على حسون يكتب: في لبنان "3 لاءات" باختصار.. و"نعم" بالتفصيل

profile
علي حسون كاتب صحفي
  • clock 12 فبراير 2022, 6:51:09 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بضربة معلم أعلن نجيب ميقاتي إقرار حكومته لموازنة 2022 وقذفها في حضن المجلس النيابي رافعا عن نفسه مسؤولية عرقلة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وفي الوقت عينه سحب شرط الثنائي الشيعي في حصر جلسات الحكومة بالأمور الاقتصادية والمعيشية عبر تمرير بعض التعيينات من خارج جدول الأعمال، محملا التبعات السياسية لرئيس الجمهورية مما حماه من النار التي فتحها رئيس المجلس النيابي عليه وإن كان حزب الله  لم "يبلع الطعم" فأصدر التكليف لنائبه حسن فضل الله لشن هجوم على ميقاتي، على أن الأخير زاد على "غلته" السياسية المزايدة في موضوع الحفاظ على صلاحيات رئيس الوزراء بما يتعلق بتحديد جدول أعمال جلسات الحكومة؛ ولكن هذا الدهاء السياسي لا يمكن صرفه في حلول للأزمات الخانقة التي يعيشها الشعب اللبناني.

بالتوازي شهدت البلاد زيارة المبعوث الأمريكي الى لبنان "آموس هوكشتاين" حاملا اقتراحات بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، كما خرج أمين عام حزب الله حسن نصر الله على اللبنانيين بمقابلة تلفزيونية مع قناة العالم الإيرانية مطلقا مجموعة مواقف أخطر ما فيها الاتهامات المبطنة للجيش اللبناني.

على أنه لا إجابات شافية حتى الساعة فيما يتعلق بمصير الموازنة والاتفاق مع صندوق النقد وترسيم الحدود البحرية والانتخابات النيابية.

اللاءات الثلاث

ترسيم الحدود البحرية؛ صحيح أن "هوكشتاين" لم يفصح عما وضعه على طاولة الرؤساء الثلاث ولكن يمكن التأكيد أن اقتراح تقاسم العائدات المالية مستبعد تماما وهذا ما أكده حسن نصرالله وكذلك نبيه بري، الذي زاد بأنه حتى النقاش بخط "هوف" مرفوض. ومن المعلوم أن دولة الاحتلال لا يمكن أن تسير بالخط 29 أو حتى بالخط 23، على أنها تقبل باقتراح بين خطي "هوف" و 23 وهو ما يهدد حقل "قانا" بالإضافة الى انه يتعارض مع سقف حزب الله الذي حدده باتفاق على أكثر من الخط 23 وأقل من الخط 29 وفقا لما استخلص من كلام أمينه العام الأخير.

وحتى لو سلمنا جدلا بتذليل كل العقبات يبقى "فيتو" الحزب على توقيع لبنان على اتفاق ترسيم مع العدو، وعليه لا ترسيم للحدود البحرية.

إقرار الموازنة في مجلس النواب والاتفاق مع صندوق النقد الدولي؛ ما لبثت جلسة مجلس الوزراء المخصصة لاقرار مشروع الموازنة أن انتهت حتى كرت مسبحة الرافضين لها بالشكل والمضمون، فبعد المواقف التي نقلت استياء نبيه بري وبعض الوزراء من تمرير الموازنة دون التصويت عليها في الحكومة مع صاعق تفجير آخر تمثل بالتعيينات، أعلنت كتلة نواب حركة أمل رفضها للطريقة التي أقرت بها وأن تتضمن أي ضرائب أو رسوم جديدة تطال اللبنانيين وهو الموقف الذي يتجانس مع ما صرح به النائب حسن فضل الله باسم حزب الله معتبرا أن ما جرى بخصوص الموازنة مخالف للدستور واصفا إياه بال"تهريبة"، وبالطبع ستتماهى معهما كتلة "المردة-سليمان فرنجية" واللقاء التشاوري وكذلك النواب المستقلين أضف اليهم استحالة تصويت كتلة القوات اللبنانية لصالح مشروع الموازنة لأسباب انتخابية وأخرى تتعلق بالكيدية السياسية مع عهد ميشال عون، وما تبقى من كتلة المستقبل ستحذو الحذو نفسه لأسباب تتعلق بالرفض الشعبي للمشروع بشكله الحالي.

وهنا يمكن التأكيد على أن الموازنة لن تقر بشكلها الحالي، أقله خلال ولاية هذا المجلس ، وهو ما ينسحب تلقائيا على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لارتباطه الوثيق بإقرار الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي الأمر الذي أكده امس رئيس الوفد المفاوض عن الصندوق "راميريز ريغو" خلال "إعلانه الحذر" الذي يميل الى الايجابية عن انتهاء جولة المفاوضات الحالية مع لبنان.

