سعيدي عبدالرحمن يكتب: الشرق الاوسط والقوة المركزية

profile
سعيدي عبدالرحمن سياسي وبرلماني جزائري سابق
  • clock 21 يناير 2023, 2:42:17 ص
  • eye 248
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

عبر التاريخ الشرق الأوسط يشكل ثقلا جيوسياسي  في العالم  كثير من القوى العالمية والاقليمية تصارعت فيما بينها للهيمنة عليه والتحكم في ثرواته وعرف الشرق الأوسط والخليج  عبر التاريخ  عدة مراكز قوة تتجاذبه وتداولت على مركزية القوى غيه من ايام الفتح الإسلامي إلى عصرنا الحالي   والشرق الأوسط  الواسع يمتد من حدود  بلاد الأفغان إلى حدود ليبيا وتونس
وبعض المفكرين من أمثال مالك بن نبي يطلق عليه محور  جاكرتا _ طانجا ومع مرور الزمن انتهى الشرق الأوسط في العصر الاخير القرن ١٨  إلى قيادة الدولة العثمانية كمركز قوة تدير علاقاته وتجاذبت وتفاعلت  مع كل التحديات  بالمنطقة منها النزعة التحررية والقومية العربية  وكذلك مختلف التطورات  في الشرق الأوسط ولكن بعد الحرب العالمية الأولى دخلت الدولة العثمانية في عمليات قص الأجنحة والاطراف من خلال انكساراتها وفسادها في الحكم وإدارة الأقاليم  ايام  الحرب العالمية الأولى والسياسات الاستعمارية التي انتهجها الاستعمار القديم الفرنسي والبريطاني اقتحمت الشرق الأوسط  بمشاريع تقسيم  النفوذ منها ضمان وطن لليهود بموجب وعد بلفور رئيس وزراء بريطانيا ايام الانتداب البريطاني  و تقلص حجم تأثير الدولة العثمانية في الشرق الأوسط من خلال  الاحتلال والغزو ومشروع التقسيم سايس بيكو الثلاثي ثم الثنائي "بريطانيا وفرنسا " وابعدت منه روسيا القديمة قبل الثورة الشيوعية  والمشروع الاستيطاني من خلال إنشاء كيان صهيوني هجين من المهاجرين اليهود  من أوروبا واحتلال فلسطين وظل الاستعمار يشكل مركز قوة يتحرك ويحرك الشرق الأوسط حيث تأثر  بسياساته ولكن بعد الحرب العالمية الثانية بدأ الاستعمار تهلهل وضعه الاقتصادي والاجتماعي وانهارت قدراته الاستعمارية في الهيمنة  فترك  المساحة وابتعد عن مركزيته في الشرق الأوسط لصالح دول ناشئة بعد الاستعمار وهذه الدول ظهر وجودها من بعد ١٩٤٥ إلى غاية ١٩٧٣ خاصة دول الخليج بعض هذه الدول  افتك استقلاله بالثورة والجهاد ومنه من تحرر من الانتداب بالنضال  السياسي والضغط الشعبي والسياسي ومنه من منحت له السيادة وانشئت له دولة ذات تبعية استعمارية وشكلت له قوة عسكرية تابعة للمستعمر وظل رهينة اتفاقيات عقدت في العلن والسر 
وترنحت هذه الدول  في سياساتها إلى محورين في تلك الفترة مع بداية الحرب الباردة بين التحالف مع الولايات المتحده الامريكية والتبعية لروسيا والبعض منها انظم  إلى سياسة عدم الانحياز  وإظهار استقلاليته 
وهذا شكل مشهد عقد من عملية التحالفات في الشرق الأوسط مما جعله  يفقد القوة المركزية الموجهة له والضابطة لايقاعه ووقعت صدامات كثيرة بين دول شرق الاوسط فتميزت في هذه الفترة بتحالفات غير صلبة بل هشة وهجينة  وانعقدت في كل الاتجاهات فتشكلت محاور هشة  لا تقوى على الاستقلالية والحياد كشفتها حرب العرب مع إسرائيل ٦٧ و ٧٣ واتفاقيات كامب ديفيد ومدريد واوسلو والحروب البينية منها حرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج   الأولى والثانية  وغزو الكويت من العراق والانتفاضات المختلفة في فلسطين المحتلة وظل الشرق الأوسط بعيد كل البعد عن الصلابة في التحالفات وهو يترنح بين الخصومة والصداقة  بين أطرافه وما زاد في تلك السياسات الأمريكية في دعم الكيان الصهيوني على حساب الدول العربية   وهو جرح في خاصرة الشرق الأوسط 
وزالت القومية العربية ( البعثية والناصرية ) من المشهد العام  حيث لم تقوى بعض الدول في فرضها كنقطة ارتكاز للشرق الأوسط ولم تشكل بها الدفاع القومي المشترك ماعدا جبهة الصمود والتحدي لإعطائه تلك الحيوية الجيوسياسية في المنطقة والسبب يرجع لطبيعة  الأنظمة ونشأتها ومرجعية الدول في الشرق الأوسط  


