- ℃ 11 تركيا
- 3 ديسمبر 2024
سعيد البدري يكتب: فلدشتاين ورقة نتنياهو لترهيب الجنرالات!
سعيد البدري يكتب: فلدشتاين ورقة نتنياهو لترهيب الجنرالات!
- 5 نوفمبر 2024, 2:29:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من المنطقي جداً أن ترتفع الأصوات في الداخل الإسرائيلي في وجه رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية، نتنياهو. فبعد عام من الحرب على غزة ومن ثم لبنان، تجد النخب السياسية والأمنية وكثير من صناع الرأي أن وعود نتنياهو وأهدافه التي أعلنها لم يتحقق منها شيء يُذكر، بل يتفاقم الوضع مع سيادة حالة التراجع وتكبد الهزائم والخسائر الفادحة بين صفوف قوات الجيش، وهزيمة نفسية لا يمكن معها تحقيق أي تقدم ميداني كبير يحسم المعركة لصالح الصهاينة.
إضافة إلى الوضع السياسي الداخلي المتأزم وإصرار نتنياهو على المضي بخيار الحرب، والتي تفرض حالة من التعطيل التام وزيادة الأعباء على الاقتصاد الإسرائيلي المستنزف بفضل عمليات المقاومة الإسلامية، تكشف فضيحة التسريبات التي أطلق عليها في الإعلام العالمي بفضيحة فلدشتاين المستور. ويبدو من مسار أحداثها وأسرارها وجود سيناريو بأهداف واضحة يحاول نتنياهو فرضه لإشغال الجبهة الداخلية للكيان الغاصب، وصرف النظر عن كم الأخطاء التي تستوجب العقاب، والتي تهدد مستقبله السياسي وتشي بانهيار وشيك لاستراتيجيته في إدارة الحرب وإطالة أمدها وصولاً لما بعد الانتخابات الأمريكية، التي يراهن عليها طمعاً في أن يكون لرئيس الإدارة الأمريكية الجديد دور مباشر في تغيير واقع الأرض وتحويل هزيمة الكيان إلى نصر يمكنه من الاستمرار والتملص من العقاب الذي ينتظره.
قبل الخوض في سيناريو نتنياهو، ينبغي فهم خلفيات التسريب والكشف عن المتهمين المحتملين أو ضحايا نتنياهو. تبدأ القصة بتسريب مستشار كبير بصفة متحدث باسم مكتب رئيس وزراء الكيان الصهيوني (إليعازر فلدشتاين) وثائقَ مصنفة "سرية جداً" إلى وسائل إعلام أجنبية.
ورغم أن هذا المستشار لم يحصل على تصنيف أمني يتيح له الاطلاع على الوثائق السرية، إلا أنه كان إلى جانب نتنياهو في زيارات وجلسات مغلقة. ويرى زعماء المعارضة أن المعلومات الاستخبارية "مزيفة" وأنها جزء من حيلة لإحباط اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى في غزة. وقد قام فلدشتاين بتفسير هذه الوثائق وإصدار توصيات توحي بعكس ما حوته الوثائق، للتأثير في قرار الحكومة بشكل منحاز تماماً لرغبة نتنياهو.
ولأن الأمر لا يخلو من استغلال وغايات مستترة تقف خلف توقيتات كشف هذه الفضيحة، ترى النخبة في الداخل الإسرائيلي أن جهاز الشاباك، المرتبط برئيس حكومة الكيان الغاصب، يسهم في تنفيذ إرادته عبر توجيه البوصلة إلى العسكر، بجهاز أمن المعلومات المعني بمكافحة تسريب الوثائق ومتابعة المعلومات المرتبطة بالجيش. وتخلص الرؤية التي نحن بصددها إلى أن نتنياهو يخشى انهيار معنويات الجنود وقوات الاحتلال القتالية إثر امتناع عدد منهم عن المشاركة في الحرب، وتصريحات عدد آخر من الجنرالات بأن الوضع الميداني صعب ولا يمكنهم تحقيق تقدم على الأرض. ما يعني أن خيار الاستمرار يعد عبثياً ويكرس الهزيمة النفسية للقوات المحتشدة على الحدود اللبنانية والمتواجدة في غزة.
إذن، الرسالة التي يتحدث عنها إعلام الكيان موجهة لهؤلاء الجنرالات، والتي تقول إن الجميع يمكن أن يتعرض للاعتقال والتشويه بحجة ضلوعه بتمرير الوثائق المزعومة. وما تسرب بحقيقته يختلف عما أوحى به مستشار نتنياهو وأظهره للعلن، وبذلك فإن فلدشتاين ليس إلا ورقة يحاول من خلالها نتنياهو وضع سكين على رقابهم لإجبارهم على الصمت والانغماس في هذه الحرب الخاسرة، ليستمر في موقعه بحثاً عن انتصار موهوم يتجاوز به ما ينتظره من مصير محتوم يلقيه خارج المشهد السياسي.