عماد الصابر يحقق مذكرات البكباشي جلال ندا " 8 " الثورة علي عتبات القصر

profile
عماد الصابر كاتب صحفي وشاعر مصري
  • clock 23 يوليو 2021, 8:52:21 م
  • eye 858
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

عبد الناصر أجل التنفيذ ليلة واحدة لاستطلاع رأي الإخوان في الموافقة علي قيام حركة الجيش    

نجيب : عندما يؤرخ للثورة بصدق سيقول المؤرخون أن الملكية انتهت بعد انتخابات نادي الضباط  

النحاس رفض مشاركة الوفد في الثورة حتي لا يخسر أوراقه مع الأمريكان باعتبارها مغامرة غير مأمونة العواقب

عدم اكتمال الشكل الهرمي للتنظيم عند وقوع حريق القاهرة كان سببا في عجزه عن الحركة وبالتالي تأجيل تنفيذ الثورة 

الملك أحس بوجود مخطط ضده من الجيش فسارع بتهريب أمواله للخارج وأمر بحملة تحقيقات واسعة لم تصل إلي شيئ

الملحق العسكري الأمريكي أكد لعلي صبري أن واشنطن ستطلب من بريطانيا عدم التدخل ضد الثورة أذا لم تكن شيوعية أو تهدد مصالحهم

أوراق جلال ندا لاتزال تبوح بأسرار لم تنشر من قبل، وفي هذه الحلقة ستكون البداية من نادي الضباط الذي تم حله بقرار ملكي، بعد مؤامرة قام بها العميد حسن حشمت عضو مجلس الإدارة عن سلاح الفرسان بحسب جلال ندا، عندما قدم استقالته مدعيا ان قانون النادي لا يتفق تمام مع النظم العسكرية، ولا يتماشى مع مالها من تقاليد، يجب التمسك بها وعدم الخروج عنها، وقال في النهاية :" لذا ألتمس قبول استقالتي" ، وأرسل صورة منها إلي إدارة الجيش، وهو ما ترتب عليه صدور قرار حل مجلس الإدارة، وتعيين مجلس آخر برئاسة اللواء علي نجيب، وكما قال " ندا" :" قابلت محمد نجيب وعرضت عليه رفع دعوي قضائية أمام مجلس الدولة، ضد قرار الحل باعتباره حقاأصيلا للجمعية العمومية، وكنت الوحيد منهم الموجود بالمعاش، وهو ما جعلني أقول له :لن يستطيعوا عمل شيء معي، فوافق نجيب وقال لي :بس اسأل إذا كان منحق العضو رفع الدعوي أم انها للرئيس فقط، وهو ما تم بالفعل وعلمت انني من حقي رفع الدعوي، فقمت باتخاذ اللازم نحو توكيل محامي هو المرحوم صبري الحكيم، الذي قام بإرسال الإنذار بالفعل، .. بقية القصة سبق أن عرضناها في الحلقة الثانية. 

المهم أن التعامل مع ما قاله جلال ندا دائما يأتي بصدق ما أورده، حيث يذكر عدد من المؤرخين أن لنجيب مقولة شهيرة عن تلك الانتخابات أوردها في مذكراته "كنت رئيسا للجمهورية :" انتخابات نادي الضباط هي الثورة، وعندما يكتب التاريخ الحقيقي لثورة يوليو سوف يقرر المؤرخون، إن الملكية انتهت في مصر بعد انتخابات نادي الضباط، فقبلها كانت اللجنة التنفيذية لتنظيم الضباط الأحرار، تعتقد انه ليس من الممكن القيام بالثورة قبل عام 1955، لقد غيرت الانتخابات عقولنا، وأحستنا بقوتنا وأكدت لنا مدى ضعف الملك ونظامه، قررت أن أرشح نفسي رئيسا لمجلس إدارة النادي، لجس نبض الجيش، واختبار مدى قوة الضباط الأحرار، وتحدي الملك الذي نقلني من سلاح الحدود... وكان اسمي على رأس قائمة الضباط الأحرار...، وكنت كما قال خالد محي الدين بعد ذلك بسنوات طويلة "الأهالي- 26 يوليو 1978" الواجهة التي تتحرك جماعة الضباط الأحرار في إطارها، حتى أتحمل المسئولية تجاه السلطة عن هذه المعركة وعن نتائجها"، وقال خالد:"كانت هذه خطوة شجاعة أكسبت نجيب احترامنا وثقتنا، وفي منتصف الليل، ومع خيوط فجر اليوم الأول من عام 1952م أعلنت النتيجة، وحصلت على أغلبية ساحقة شبه جماعية،وكانت النتيجة صدمة شديدة للملك، وذات تأثير كبير في الحياة السياسية، إذ عمل القصر على حل مجلس إدارة النادي فاستقال نجيب".

