سياسة جديدة.. هل قررت الصين الانحياز لدول الخليج على حساب إيران؟

profile
  • clock 5 يناير 2023, 6:45:55 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

شكلت زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينج" إلى السعودية في 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي نقطة تحول في سياسة بكين تجاه دول الخليج العربي.

وتضمنت هذه الرحلة التي استغرقت 3 أيام 3 قمم: واحدة بين الرئيس "شي" وولي العهد السعودي نيابة عن الملك "سلمان"؛ والثانية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والثالثة بين الصين وجامعة الدول العربية.

وكما هو متوقع، كانت رحلة "شي" إلى الرياض مدفوعة بشكل أساسي بالاهتمام بالطاقة وسط التقلبات المستمرة في أسواق الطاقة العالمية بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

وتعد السعودية أكبر مورّد للنفط الخام إلى الصين منذ عام 2020، وتخطط بكين لزيادة استيراد النفط والغاز الطبيعي المسال من المنطقة.

وبصرف النظر عن 34 اتفاقية بقيمة 30 مليار دولار تم توقيعها في قطاعات البنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة الخضراء، تستعد بكين والرياض لتوسيع شراكتهما الاستراتيجية في وقت تزداد فيه علاقات الدولتين مع الولايات المتحدة توتراً.

وخلال قمته مع دول مجلس التعاون الخليجي، أشار الرئيس "شي" إلى أن زيارته تنذر بـ"حقبة جديدة" في الشراكة الصينية العربية.

وفي القمة الأولى بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، اتفقت جميع الأطراف أيضًا على تبني خطة عمل مشتركة مدتها 5 سنوات للحوار الاستراتيجي وتطوير شراكتهم في مختلف القضايا الأمنية والاقتصادية، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني والقضايا الإقليمية.

وما جعل القمة الصينية الخليجية غير متوقعة بالنسبة لطهران، هو البيان المناهض لإيران الذي وقعه "شي" مع دول مجلس التعاون الخليجي حيث جعلت البيانات المشتركة التي صدرت خلال القمة الصينية الخليجية رجال الدولة في طهران يتساءلون عما إذا كان هناك تحول في استراتيجية بكين تجاه منطقة الخليج، خاصة في ظل تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها الأمنية هناك.

وأشار هذا البيان غير المتوقع إلى إيران على أنها "داعمة للجماعات الإرهابية"، و"ناشرة للطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية"، و"تزعزع الاستقرار والأمن الإقليمي".

كما دعا إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والالتزام بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، والتوصل إلى حل سلمي مع دولة الإمارات بشأن قضية منع انتشار الأسلحة النووية وقضية الجزر الثلاث المتنازع عليها بين الجانبين.

ورداً على ذلك، استدعت طهران على الفور السفير الصيني بشأن البيان المشترك مع مجلس التعاون الخليجي، مؤكدة أن جزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى الواقعة في الخليج هي أجزاء لا تنفصل عن إيران أبديا.

ويبدو أن هناك تغير في موقف الصين المحايد تجاه منطقة الخليج العربي، ومن شأن الانحياز إلى دول مجلس التعاون الخليجي ضد إيران أن يهدد التوازن الصيني في الخليج. وبالرغم أنه ليس من السهل مناقشة إذا كانت الصين تفضل دول مجلس التعاون الخليجي على إيران في الخليج العربي، إلا أن هناك دوافع متعددة المستويات والأبعاد تكشف عن دوافع تحرك الصين الأخير.

أولاً، تحول موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاه الصين بشكل كبير.

تتطور الشراكة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في ظل السياق العالمي والإقليمي المتغير. ولطالما أظهر قادة دول مجلس التعاون الخليجي مخاوفهم المتزايدة بشأن العواقب الأمنية لفك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة.

وتتوقع دول مجلس التعاون الخليجي أن تقدم الصين الدعم لها في صد نفوذ إيران الإقليمي وردع أنشطتها العسكرية.

وبالنسبة للصين، يتمثل الجزء الأصعب في تعميق العلاقات الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي في إدارة علاقاتها مع إيران.

لكن مع التحديات التي تواجهها إيران حاليا واشتداد التوتر مع الغرب، تتحرك الصين بشكل أقل حذرًا نحو تعزيز شراكتها مع خصوم طهران في المنطقة.

علاوة على ذلك، تجد ممالك الخليج نفسها في وضع غير مسبوق لتأكيد استقلاليتها الاستراتيجية.

ومن خلال تعميق الشراكة الاستراتيجية مع الصين، تهدف الأنظمة الملكية العربية إلى إرسال رسالة إلى واشنطن مفادها أن لديها خيارات بديلة.

وكان أحد دوافع الرياض في توسيع العلاقات العسكرية مع الصين هو توفير المزيد من الخيارات لنفسها ردًا على الضغوط الغربية وحظر الأسلحة ضد السعودية في حرب اليمن.

وبالرغم أن مشاركة الصين المتزايدة في الخليج العربي لا تهدف إلى استبدال الولايات المتحدة، على الأقل في المدى المتوسط، فإن الدول العربية لديها نزعات متزايدة لإشراك الصين في الشؤون الإقليمية.

ثانيًا، تُظهر مستويات المشاركة المتزايدة في الخليج أن الصين تسعى إلى لعب دور أكبر في تشكيل الترتيبات الإقليمية.

وبالرغم أن ترتيب الأوضاع الفوضوية في الشرق الأوسط ليس أولوية صينية، توصلت بكين إلى استنتاج مفاده أن دور الصين النشط في هذه المنطقة يمكن أن يوفر أداة فعالة لتحقيق التوازن أمام السياسة الأمريكية المتعلقة بالتركيز على آسيا.

لذلك يبدو في السنوات الأخيرة أن سياسة الصين تجاه الخليج تعتمد على تقريب شركاء أمريكا الاستراتيجيين من نفسها، مع تجنب التورط في النزاعات الإقليمية وتحديداً قضية إيران.

علاوة على ذلك، كلما زاد تأثير الصين على القطاعات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، زادت القوة التي ستكتسبها لموازنة تفوق الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.

التعليقات (0)