د. ناصر محمد معروف يكتب: الإعجاز في ورود لفظة (نعمة) نكرة في قوله: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ)

profile
د. ناصر محمد معروف نائب رئيس دائرة القدس رابطة علماء فلسطين
  • clock 9 يناير 2023, 12:30:17 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لماذا جاءت لفظة (نعمة) نكرة في قوله تعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (النحل: 18) ، ولماذا جاءت الفاصلة بقوله: (لغفور رحيم)؟

تأملت لفظة (نعمة) ولماذا جاءت نكرة ، فوجدت العجب كما يلي:


(١) جاءت اللفظة في سياق الحديث عن نعم الله التي خلقها لنا ، بقوله في السورة: (لكم)، حيث نعمة الحيوان ثم الماء الذي به الحياة ثم النبات ثم الشمس والقمر ثم النجوم ودورها، ثم البحار وما فيها ، ثم الجبال وأمانها ثم (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ)

(٢) إن الحديث عن هذه النعم يظهر تركيب بعضها على بعض ، فالحيوان لا يمكن أن يكون دون النبات ، والنبات لا يمكن أن يكون دون الماء ، والماء لا يمكن أن يكون دون البحار ، والنجوم تأتي محورا بين الأرض والسماء فحركتها ، لها دور في حركة البحار التي تخرج هذا اللحم الطري ، وتبخر الماء، كما لها دور في حركة السماء ، من ليل ونهار ، وصيف وشتاء ، وتنقل للماء.

(٣) إن تركيب الأشياء بعضها على بعض ، يردك إلى أصل هذا الأشياء ، وأن مردها جميعا إلى خالقها وهو الله رب العالمين.

(٤) والملاحظ أنه بعد أن رد كل شيء له ولفت أنظارنا إلى هذا الإبداع في الخلق والنعيم الذي خصنا به ، جاء ليقول: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ) ،  فهو وإن أحصى لنا هذه النعم في هذه السورة إلا أنه عدل فلفت أنظارنا إلى أن كل هذه النعم التي ذكرت ورغم كثرتها وارتباطها إلا أن كل نعمة من النعم لو أردتم أن تحصوا نعمة النعمة الواحدة وفوائدها ، فإنكم لن تستطيعوا.

 

وهنا لفت نظري ما يحيطنا الله به الله من نعيم ونحن نجحد وننسى ، كيف لو تفكرنا بنعمة واحدة فقط ، فهل يعصي احدا صاحب هذه النعمة؟
ولذلك علمت أن الإنسان لن يستطيع شكر هذه النعم وعلمت مدى رحمة الله بقوله: (إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)

وكذلك  ايضا فهمت حديث النبي ﷺ الذي رفض فيه الرجل أن يدخل الجنة برحمة الله   وأراد أن يدخلها بعمله ، فوزنوا له عبادة ال 500 سنة فلم تساوي نعمة البصر وحدها.

فنعمة البصر وحدها تحتوي على نعم لا يمكن أن تحصى ، فمتعة النظر إلى الجمال ، ومتعة القراءة ، ومتعة رؤية الطريق خشية التعثر ، ومتعة التمييز بين الأشياء ، ومتعة رؤية المخاطر فنتجنبها وووو ... الخ ، هذا اضافة إلى ما فيها من إعجاز في تركيبها وأغشيتها ، ولذلك وجد الرجل أنه مقصر فسارع وقال: بل اريد أن أدخل الجنة برحمتك.

وما أكثر النعم التي لا يمكن ان نحصي منافع النعمة الواحدة ، فسبحان من قال: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ).

التعليقات (0)