شهادات مروعة لسودانيين في مواجهة الموت.. الخوف سيد الموقف مع سيطرة “الدعم السريع” على أحياء بالخرطوم

profile
  • clock 28 أبريل 2023, 9:02:06 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يواجه المدنيون في العاصمة الخرطوم الخطر كل يوم مع استمرار الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، مما أجبر كثيراً منهم على الرحيل من أرقى أحياء العاصمة، فيما درب آخرون أنفسهم على التأقلم على العيش في وسط المقاتلين المسلحين، بحسب ما رصدته صحيفة New York Times الأمريكية، الخميس 26 أبريل/نيسان 2023. 

حيث يتفاوض المدنيون مع المسلحين عند نقاط التفتيش من أجل العبور الآمن، ويشاركونهم الطعام والماء على مضض، ويتلقون منهم التحذيرات بشأن المعارك المقبلة أحياناً، مما يمنح السكان الوقت الكافي للفرار أو الركض عائدين إلى الداخل وإغلاق أبوابهم.

بحسب الصحيفة الأمريكية، فقد انتقل المقاتلون إلى داخل المنازل واستولوا على المتاجر والمستشفيات، ليُرهبوا المدنيين تارةً قبل أن يحاولوا استمالتهم تارةً أخرى. 

"الدعم السريع" تسيطر 

فيما تحدّث سكان العاصمة عبر الهاتف والرسائل النصية القصيرة عن سيطرة قوات الدعم السريع على مساحة كبيرة من وسط المدينة والأحياء المحيطة على ما يبدو، إضافة إلى أجزاء من مدينة أم درمان، مخترقين بذلك عمق المناطق السكنية، بينما يتمركز الجيش النظامي على مسافات أبعد تُتيح له التحكم في الدخول والخروج، بحسب الصحيفة. 

من جانبه، أوضح ألان بوزويل، مدير مشروع القرن الإفريقي في مركز أبحاث International Crisis Group: "ما يزال تركيز قوات الدعم السريع مُنصباً بشدة على الفوز بالخرطوم. هذه هي المواجهة الحاسمة".

وشهدت الأيام الأولى من الاشتباكات دخول قوات الدعم السريع في قتال عنيف داخل أحياء الخرطوم القريبة من المطار الدولي، مثل حي العمارات والخرطوم2، حيث سيطروا على الشوارع التي تحتوي على العديد من السفارات والسكان الأثرياء. كما نشروا نقاط التفتيش في الأحياء الراقية مثل حي الرياض، حيث وضعوا الأسلحة المضادة للطائرات أمام المنازل لاستهداف طائرات الجيش التي تحوم حول المكان.

ويُشكل مقاتلو قوات الدعم السريع مجموعات تتراوح بين خمسة أشخاص و20 شخصاً عند نقاط التفتيش عادةً، بحسب السكان، لكن حي كافوري شمال العاصمة شهد تجمع أكثر من 50 مقاتلاً في إحدى نقاط التفتيش. 

يحمل المقاتلون قاذفات البازوكا، ورشاشات الكلاشينكوف، والرشاشات الآلية في المعتاد. بينما يصلون على متن شاحنات نصف نقل من طراز تويوتا. فيما ذكر بعض السكان أنهم يحملون الأسلحة المضادة للطائرات معهم أحياناً.

 

خوف وذعر بين المواطنين 

فيما قال قاسم أمين أوشي، المهندس الذي تحول إلى ناشط ومنظم مجتمعي: "ينتشرون في الأحياء منذ اليوم الأول، ويأخذون الناس كدروع". 

بحسب ما نقلته الصحيفة عن أوشي، فقد تحركت قوات الدعم سريعاً إلى داخل حي بيت المال في أم درمان، ونشرت نقطة تفتيش على الجسر، ثم توجهت إلى مقر الشرطة مباشرةً واستولت عليه بعد معركةٍ قصيرة بالأسلحة. وبعدها، تحركت القوات صوب محطة الإذاعة والتلفزيون المحلية، ثم المستشفى، والمدرسة الفنية، وعدة بنايات، فيما نهب الجنود متاجر السوبر ماركت والمخابز، كما بدأوا في دخول منازل الحي بالتزامن مع فرار الأهالي.

