صاندي تايمز: تراجع معنويات الأوكرانيين وتزايد خسائرهم تستدعي تحركا من الغرب ومساعدتهم

profile
  • clock 5 يونيو 2022, 12:51:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال الجنرال سير ريتشارد بارونز، قائد القوات المشتركة البريطانية ما بين 2013- 2016 إن المعنويات تتراجع مع تزايد خسائر القوات الأوكرانية، مشيرا إلى حوالي 100 جندي أوكراني يقتلون يوميا في منطقة دونباس بشكل يجعل من الضروري إرسال أسلحة متقدمة لمواجهة المدفعية الروسية هناك.

وقال إن العالم تسمر واندهش منذ شن روسيا “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا بشباط/ فبراير حيث تفوقت قوات قليلة العتاد ولكنها مصممة على القوة العسكرية الحديثة والجرارة.

إلا أن الوضع تغير الآن حيث تكافح القوات الأوكرانية لوقف تقدم القوات الغازية وتتكبد هي الأخرى خسائر فادحة. ويقول إن الأخبار منطقة دونباس في شرقي أوكرانيا قاتمة، ويخسر الجيش الأوكراني ما بين 60 – 100 جندي في اليوم وجرح حوالي 3.500 جندي في الأسبوع، حسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مما يعني أن العدد الإجمالي لخسائر القوات الأوكرانية التي لم تصل في نيسان/ إبريل الى 3.000 بات أعلى.

وأضاف بارونز أن النصر السهل الذي حققته أوكرانيا في العاصمة كييف وخاركيف ربما سيصبح من الماضي، حيث أصبح خمس الأراضي الأوكرانية تحت سيطرة الروس والجماعات الموالية لهم.

وربما استطاع الرئيس فلاديمير بوتين تحقيق انتصار تكتيكي وإن كان فارغا لأكبر حماقة في السياسة الخارجية يرتكبها. وقبل الحرب كانت قدرة القوات الأوكرانية في دونباس هي 30.000 جندي أما اليوم فقط أصبح معظمهم من المتطوعين بمن فيهم مدرسين وسائقي سيارات، ممن ليست لديهم الخبرة العسكرية وتطوعوا للدفاع عن بيوتهم ومدنهم وليس للقتال في خنادق المعركة.

وهناك تقارير عن تراجع كبير في معنوياتهم، ذلك أن القادة الروس يركزون القصف المدفعي والجوي على مواقع الأوكرانيين. فالقنابل المدفعية التي يبلغ حجمها 152 ميليمترا وتزن 114 طنا تنشر الشظايا على مسافة 3.000 قدم في الثانية وقد تكون قاتلة على مسافة 50 ياردا وأحيانا على مسافة 150 ياردا.

وأي هدف ضربته القذائف الروسية لم يتحرك من هذه التجربة، فلو قامت ستة مدافع بالضرب مرة واحدة فهي قادرة على تغطية مساحة بحجم ملعب كرة قدم وبأثر مدمر على كل واحد ولا يمكن للجسد الإنساني تحمل الشظايا الحديدية. ولا يمكن أن يوفر بيت أو سيارة غير مصفحة الحماية. ويعتبر حس العزلة وعدم اليقين مدمرا حتى للشجعان. ويحفر الجنود الخنادق بأكبر عمق يستطيعون الوصول إليه. ولكنها ليست كافية للحماية، فهناك حاجة لملجأ من الإسمنت أو خندق بعمق 20 قدما محصن بطريقة كافية للحماية. كما أن القصف العشوائي المستمر يجعل من التحرك مخاطرة كبيرة. ولهذا فمحاولة إجلاء الجرحى من ساحة المعركة أو الحصول على تعزيزات وإمدادات يظل خطيرا. ويمكن للجنود المجربين القيام بهذه المهام وبرباطة جأش، وليس المتطوعين الذين غادروا الحياة المدنية قبل أسابيع، وعليهم التعلم بسرعة، تماما مثل “جيش كيتشنر” في عام 1915 عندما وجد المتطوعون فيه أنفسهم تحت النيران في الجبهة الغربية.

ويقول بارونز إن هناك عدة ديناميات في ميدان المعركة، فالأوكرانيون وبشكل تدريجي يتخلون عن الأراضي والموتى على أمل تأكل القوة الروسية وشراء وقت مهم حتى تصل الإمدادات الغربية من الأسلحة الثقيلة والذخائر كي يكونوا قادرين على مواجهة المدفعية الروسية.