الانتخابات النيابية

في الوقت الذي أعلنت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان من بيروت دعمها لبيان مجلس الأمن الصادر في 4 شباط/فبراير الجاري الداعي الى ضرورة اجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة في موعدها المقرر يوم 15 أيار/مايو وهو ما يتناغم مع مواقف العواصم الأوروبية وكذلك العربية، لا يخفي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظاته أو استقبالاته تخوفه من سيناريو يُحَضّر لتطيير هذا الاستحقاق الدستوري وهي اتهامات يطلقها بشكل علني "القوات اللبنانية-سمير جعجع" وكذلك الحزب "التقدمي الاشتراكي-وليد جنبلاط" الأمر الذي عبر عنه النائب وائل أبو فاعور بحديثه أمس عن اتفاق بين "التيار الوطني الحر-جبران باسيل" وحزب الله يقضي بتقديم قانون معجل مكرر يتعلق بإعادة انتخابات المغتربين الى الدائرة 16 ومن ثم الدخول في شياطين التفاصيل وصولا الى تأجيل الاستحقاق.

هذه التخوفات تنطلق من أن حزب الله يملك اليوم الأكثرية النيابية ويخشى خسارتها لصالح الفريق المعارض له وخصوصا أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية مع انتهاء ولاية ميشال عون في تشرين الثاني/أكتوبر القادم وبالتالي حاجته للأكثرية لانتخاب رئيس يمثل مصالحه بالإضافة ضرورة امساكه بمفاصل الحكومة وتحديدا في ظل التضييق المتصاعد الذي تمارسه الولايات المتحدة والغرب عليه لتطبيق قرارات الشرعية الدولية وتحديدا رقم 1559 (نزع سلاح الميليشيات) بالتوازي مع اعلان حسن نصرالله نفسه في اطلالته الأخيرة حرفيا: "الانتخابات عنوانها العدوان على المقاومة ونزع سلاح المقاومة ومحاصرة المقاومة"، كما قال في المقابلة نفسها: "إسرائيل تراهن على الانتخابات وهذه كلها أوهام" وفي إجابة عن سؤال آخر: "حضورنا في المجلس النيابي له تأثير على انتخاب الرئيس وتكليف رئيس للحكومة وتشكليها" كما أنه أعلن أن عنوان حملة حزبه الانتخابية هي حماية المقاومة.
ومع التسليم بأن اللاعبين الخارجيين الأساسيين اليوم في لبنان هما واشنطن وطهران، فالثابت أن الأولى تدفع باتجاه  صناديق الاقتراع  أملا في تغيير ميزان القوى في حين أن الثانية حتى الساعة مشكوك في سلوكها وخصوصا مع تراجع أذرعها على الأرض في اليمن وفي السياسة في العراق وسوريا وعدم بلوغ مفاوضات فيينا النهايات المرجوة حتى الآن.

ولكن هناك اعتبارات داخلية أخرى تساهم في الحصول على اجابة واضحة:

١- الأكثرية النيابية لقوى 14 آذار منذ حزيران 2005  وحتى أيار 2018 لم تمكنهم من تشكيل حكومة أغلبية ولا الحفاظ على حكومة سعد الحريري الائتلافية 2009 ولا اعادة تكليف زعيم المستقبل في 2011 كما أنها لم تسمح باستبدال رئيس مجلس النواب نبيه بري

٢- الأكثرية النيابية بحكم الدستور في حال لم تكن ثلثي المجلس لا تملك القدرة على تأمين نصاب انتخاب رئيس للجمهورية وهو الأمر الذي لم يسمح بانتخاب رئيس للبلاد بخلاف رغبة الحزب بعد انتهاء ولاية اميل لحود وهي الاسباب نفسها التي عطلت البلاد سنتين ونصف لحين انتخاب مرشح الحزب ميشال عون

٣- الأكثرية النيابية في ظل سلاح حزب الله لم تتمكن من تغيير مدير أمن المطار أو تفكيك شبكة اتصال حزب الله لا بل كانت شاهدة على احتلال الحزب وحلفاءه للعاصمة بيروت 2008 واكثر من ذلك دخلت مع الحزب في تسوية الدوحة التي ضربت اتفاق الطائف في مقتل

٤- الأكثرية النيابية عجزت عن إلزام الحزب تسليم المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري للعدالة، ولم تمنعه من قتل الشعب السوري ولا من ارسال خلية العبدلي الى الكويت ولا التدخل في حرب اليمن وضرب علاقة لبنان بجواره العربي

وبالتالي فإن الحزب الذي يفضل الحفاظ على الأكثرية النيابية لا يرَ في الانتخابات  تهديدا وجوديا عليه نتيجة استقوائه بالسلاح، كما أنه في المقابل غير مستعد  لإعطاء ذريعة جديدة لتصعيد الضغوط عليه وعلى حلفاءه وتحديدا أنه يملك كل الآليات اللازمة لإبطال فعالية أي أكثرية بإقفال المجلس النيابي كما سبق وفعل عبر حليفه نبيه بري كلما اقتضت الحاجة.

أضف الى أن الحزب هو الفصيل المسلح الوحيد خلال ١٠٠ سنة من عمر لبنان الذي تمكن أن يجمع وان بشكل صوري بين سلاح الميليشيا والشرعية الدستورية المتمثلة في سيطرته على أغلب المقاعد النيابية حاليا ومنصبي رئيس الجمهورية والنواب وأغلبية الوزراء وهو غير مستعجل لخسارة ما حققه عبر الوقوع في فخ تطيير الانتخابات التي ستجري في موعدها دون أي تأخير.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)