"سيد حجاب السند "من حكايات حسن وهبه

profile
حسن وهبه فنان تشكيلي وشاعر مصري
  • clock 17 مارس 2021, 9:16:19 م
  • eye 1103
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


أمير شعراء العامية المصرية.. قابلته لأول مرة فى استديو عمار الشريعى الله يرحمه عام 1981، وفى كل مرة كان يذهلنى بكم الثقافة والمعرفة التى يمتلكها فى شتى نواحى الثقافة والحياة.

موسوعة ثقافية وفنية وحياتية ولغوية لم يصادفني مثلها حتى الآن وقدرة مذهلة على استغلال إمكانيات ودلالات اللفظ المختلفة داخل أشعاره.


كان لديه بوتقة تصهر كل تلك المعارف والثقافات وصبها داخل أعماله طفل كبير نزق مغلف بشكل طفولى لذيذ، أتذكر أيام فوازير شريهان وصبره على انتقاداتي التى كانت من فرط حبى له ومحاولاته إقناعى بأن استمع لها بعيدًا عن الضجيج الإعلامي الذى لم يحسن استقبالها وتربص البعض له وقتها.

أتذكر محاولاته إخراجي من فترة أحباط شديد مررت بها.

أتذكر سهراتنا المشتركة فى استديو عمار وشقة الزمالك مع صديقى الفنان على الحجار وصديقي المخرج الفنان وحيد مخيمر وفى بيته القديم بشارع السودان والحسين والسيدة والتجوال فى شوارع القاهرة والرفاعي الكبابجى وشغفه بالطعام واستمتاعه بالحياة ومحاولاته إسعاد من حوله ذكريات لا تعد ولا تحصى.

ولا استطيع أن أتجاهل أيضًا قدرته العجيبة على التواصل مع كافة الأجيال المبدعة فى كل أرجاء مصر بل وادهشني أن لكل مبدع منهم ذكرياته الخاصة معه وهو أمر لو تعلمون عظيم.

لم يقف اهتمامه بالفنون الاخرى عند حد المعرفة بل كان يملك ثقافة تشكيلية وموسيقية متعمقة وأرفع من بعض المتخصصين ومتابعة جادة لكل جديد.

قدرات عديدة قد تبدو للبعض بسيطة ولكنها تعنى أننا أمام شخص موهوب لم يرتكن لموهبته الكبيرة بل بذل الجهد من أجل استكمالها بثقافة شاملة وبخبرات حياتية وإنسانية هائلة وضعته فى مكانة لا تطال.

لا أريد الخوض فى أشعاره وقيمتها لأننى أتمنى أن تنال اهتمام دارسي الأدب والشعر لكن من وجهة نظري هو أحد أهم شعراء مصر خلال الحقبة الماضية بعيدًا عن تصنيفه كشاعر عامية والتي يعتقد البعض أنها أقل قيمة من الفصحى فرأيي أن الراحل فؤاد حداد قد هدم تلك الأقوال بأعماله التى تعدت فى قيمتها الكثير من دواوين الفصحى وتبعه صلاح جاهين وبالطبع سيد حجاب والذى أعتبره رائدًا لأغاني الدراما التليفزيونية.

حاولت مرة أن أدهشه بالصدفة العجيبة التى جعلتني أعيش لعدة شهور فى مناجم الفوسفات بأم الحويطات تلك البلدة المخفية فى جوف صحراء سفاجا بالبحرالاحمر وتوقعت دهشته وإنبهاره ولكن أدهشني هو بانه يعرفها جيدًا بل وبدأ فى السؤال عن بعض ممن تعرف عليهم هناك.

كانت مكتبته عامرة بالكتب فى شتى مناحي الأدب والفن والتاريخ والفلسفة وأذكر أننى لم أكن قد قرأت وقتها كتاب "شخصية مصر" لجمال حمدان كاملًا وأتاح لي استعارته واستعارة غيره من أمهات الكتب لا أستطيع ان أخفى حجم تأثيره على ثقافتي وعلى شخصيتي بشكل عام.


لقد كان السند لي ولجيلي ولأجيال من بعدنا ليس فقط بأستاذيته كشاعر ومثقف ولكن بإنسانيته المفرطة التى تشعر معها أنه أخيك الأكبر رحم الله الأخ الكبير والصديق والأستاذ وألهمنا الصبر على فراقه

التعليقات (0)