صواريخ المقاومة.. هكذا صنعتها غزة

profile
  • clock 30 مايو 2021, 12:01:47 م
  • eye 1602
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

"حتى في أوقات الحرب والعدوان كان رجال التصنيع يعملون بجد، وكنا نطلب منهم أن يذهبوا للراحة فكانوا يرفضون"، هذا ما صرّح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة يحيى السنوار، خلال لقاءه مع عدد من الإعلاميين بغزة، وقد بدا مفاخراً بما وصلت إليه المقاومة إلى خطوات متقدمة في الأداء الكمي والنوعي للقذائف والصواريخ التي يتم تصنيعها محلياً.

رحلة التصنيع

قبل عقدين من الزمان أطلقت كتائب القسام الذراع العسكري لكتائب القسام أول صاروخ محلي الصنع على البلدات المحتلة المحاذية لقطاع غزة أطلقت عليه في حينه اسم "قسام 1"، وكان بادر في تصنيعه الشهيد نضال فرحات الذي قضى في عملية اغتيال مدبرة من خلال طائرة بدون طيار انفجرت به مع ثلة من المجاهدين أثناء محاولتهم تفكيكها.

قصة كتائب القسام في تصنيع الصواريخ وتطويرها كانت تشبه إلى حدٍ كبير قصة النبي نوح الذي لاقى استهزاءً وسخريةً واسعةً من قومه وهو يحاول أن يصنع سفينة في وسط الصحراء ولكنه كان ينتظر وعداً إلهياً، ورغم ما قدّمته حماس من شهداء ودماء وتضحيات كبيرة جداً من خيرة أبنائها قضوا شهداء في عمليات التصنيع إلا أنّ مسيرتها لم تتراجع ولم تتوقف لحظةً واحدة.

ظلّت حماس تستعين بخبرات أبنائها المهندسين واهتدت إلى الاستعانة بخبرات من خارج فلسطين مثل المهندس محمد الزواري الذي اغتالته إسرائيل أيضاً في مسقط رأسه تونس قبل سنوات، والمهندس الأردني من أصل فلسطيني جمعة الطحلة والذي قضى في العدوان الأخير في عملية استهداف ارتقى فيها 5 مهندسين من خبراء التصنيع والتطوير في الكتائب.

لم تكل حماس ولم تمل من محاولاتها في التصنيع حتى لحقت بها بعد سنوات ليست بالطويلة عدد من فصائل المقاومة والتي استفادت من خبرتها التي اكتسبها مهندسوها في هذا المجال، كما تعزز دعم حماس للفصائل الأخرى في مجال التصنيع والتطوير بعد فوزها الساحق الذي حققته في الانتخابات التشريعية عام 2006 حيث استطاعت حماس المزاوجة من بين العمل الحكومي والعسكري، ومن أجل ذلك زادت حدة التضييق والحصار عليها عبر فرض الحصار ومنع كثير من المواد من الدخول للقطاع.

لم تتردد حماس بالاستمرار في مسيرة التصنيع والتطوير العسكري وخاصة في مجال القذائف والصواريخ بعد أنّ دحرت المقاومة الفلسطينية العدو الصهيوني عن قطاع غزة في عام 2005 بعد اشتداد ضربات المقاومة، حتى لاحقته بالصواريخ إلى البلدات الفلسطينية المحتلة التي نزح إليها.

فعملت على جمع الأموال والمواد بجهود مضنية، حتى أنّها أطلقت في بدايات عمليات التصنيع الصاروخية حملة تبرعات علنية كانت الأولى من نوعها في قطاع غزة، الأمر الذي لاقى تكاتفاً وتدافعاً واسعاً من أهالي القطاع لدعم المقاومة بشكل ساهم في تطوير أدائها وتقنيات عملها.

مسيرة التطوير

ظلّت المقاومة تتزعمها كتائب القسام تحفر في الصخر حتى بدت تظهر إبداعاتها في مجال التصنيع والتطوير العسكري مع كل مواجهة تخوضها مع قوات الاحتلال جراء اعتداءها على أبناء الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو القدس أو الضفة والداخل.