وعادت تركيا وإيران لتلعبا دور مركز القوة في الشرق الأوسط والتنافس الحاد  بينهما  جعل منهما تهديدا أكثر ما يكون فرصة لتشكيل قوة  مركزية   معتدلة ومتوازنة للشرق الأوسط 


فكل الدول في شرق الاوسط والخليج العربي  اختلت عندهم التوازنات والتحالفات ولم  يصلوا إلى تحديد نوعية السياسات والتحالفات التي توفر لهم الأمن القومي فهم في فراغ غير معلن 
فصارت تركيا مع الربيع العربي الاخير واعتلاء الإخوان المسلمين المشهد السياسي أكثر احتضانا للاخوان المسلمين كمعادلة سياسية  لتحريك نفوذها في داخل  الشرق الأوسط واصطفت دول في محور دعم الإخوان والآخرى في رفض الإخوان ومحاربتهم وتصنيفهم كحركة سياسية إرهابية 
وهناك من اصطف ضد التدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن وهناك من يتحالف مع إيران 
وإيران تشكل  أيضا مركز ثقل ونفوذ في الشرق الأوسط واختلفت وتبايانت  المواقف منها فهناك من يتواصل معها ويطور علاقته معها  وهناك من يبتعد عنها  ويخاصمها ويحذر منها إلا أن الولايات المتحدة غير مهتمة كثيرا بدعم الأمن القومي للشرق الأوسط ماعدا امن ووجود  إسرائيل فهي عمق الامني الاستراتيجي لأمريكا والغرب دون ذلك لا يكترثون بغيرها  وظهر هذا جليا مع الحرب الروسية الأوكرانية وقضية تايوان والأمن في الباسفيك 
فالشرق الأوسط يعيش بلا مركزية قوة ويعيش فراغا في التوجيه والتوازن ولا يستطيع ضمان امنه في ظل هذه الظروف الاقتصادية وانهيار دول فيها  والمخاوف 
كل تحالفات في الشرق الأوسط والخليج سائلة غير صلبة 
تاكدت عندها  دول الخليج أن محاصرتها وخصومتها لقطر لا تجدي لها نفعا وقطر تأكدت أن محيطها هو الخليج وتركيا تأكدت أن احتضان الإخوان المسلمين مع ذهاب نفوذهم وصراعاتهم لا يقدم لتركيا شيء في مقارعة دول من الشرق الأوسط وكثير من دول برفضهم للإخوان وعدم إعادة النظر في العلاقة معهم  لا يكسبون به وضعا مريحا فترك ملفهم جانبا وإبعاده  هو المناسب 
ويجعلونه عائقا في بناء علاقات مع دول في الشرق الاوسط كانت تتحتضن الإخوان سابقا 
فالشرق الأوسط يعيش مخاضا كيف يتعامل مع خوفه وأمنه القومي واستقراره وما نعيشه في هذه مرحلة   ميلاد صعب لعالم متعدد الأقطاب والتحالفات ممكن يجد فيه الشرق الأوسط مركزية القوة له ويقضي على الفراغ فيه

الاستاذ سعيدي عبدالرحمن برلماني سابق وسياسي

التعليقات (0)