وأوضح أوشي: "لا أستطيع الحركة بحرية، ولا أستطيع الحصول على أغراضي بحرية. لدينا نافذة وقت قصيرة جداً للتجول". إذ يخاطر بالخروج في فترات الظهيرة، عندما تتباطأ وتيرة المعارك، ليبحث عن الطعام والإمدادات الطبية. لكنه يحاول ألا يلفت كثيراً من الأنظار، لأن أفراد مجتمعه تحدثوا عن تعرضهم للسرقة على يد بعض المقاتلين. 

ينتمي أوشي إلى واحدة من "لجان المقاومة" المنضوية تحت لواء الحركة الشعبية المؤيدة للديمقراطية، التي احتجت ضد الحكم العسكري قبل بدء المعارك الحالية. وصارت تلك اللجان بمثابة شريان حياة لبعض سكان الخرطوم، حيث يوزعون الطعام، والدواء، وأرصدة الهاتف. 

وقال أوشي إن اللجنة تنشر إنذاراً على الشبكات الاجتماعية عندما يحذّر مصدر في قوات الدعم السريع من هجوم وشيك، أو عندما يحذّر شخص داخل الجيش أو أجهزة المخابرات من احتمالية تصعيد المعارك.

بينما قالت عضو لجنة مقاومة في حي سكني بالخرطوم إن مقاتلي الدعم السريع انتقلوا إلى داخل أربع بنايات سكنية في إحدى المناطق، وحولوا الشوارع إلى منطقة حرب. لكنها رفضت ذكر اسمها؛ خوفاً على سلامتها.

وأوضحت أن اللجنة اضطرت إلى التفاوض مع مقاتلي قوات الدعم السريع؛ من أجل السماح لبعض العائلات بالمغادرة. 

 

وقال جهاد مشامون، الباحث والمحلل السياسي السوداني، إن قوات الدعم السريع في العاصمة تستخدم "تكتيكات الكر والفر لمهاجمة مواقع القوات المسلحة السودانية والاستيلاء عليها". وأردف أن الجيش قد رد باستغلال ميزاته الأساسية التي تشمل المروحيات، والدبابات، والأسلحة الثقيلة لاسترداد بعض تلك المواقع.

ويتمتع الجيش باليد العليا في بعض الأحياء جنوب الخرطوم، حيث يقع حي أبو آدم بالقرب من قاعدة عسكرية. وقال مصعب عبد الله (24 عاماً)، الذي يقطن في الحي، إنه اعتاد رؤية جنود يرتدون الزي العسكري أو يقودون العربات المدرعة في الأنحاء، لكن نقاط تفتيش قوات الدعم السريع تنتظره عندما يغادر الحي الذي يقطنه.

ويبحث المقاتلون عن الأسلحة في المعتاد، أو يستجوبون الناس لمعرفة ما إذا كانوا على صلة بالجيش، وفقاً لما قاله عبد الله.

على وجه الخصوص، يشعر أفراد المجتمع الطبي في الخرطوم بأنهم مستضعفون على نحوٍ خاص. إذ تنتشر شائعات تقول إن قوات الدعم السريع تخطف الأطباء والممرضات، وتجبرهم على علاج المقاتلين الجرحى تحت تهديد السلاح. 

إذ قالت الدكتورة ولاء ميرغني، الطبيبة المقيمة في وسط الخرطوم: "ينفطر قلبي كطبيبة لشعوري بالعجز. لا نستطيع مساعدة الناس".

وبعد الاختباء داخل منزلها لمدة أسبوع، هربت الدكتورة ولاء مع شقيقها الطبيب خارج المدينة، حيث أخفيا هويتهما المهنية أثناء اجتياز أربع من نقاط تفتيش قوات الدعم السريع، من أجل الوصول إلى مدينة ود مدني "الآمنة" جنوب شرقي الخرطوم.

كلمات دليلية
التعليقات (0)