ويقول المحلل المختص في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة، إنّ المقاومة الفلسطينية تعتمد منذ نشأتها على التسليح بجهدٍ ذاتي، وهو عنصر نجاح يمنحها مساحة أوسع للتجريب والمناورة وكسب الخبرات في إطار إستراتيجية بناء القوة وتطويرها.

ولم يكن ما كشفت عنه المقاومة الفلسطينية في المواجهة الأخيرة "سيف القدس" والتي استمرت 11 يوماً، هو كل ما بجعبتها بل هي جزء متواضع مما تمتلكه، وهو ما أشار إليه السنوار في خطابه الأخير بقوله: "ما كنا نريده في هذه الجولة فقط توصيل رسالة وهي ليست المعركة الحقيقية بل كانت مناورة أو بروفة تجريبية".

واختصر حديثه بجملة واحدة أنّ الرشقات الأخيرة التي كانت ستضربها المقاومة في اللحظات الأخيرة التي سبقت وقف إطلاق النار المتبادل هي "اكسبير" يقصد أنّ منتهية الصلاحية أو أنّه مضى وقت كبير على تصنيعها وأنّ المقاومة لم تخرج بعد بما هو أحدث منها.

وتتألق المقاومة الفلسطينية بمراحل تطوير أسلحتها حتى كان "العياش 250" آخر ما كشفت عنه المقاومة خلال معركة "سيف القدس" الأخير والذي ضربت به مطار رامون أقصى جنوب فلسطين، وهو ما أربك حسابات الاحتلال.

ووفق أبو زبيدة ؛ فإنّ القلق الذي كان يسجله الاحتلال في الأشهر الأخيرة التي سبقت معركة سيف القدس إزاء التجارب الصاروخية التي كانت تجريها المقاومة تجاه البحر، بات أمراً واقعاً وحقيقياً وملموساً في المعركة الأخيرة.

وأذهلت المقاومة الفلسطينية الاحتلال الصهيوني والعالم، بقدراتها الصاروخية من حيث الأداء الكمي بالكميات التي صنعتها المقاومة والنوعي من حيث القوة التدميرية والرؤوس المتفجرة التي تحملها تلك القذائف الصاروخية محلية الصنع، وهو ما جعل الاحتلال يستجدي التهدئة خلال أيام فقط من بدء المعركة.

الاستثمار الأمثل

وعلّق المحلل السياسي صلاح الدين العواودة، على ما تفيده تصريحات السنوار وأبو عبيدة ومصادر الأخبار عن عمليات التصنيع العسكرية داخل غزة، يقول: "واضح جداً أنّ المقاومة عملت وتعمل بشكل عقلي وعملي وعلمي وتدير إمكانياتها بذكاء وتستثمر مواردها البشرية بشجاعة".

وأشار العواودة هذا ما يمكن الاستدلال عليه ليس بكميات وأنواع الأسلحة التي باتت تمتلكها المقاومة فقط، من صواريخ جديدة وقديمة استخدمت أو لم تستخدم بعد سواء صواريخ أو مضادات أو مسيرات أو غواصات، "لا بل من كفاءات التطوير من أمثال الشهيد البروفيسور الزبدة والشهيد الزواري والطحلة وغيرهم رحمهم الله، عدا عن الكثير مما لا نعلمهم لكن الله يعلمهم ونسأله أن يحفظهم وأن يبارك في جهودهم.

وأكّد المحلل السياسي أنّ المقاومة تتبنى مقولة لا شيء يقف أمام الإرادة، فالإخلاص وصدق النية والتوكل على الله، والمقاومة بذلت كل ما هو مطلوب واستحقت بذلك النصر بمعية الله.

موضوعات قد تهمك:

معاريف : ما هو السيناريو الأخطر الذي تخشاه اسرائيل ؟


عباس كامل يصل فلسطين وتل ابيب اليوم


الدبلوماسي يحيى نجم : تحليل وكشف حساب لانتفاضة القدس المباركة


التعليقات (0)