رضا طاهر الفقي يكتب: الشعراوي الرجل والمحنة ،صفحات مجهولة من حياته

profile
رضا طاهر الفقي كاتب صحفي مصري
  • clock 4 يناير 2023, 5:52:11 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

حاولنا جاهدين أن نخرج من أسر الرجل ، وألا نكون  دراويش  في محرابه أو جلادين علي حياته ، هبط على زماننا ، وهو علي حد قوله يحترم مهمته ،وهي أن يربط الدعوة بأسباب دنيوية ، وقد ساعدنا في هذا ، حيث نفي مرارا وتكرارا أن تكون سيرته الذاتية موضوعا في حد ذاتها ، في كل أحاديثه عن حياته كان حريصا على أن يضع بين  أيدينا ثمار التجربة ، لا التجربة نفسها .


ورحلة الرجل منذ مطلع القرن الماضي لم تكن  رحلة عابر سبيل ،بل كانت غزل خيط في نسيج الأحداث الوطنية ، فخرج في مظاهرات ، وعرف الاستجوابات والمظاهرات  والسجن ، فصار حتما أن يجد من يكتب عن الشعراوي نفسه مجبرا علي طرح تركيبة العصر ومتابعة مقدمات الأحداث والنتائج المترتبة عليها ؛ مما يستوجب الغوص وراء التواريخ والاشخاص التي صنعت أو شاركت في كل ما يجري .


في أبريل من عام ١٩١١ ، ولد الشعراوي في قرية دقادوس ، لأب يعمل في الزراعة ، وحفيدا لجد اختصر الشعراوي حياته قائلا : كان جدي رجلا له في طريق الله مجال ، وقد تفتحت عيناه على الدينا بعد رحيل الإمام محمد عبده ، أحد شيوخ الأزهر الأفذاذ بست سنوات  ، وكان صدى أفكاره الإصلاحية ما يزال ملء السمع والفكر ، وفي نفس العام الذي توفي فيه الإمام محمد عبده ١٩٠٥ ، شهدت مصر إول إضراب  في عصرها الحديث ؛ حيث قام الخياطون بإضراب  ؛ ليثمر هذا الإضراب قبل ميلاد الشعراوي بعام واحد ميلاد تسع نقابات  للعمل ، تضم ثلاثة الاف عضو  ، وبعد مولده بثلاث سنوات ، أعلنت بريطانيا الحماية علي مصر في عام ١٩١٤  ليواكب استعار نيران الحرب العالمية الاولي ، إذن فقد جاء مولده وسط ثلاث قضايا  هي كل الوطن ؛ القضية الأولي تجديد الفكر ، والثانية القضية الاجتماعية حقوق العمال ،والثالثة القضية الوطنية ، وهي  التذمر من الاستعمار ، حتي إذا بلغ أشُدَّه كانت ثورة ١٩١٩. 


وعندما بلغ الصبي عتبة الشباب الأول ، ودرجت عيناه  على ثقافة  عصره ،إذا به داخل ضجه اهتزت لها مصر كلها ، وذلك على مدى عامين  متتالين هما  عام  ١٩٢٥  و١٩٢٦ ، ففي العام الأول أصدر الشيخ علي الرازق كتابه " الإسلام وأصول الحكم "  وهو الكتاب الذي تناول فيه قضية فصل الدولة عن الدين ، واهتزت مصر كلها  ؛ حيث إن المؤلف من هيئة كبار العلماء وقاضٍ  في محكمة المنصورة ، وكان كتابه هذا جديدا  على ذهن تمتد جذوره عميقة في أغوار التراث والأصالة ، وفي العام التالي يُصدر طه حسين ـ مستخدما  الشك الديكارتي في دراسة الشعر والادب العربي ـ كتابه في الشعر الجاهلي ، ومره ثانيه تموج الأشياء حول الشعراوي ، وقبل ذلك بسنتين ، أعلن أتاتورك إلغاء الخلافة العثمانية الإسلامية ، وصار الوطن يتجه نحو آفاق جديده ،كما شاهد وعيه تلك المعركة التي دارت رحاها بين الشيخ محمد نجيب ومحمد علي وزير الاوقاف في ذلك الحين ، وقد رأى فيها الوزير أن  نظام الوقف ليس  إسلاميا ، وإذا بالمفتي يتهمه علنا بالكذب والادعاء ، بل وصل الامر باتهامه بالنفاق والكفر والإلحاد ، وتطو ر الأمر ليصل إلي البرلمان من خلال مقترح بإلغاء منصب المفتي ، إنها بلا شك بداية مناسبه تماما لرجل قدر له أن يكون  داعيه إسلامي ، فإذا به منذ نعومة اظافره كما يقول نفسه : يسبح في بحر متلاطم الأفكار ، ولا شيء يشحذ الذهن مثل  احتدام القضايا ، وفي الحلقة المقبلة نروي تفاصيل جديده من حياة الرجل والمحنة .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)