ويرى الكاتب أن هناك رابطة مباشرة بين استعداد الجنود الأوكرانيين لمواجهة الآلة العسكرية الروسية واستعداد الدولة الغربية لتزويدهم بالأسلحة الكافية لتغيير وضع غير متكافئ وتقديم تضحيات مهمة. ومثل كل الحروب، فنهايتها هي نتاج عدد من العوامل المجموعة، العزيمة والحظ الذي يظل قائما حتى تكسر فيه عزيمة العدو. ولو تعاملنا مع استعداد الأوكرانيين كأمر واقع، فقد تنتهي هذه الحرب عندما يستسلم الروس أو الغرب. ولكن هل لدى الأوكرانيين القدرات مع الدعم الغربي لطرد الروس إلى الحدود التي جاءوا منها؟ فالانتصار في الحروب لا يحصل إلا من خلال فعل هجومي فعال. وعادة ما يكون الانسحاب الماهر جائزة أفضل من العمل سوى الانتظار والتصبب عرقا والموت. والوضع اليوم يعطينا صورة عما يجب فعله لكي نساعد الأوكرانيين عسكريا لاستعادة بلدهم. وما يهم اليوم هي مدافع بعيدة المدى.

وكان قرار بريطانيا والولايات المتحدة تزويد الأوكرانين براجمات صواريخ بمدى 50 ميلا مهما. وعبرت عدة دول في الناتو عن الشعور بالرضا من المساهمة في تسليح وتدريب الأوكرانيين منذ عام 2014 بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم. وساعدت على بناء جيش قادر ونشط وتكتيكي أكثر من الجيش الروسي الذي يتمسك بالأساليب السوفييتية العتيقة واجتاز الحدود في 24 شباط/ فبراير.

ولو قام الأوكرانيون بهجوم فإنهم سيحصلون على مزايا ضد الروس الذين يعتقدون أنهم قادرون على الصمود أمام المهاجمين، ومع المدافع طويلة المدى، وافتراض أن قواتهم ضعف الأوكرانية ثلاث مرات ومستعدة للدفاع. ولو لم يتم القيام بالهجوم بطريقة جيدة، فعندها ستكون حركة الجيش الأوكراني ومدفعيته في خطر سقوط المزيد من الضحايا، وهو ما يعني حركة نشطة لتقديم المساعدات اللوجستية المستمرة والخدمات الطبية.

وعلى القادة الأوكرانيين الذين يريدون طرد الروس من أراضيهم فهم أن هذه المعركة لا تقتصر على الحرب البرية والجوية بل وكسر الحصار الروسي على شواطئ البحر الأسود، وهو إن لم يكن مهما لمسار الحرب اليوم، فسيكون لملايين الناس في العالم الذين يعتمدون على القمح الأوكراني. والوصول إلى البحر أمر وجودي لأوكرانيا كي يتعافى اقتصادها وتزدهر في المستقبل. ويعني هذا أيضا إعادة بناء البحرية الأوكرانية. ولن يتحقق هذا من خلال المعدات التي تتفوق ما يمكن للروس نشره، فأوكرانيا بحاجة لأعداد كبيرة من الجنود. وهذا العنصران كافيان للانتصار في الحرب بقيادة قوية وتدريب ومساعدات لوجستية وصيانة ودعم طبي يسمح بالمواصلة.

وعليه فالمدافع والذخيرة التي ترسل الآن يجب أن تكون مقدمة لإعادة تنظيم وبناء. فالجيش الأوكراني ليس بحاجة فقط إلى تدريب القيادة ولكن مساعدة في أنظمة القيادة والتحكم والمخابرات والرقابة والاستطلاع والدفاع الجوي والقوة الجوية الهجومية والعربات المصفحة. ولن يقوم الغرب بالقتال نيابة عن الأوكرانيين لكن بدفع ثمن استمرار عزلة روسية وتآكل اقتصادها وصناعتها وسمعتها الدولية.

ويربط الكاتب بين المقاتل الأوكراني على خط القتال والعائلة البريطانية التي تواجه فاتورة عالية للكهرباء، فهما في جهد واحد لإنهاء هذه الحرب وبأسرع وقت. وسيكون الثمن أقل من ترك أوكرانيا لعدوان عسكري على هامش أوروبا، فالتجاهل لن يثير طموحات روسيا التوسعية وسينشر في كل أنحاء العالم المتشرذم اعتقاد أن الغرب لا يدافع عن قيمه. وكان يوم الإنزال في نورماندي في حزيران/ يونيو 1944 نتاج تحضير ثلاثة أعوام، لكن مساعدة أوكرانيا الانتصار بناء على شروطها وبدعم من الغرب سيكون أسهل وأسرع.

(القدس العربي)

التعليقات (0)