودخول معارك ملحميّة باهظة الثمن ولكنها تُعيد الاعتبار لجوهر القضيّة وتفتح أفق الأمل للخيار الوحيد المتبقي للشعب الفلسطيني، ولذلك وجدنا حالة الالتفاف الفلسطيني في كل مكان مع #غَزَّة طَرِيْق التَّحرِيِر.

ويعزّز هذا الخيار التعنت الإسرائيلي عبر فقدان القرار السياسي وغياب القيادة الوازنة والذي يفاقم الحالة من الاشتباك إلى مرحلة كبيرة أعظم، وهذا يصاعد من احتمالية بقاء الخيار الفلسطيني الأوحد في القتال حتى التحرير والعودة مهما كان الثمن والاستجابة الخجولة وعلى دفعات بالعودة إلى تنفيذ التفاهمات وفتح المعابر لا يحمل بشرى لغزة وصبرها ولكنه يؤكد رسالة الرعب التي جسدتها #غزة طريق التحرير ولا ينفي محاولات الإفلات من الاستحقاق المترتب عليها.

نعم، غزّة مُرهقة، تعاني في ظل الحصار الخانق، والجُهود متزايدة بتحسين الأداء الحكومي لتخفيف وطأة الحصار وتتعدد محاولات التحسين رغم الحصار المُتزايد.

مشهد #غَزَّة طَرِيْق التَّحرِيِر، مفتوح على السيناريوهات كافَّة وبشتى الاحتمالات وعلى أوسع مدى، وخلال هذه الفترة ستستمر غزة وأهلها في دفع فاتورة كاملة غير منقوصة، بصفتها راعية الحلم الفلسطيني، وسنديانة القضية، والرافعة والجسر نحو التحرير والعودة.

ولَتَعلمُنّ نَبَأُهُ بَعدَ حِيِنْ


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)