عبدالعزيز عاشور يكتب : العدالة عند العرب

profile
  • clock 12 يوليو 2021, 11:33:45 م
  • eye 4432
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

فيما سمى بقضية الفتنة فى المملكة الأردنية 

هاجت السلطات على إثر ما قالوا أنها مؤامرة على النظام الملكى الحاكم قادها الأخ غير الشقيق للملك الأمير حمزة بن الحسين ..

وتم القبض على الأمير وبعض ضباط مكتبه ومعه باسم عوض الله رئيس الديوان الملكى السابق والشريف حسن بن زيد ..

ثم توالت الأنباء حتى صدر مرسوم ملكى بالعفو عن الأمير وضباطه وحل الموضوع داخل الأسرة المالكة ،،

لكن لم يكن ثمة عفو عمن قيل أنهم شاركوه وكانوا أدواته فتمت إحالة باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد الى محكمة أمن الدولة وهى نوع من المحاكم تتميز به دول العرب ..

وفى جلسة المحاكمة طلب دفاع المتهمين استدعاء الأمير للشهادة ..

فقط للشهادة !!

متهمون يطلبون الضلع الأول فى المؤامرة المزعومة للشهادة وهو أبسط حقوقهم الا أن المحكمة لم تتخذ قرارها فى الجلسة وإنما قررت التأجيل لجلسة الغد للفصل فى طلب المتهمين !!

ده أمير وأخ غير شقيق لرأس الحكم .. !!

وفى اليوم التالى أعلنت المحكمة قرارها برفض استدعاء الأمير للشهادة واستمرت المحاكمة ..

الأمير اللى هو رأس الفتنة المزعومة لم يسمح حتى بمثوله أمام المحكمة لمجرد الشهادة دونما سبب منطقى او معتبر سوى لأنه أمير ..

تلك الشهادة التى ربما كانت كفيلة بتبرئة المتهمين ،، لكن هيهات ..

وأصدرت المحكمة حكمها على المتهمين الإثنين بالسجن لخمسة عشر عاما لكل منهما ..

والفاعل الأول اللى بنطلق عليه دوما الفاعل الرئيسى خارج الموضوع تماما بل وتم إعفاؤه حتى من الشهادة ..

قد يكون للقضية خلفية سياسية مرتبطة بدولة عربية أخرى ولكن ما يعنينى تسليط الضوء عليه هو العدالة والعدالة دون غيرها ..

ذكرنى الخبر بما كان قد تنامى الى سمعى منذ عقود فى بلد عربى آخر حين نشأ ما يشبه النزاع بين أمير إحدى مناطقها وأحد رجال القبائل وانتهى النزاع بأن أخرج الأمير مسدسه وصوبه لرأس من نازعه فأراده قتيلا ..

رجال القبيلة ظنوا أنهم يعيشون فى كنف البلاد التى يحكم دستورها بشرع الله فشكلوا وفدا ذهب للملك يطالب بالدم والقصاص ..

فقال لهم الملك اطلبوا الدية التى ترضيكم مهما كان قدرها وهى لكم ..

فقالوا بل نريد القصاص وفق الشرع الحنيف ..

فقيل لهم أتريدون رأسا من الأسرة المالكة مقابل رأس من الرعية ؟

وإزاء إصرارهم ما كان لهم الا الإعتقال حتى رضخوا ..

وكأن العرب دون غيرهم هم من خاطبهم الرسول الكريم صلوات الله عليه فى القول الذى روى عنه :

( إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد )

ألا يرى هؤلاء أنهم بإهدارهم للعدالة يذهبون بمجتمعاتهم نحو الهلاك الذى حذر منه النبى الكريم الذى يزعمون الانتساب اليه نسبا ودينا ؟

ومتى نفيق نحن العرب لندرك أن العدالة والمساواة هما الجناحان اللذان يمكن لأى مجتمع أن يحلق بهما نحو المستقبل ويحققوا بهما إنسانيتهم التى أرادها لهم خالقهم ؟

وهل نعيش لنرى عدالة حقيقة فى بلاد العرب يمكن لكل مظلوم وضعيف أن يلوذ بها لحماية نفسه وحقه من تغول أو بطش القوى ؟

أم أن أمنية كهذه باتت من المستحيلات ؟

التعليقات (0)