واتفق جميع أفراد التنظيم على صرف الجهود إلى تغيير ثوري ايجابي، ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار، التي كانت تطبع وتوزع سرا،ودعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية، بدلا من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام للكف عن تبذير ثروات البلاد، ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين، ..وعند وقوع حريق القاهرة كان عدم تكامل تنظيم الضباط الأحرار سببا في عجزهم عن الحركة،ولم يكن التنظيم الأحرار قد اتخذ شكلا هرميا، متعدد المسئوليات منضبط السرية، ولم يكن له لائحة آو برنامج، كما إن بعض المجموعات لم تكن تواظب على دفع الاشتراكات، ولم يكن نظام الخلايا قد استقر على أسس ثابتة، خاصة في سلاح الطيران..

ومنذ اجتماع اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار مساء يوم الحريق، توالت المنشورات،وتأكد لجميع ضباط الجيش الوجود الفعلي والنشاط الظاهر للضباط الأحرار، وانضمت أعداد كبيرة بحيث أصبح التنظيم قويا وقادرا، على أن يثير اهتمام القوى الداخلية والخارجية، المهتمة باستمرار نفوذها في مصر، وفي هذا الوقت وصلت معلومات إلى التنظيم..،تقول إن الانجليز يريدون التخلص من الملك، الذي أصبح مكشوفا ومكروها من الشعب، ولا يضمن مصالحهم، وانهم طلبوا... اغتياله، كما وصلت معلومات أخرى، عن طريق الملحق العسكري الأمريكي، المتصل بعلي صبري، مدير مخابرات الطيران وقتئذ،أنه في حالة تحرك الجيش المصري، لأي تغيير فان الأمريكان سيطلبون من الانجليز عدم التدخل، إذا كانت هذه الحركة غير شيوعية، ولا تهدد مصالحهم. 

وكما قالت أوراق جلال ندا :" عندما علم الملك بتنظيم الضباط وتحركاتهم ونشاطهم داخل الجيش، خصوصا بعد تحديهم له في انتخابات نادي الضباط، وإصدارهم للبيانات والمنشورات بعد حريق القاهرة، التي تحمل البريطانيين والملك مسئولية ما حدث بعد الحريق، وفيها رفض واضح لاستخدام الجيش، كأداة لقمع الشعب ومظاهراته، قرر الملك القضاء على أولئك الضباط"، والثابت أن التنظيم لم يسع أبدا إلى خلق صلات أو نفوذ جماهيري لا من خلال التحريض بين الجنود، ولا من خلال الارتباط بالحركة الجماهيرية المتصاعدة في الشارع".

وعندما انفجرت المظاهرات في 26 يناير 1952، وازدادت الدلائل على إمكانية التحرك الثوري الواسع للجماهير، كان رد فعل التنظيم هو التخطيط لانقلاب يساند هذه الثورة،ثم يسلم السلطة للوفد، هكذا يقول المؤرخون المنتمون للوفد ، إذ انه عندما استقر رأي الضباط، على التحرك في شهر نوفمبر 1952 حاول الوفد أن يستعين بشباب ضباط الجيش...، وعلى اثر ذلك اتصل الضباط الأحرار، بأحد أقارب مصطفي النحاس باشا، لمحاولة الاتفاق مع الوفد والتعاون معه،فرد النحاس باشا بأنه لايستطيع آن يدخل لعبة الضباط، لأنه لا يريد آن يخسر أوراقه مع الأمريكان، بالإضافة إلي اعتبار الثورة مخاطرة غير مأمونة العواقب.

