عبدالعزيز عاشور يكتب : السياسة اللى مليش فيها

profile
  • clock 16 يوليو 2021, 2:14:25 م
  • eye 614
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

فاجأت المصلين يوما بعنوان خطبة لم تكن لتخطر على البال حين قلت لهم بعد الاستهلال أن خطبة الجمعة اليوم عن السياسة ..

كانت الدهشة بادية على وجوه الحاضرين فى ذلك المسجد المزدحم فى أحد أحياء القاهرة الذى لا يمكن وصفه بالشعبى او الراقى وإنما هو بين بين ، 

أهله فى معظمهم زى حالاتى ،،

وكان هناك من الوجوه المعهودة التى تأتى للصلاة فى هذا المسجد لكتابة التقارير عما يقال فى الخطبة فبان البشر على ملامحهم فقد وقعوا على صيد سمين سيمكنهم من تدبيج التقرير الذى قد يثير رؤسائهم ..

وكانت المقولة الرائجة حينها بين السياسيين والحزبيين وكثير من الصحفيين هى تلك المقولة التى سبق وأطلقها الرئيس المؤمن فى سبعينات القرن الماضى حين قال :

لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين ..

فى مقولة رأيتها باطلا يراد به باطل وتحقيقا لمصالح باطلة ..

فالدين والسياسة فى نظرى لا يتعارضان فضلا عن أنهما لا يتناقضان باعتبار أن الدين فى الحياة العامة هو منظومة أخلاقية وسلوكية عمادها العدل والمساواة ومكارم الأخلاق ومن هنا فلم أكن أرى بينهما تعارضا خصوصا وأن صاحب المقولة كما يقال : مقولته مشمومة ، 

فهو الذى سبق قبلها بسنوات أن أطلق الجماعات الدينية من عقالها وأفسح لها كل المجالات السياسية والدعوية والتجارية والاقتصادية عموما وكان هو أول من استخدمهم سياسيا ضد خصومه ..

المهم مش ده موضوعنا ..

خلونا فى السياسة وما قلته عنها آنذاك :

ساس .. يسوس .. فهو سائس او سياسى ..

هكذا بدأت الحديث ..

ولتقريب المفهوم من أذهان الحاضرين الذين تتفاوت معارفهم بين الاستاذ والعامل البسيط ضربت لهم مثالين :

- سائس الجراج أو مرآب السيارات كما يقال ،،

- والرجل فى بيته بين زوجته وأولاده ..

فسائس الجراج مهمته أن يجعل الجراج او المرآب يستوعب أقصى عدد ممكن من سيارات العمارة او سيارات الحى حسب الأحوال ..

ومن ثم لا بد ان يكون مدركا بدقة لمساحة الجراج او المرآب ..

وأن يكون فى ذات الوقت عالما بظروف مواعيد حركة السكان فى الخروج صباحا وفى العودة مساء حتى لا يدخل سيارة الى آخر الجراج فيصعب عليه إخراجها ان كان صاحبها يخرج بها مبكرا عن غيره من أصحاب السيارت التى تحول بين سيارته وبين الخروج ..

وأن يكون قادرا على صف السيارات بلا ارتجال أو عشوائية وبشكل منتظم يجعل المكان مستوعبا لطاقته القصوى حتى لا يضطر لوضع السيارات أمام الجراج فيعرقل المرور ..

وكلما نجح السايس او السائس فى أداء مهمته بالكفاءة المطلوبة قيل عنه أنه سايس ماهر ..

وتلك هى السياسية ..

حسن وكفاءة استخدام الموارد لتلبية أقصى حد من حاجات المجتمع دون إهدار أو تقصير ..

وصنع التوازن بين حاجات كل فئات المجتمع وإقامة العدل بينهم حتى لا يجور القوى على الضعيف وتكثر القلاقل فى المجتمع  بدلا من أن ينعم بالهدوء والاستقرار ..

تبدو الابتسامة على وجوه الحاضرين !!

والرجل فى بيته كلما كان ناجحا فى تلبية طلبات بيته ومحسنا لإدارة شئونه فى حدود قدراته المالية صانعا لتوازن بين احتياجاته واحتياجات زوجته وكل أبنائه محققا مستوى واضحا من الرضا لديهم وكان واضحا عليهم أمام الأهل والجيران ملامح السعادة وواضحا عليه رضاه عن أسرته ونفسه قيل عنه أنه رجل سياسى فى بيته ..

وإن أحاطت به المشاكل الأسرية وذهب شاكيا لكبير عائلته او ناحيته قيل له ببساطة خليك سياسى يا جدع وحاول توازن بين احتياجات الجميع واللى متقدرش تلبى له طلبه فى الفلوس اضحك عليه بكلمتين حلوين ..

وشوية كده وشوية كده المركب تمشى يا ابنى وخليك سياسى ..

يفتر ثغر الجميع عن ابتسامة أكثر اتساعا ووضوحا ..

وتبين نظرة خيبة الأمل عند غيرهم ،،

فبادرتهم قائلا :

أرأيتم هذه الكلمة ( السياسة) التى باتت سيئة السمعة بلا سبب سوى تبرير الفشل وتبرير العجز وسوء السلوك حتى أصبح الناس ينفرون من استخدام الكلمة دون مقتضى ؟؟

أرأيتم أن السياسة الحقة لا يمكن أن تتعارض مع منظومة الأخلاق والسلوك التى دعت اليها رسالات السماء بعيدا عن الأفهام والتأويلات والسلوكيات والأفعال المنحرفة لأتباع الرسالات ؟؟


التعليقات (0)