سامي كمال الدين يكتب: مصالحة مصرية تركية

profile
سامي كمال الدين إعلامي مصري
  • clock 16 يونيو 2022, 11:04:41 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تم وضعي على قوائم ترقب الوصول في مصر.. تم مصادرة بيتي وأموالي، لكني أعلي من مصلحة وطني مصر، بصرف النظر عن معارضتي لنظام حكمها، ومن قيمة البلاد التي فتحت لي أبوابها مثل تركيا وقطر.
نعم أنا أدعم مصالحة بين مصر وتركيا، فكلنا يعلم الظرف الإقليمي الصعب خاصة في شرق المتوسط وتحالفات القوى الدولية التي تحاول الضغط على تركيا وحصارها من كل ناحية بسبب المواقف الإنسانية التي اتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه الشعوب المقهورة التي لجأت إلى تركيا، ففتحت تركيا أبوابها للجميع.
المصالحة المصرية التركية يجب أن تستند لعدة أبعاد منها البعد الإستراتيجي والبعد الجغرافي والبعد التاريخي.

إستراتيجيًا لا تستطيع مصر وتركيا الاستغناء عن بعضهما البعض على المستوى الاقتصادي والمستوى الإقليمي.

هناك خلافات سياسية منذ عام 2013 رفض الرئيس أردوغان الانقلاب العسكري على الدكتور محمد مرسي، وصرح في عدد من خطبه ومقابلاته عن ذلك بشكل علني وواضح، مقابل ذلك صدرت تصريحات من الدولة المصرية تمثلت بشكل مباشر في وزير الخارجية المصري والمتحدث باسم وزير الخارجية، وبتلميحات غير مباشرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رافضة لما تحدّث به الرئيس أردوغان.

أيضًا استدعاء مصر السفير المصري من أنقرة عام 2013 ومغادرة السفير التركي مصر ساهم في تصعيد الأزمات بين البلدين.

لكن في نفس الوقت بلغت الصادرات والواردات بين مصر وتركيا تفوقًا أكثر مما كانت عليه في عهد الرئيس مرسي، ففي شهر أبريل 2020 كانت مصر من ضمن أكثر الدول تصديرًا لتركيا، وقبل اجتياح فيروس كورونا العالم بلغت حركة التجارة بين مصر وتركيا 1.414 مليار دولار لتنخفض بعد كوفيد 1.251 مليار دولار، قيمة التبادل التجاري بين البلدين بلغت 488.325 مليون دولار في مارس 2019.

بل إن تركيا تستحوذ على 5.2% من إجمالي تجارة مصر الخارجية خلال الفترة من يناير إلى مارس 2020 حسب تقرير صادر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، بل إن الميزان التجاري بين البلدين جاء لصالح تركيا بقيمة 365.911 مليون دولار في يناير وفبراير ومارس 2020.

أما على المستوى التاريخي فالعلاقات المصرية التركية ضاربة في بطن التاريخ، منذ قيام الدولة العثمانية وحتى انهيارها، بين مدّ وجذب وسيطرة واستقلال، نعم تركيا أقرب إلى مصر من اليونان وقبرص وأي دولة أخرى.

جغرافيًا هناك حدود بحرية تربط البلدين، ولعل الخلاف الكبير بينهما في شرق المتوسط إذا تمت تسويته ففيه مصالح سياسية وجغرافية واقتصادية للبلدين، فاتفاق مصر وتركيا في شرق المتوسط، سيمنح البلدين حقهما القانوني في حقول النفط والغاز، ومن ثمّ وقف تكاليف استيراد مواد الطاقة داخل البلدين، الذي يكلف مصر وتركيا تكاليف خرافية كل عام.

توقيع اتفاقية شرق المتوسط بين مصر وتركيا، سيجعل لتركيا مناطق خاصة بها للتنقيب عن الغاز، وسيفتح لها المجال مع دول أوروبا المتشابكة حدودها معها مثل قبرص واليونان، ويضيف لاتفاقيتها مع جمهورية قبرص الشمالية اتفاقيات حدودية جديدة.

مصر وقعت اتفاقيات دولية مع قبرص واليونان، لكن بتوقيع اتفاقية بين مصر وتركيا، ستحصل مصر على حصة أكبر من غاز شرق المتوسط، ما يوفر للشعب المصري حلولًا لأزمات البترول والغاز والبنزين والسولار والكهرباء، المتكررة كل عام في مصر.

هناك أيضًا الملف الليبي، فالمصالحة بين مصر وتركيا ستقتضي توقيع اتفاقية تشمل مصر وتركيا وليبيا والفرق المتناحرة فيها.

ماذا عن الوضع الإقليمي؟

هذه هي المعضلة الكبرى في مسألة المصالحة، فالتحالف مع تركيا يعني تحالفًا إقليميًا شرق أوسطي، بينما مصر صنعت تكتلات كبيرة مع دول أغلبها تتخذ موقفًا مناوئًا لتركيا مثل السعودية، الإمارات، فرنسا، اليونان، مع ترابط قوي مع إسرائيل.. وهذا أمر محيّر، فتركيا كانت مرشحة ذات عام لتكون عضوًا غير منتسب إلى الجامعة العربية، فكيف وصل الشقاق بينها وبين عدد من الدول العربية إلى هذا الحد وهذه التحالفات ضدها، من دول عربية المفترض أن تكون تركيا الأقرب إليها من أي دولة أوروبية؟!

فكيف تخرج مصالحة مصرية تركية من هذه الكماشة؟!

الأقرب في ذهني إلى ذلك الاتفاقيات الموقعة بين تركيا وروسيا.. فهي اتفاقيات في بعض الملفات وتباعد في بعضها الآخر، وأرى أن مصر وتركيا تستطيعان عقد مصالحة بينهما في ملفات مثل شرق المتوسط وليبيا واستمرار السياسة الاقتصادية بينهما، فما يعود بالخير على الشعب المصري والتركي يسعد أي وطني غيور على وطنه.

أما طنطنة بعض قنوات الإعلام في مصر على تسليم تركيا قيادات من جماعة الإخوان المسلمين الموجودين في تركيا ضمن المصالحة، فلا أعتقد أن تركيا تفعل ذلك، أو تفعله أي دولة تنحاز للإنسانية والإنسان.

نحن مع السياسة الوطنية وحماية حدودنا الدولية، ولسنا ضد مؤسسات وطننا المصري وعلى رأسه الجيش المصري وكافة المؤسسات في الدولة، على الرغم من معارضتنا للنظام الحاكم فيه.

إعلامي مصري

@samykamaleldeen


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)