 بات واضحا أن الضباط قرروا القيام بحركتهم دون الاعتماد علي أي من القوي الأخرى، وهو الأمر الذي كان واضحا في منشوراتهم التي كانت تؤيد جماهير الشعب تأييدا حاسما، والسبب هو علمهم بأن الملك قد قرر اعتقالهم، بعد أن أصبحت منشوراتهم تشكل قلقا لاستقرار نظامه،  ولأنهم كانوا من أبناء الطبقة الوسطى، ومن واقع اجتماعي غير مرتبط بأبناء الطبقة التي كانت في السلطة، ولان معظمهم كانوا يشكلون نوعية خاصة من الضباط، الذين لم تتوقف طموحاتهم عند حدود الجيش، لذلك أعدت الخطة ونفذت خلال خمسة أيام فقط.

كان لموقف الملك من الضباط ونيته الأكيدة في اعتقالهم، والتخلص منهم الدور المشجع على اتخاذهم، الموقف والقرار الحازم والقيام بحركة عسكرية ضده وضد زمرته، خاصة بعد تمكن الجهات الأمنية من كشف أسماء بعضهم، وغالبيتهم في اللجنة التأسيسية، واختيرت ليلة 22 يوليو للقيام بالحركة لمفاجئة الحكومة الجديدة برئاسة احمد نجيب الهلالي، قبل أن يتمكن وزير الحربية الجديد من إصدار التعليمات والأوامر بالتصدي لها، ثم اجل عبد الناصر الموعد ليلة واحدة ليتمكن من استطلاع رأي الإخوان المسلمين في الموافقة على قيام حركة الجيش !.

أحس الملك بوجود مؤامرة ضده في الجيش، لذلك سارع بإرسال الأموال الطائلة للخارج، وبدأ بأجراء تحقيقات بواسطة أجهزة الشرطة والجيش الموالية له، فلم يحصل على شيء منها، وفي 20 يوليو، وبينما تتردد الشائعات بأن الملك يعد العدة لاعتقال بعض ضباط الجيش، اجتمعت اللجنة التنفيذية للتنظيم وأخذت تناقش وتستعرض الموقف،... فقد كانت جميع الظروف مواتية لحركة الانقلاب، وتدخل رئيس الوزراء حسين سري، لإنقاذ الموقف بأن يعين محمد نجيب وزيرا للحربية، بعد ظهور شعبيته، في انتخابات الضباط، فلم يتمكن من ذلك فقدم استقالته، فأختار الملك محمد نجيب الهلالي لتشكيل الوزارة الجديدة في " 22يوليو 1952" واختير إسماعيل شريف الموالي للقصر ليكون وزيرا للحربية، غير إن هذه الوزارة لم تكمل يومين حتى قامت الثورة، وتحرك الجيش بقيادة اللواء محمد نجيب، تطبيقا لخطة محكمة أعدها جمال عبد الناصر بكل دقة،فاستولى الضباط الأحرار على المراكز الحيوية للعاصمة، وقبضوا على أعضاء هيئة أركان حرب الجيش وقبل الفجر،وترأس محمد نجيب اجتماعا للجنة التأسيسية للضباط الأحرار، التي اتخذت لنفسها في هذه الليلة اسم "مجلس الثورة". 

خطة الحركة وتنفيذها

قبل تحرك الضباط الأحرار ليلة 23 يوليو 1952 عقدت الهيئة التأسيسية للتنظيم عدة اجتماعات في منازل قيادات التنظيم، تم خلالها وضع خطة التحرك التي كتب تعديلاتها عبد الناصر بخط يده،وكانت الإخبار قد وصلت إليه بنية القصر القبض على 13 من الضباط المنتمين للتنظيم، والاتجاه لتعيين حسين سري وزيرا للحربية، فأجتمع مجلس القيادة ..لإقرار الخطة التي وضعها زكريا محي الدين بتكليف من عبد الناصر ومعاونه عبد الحكيم عامر حيث تقوم الكتيبة 13 بقيادة احمد شوقي، بالسيطرة على قيادة القوات المسلحة، في سرية كاملة وقرروا أن تكون ساعة الصفر - الساعة الواحدة – ليلة الأربعاء 23 يوليو 1952م واتفق الضباط على أن يكون مركز نشوب الثورة، في منطقة ثكنات الجيش من نهاية شارع العباسية إلى مصر الجديدة واتفقوا على الترتيبات الأخيرة.

غير أن خطأ في إبلاغ يوسف صديق قائد ثان الكتيبة 13 بساعة الصفر، تسبب في نجاح الثورة، حيث تحرك صديق بقواته في الساعة الحادية عشر، واستطاع السيطرة على مجلس قيادة القوات المسلحة في كوبري القبة، واعتقال كل من قابلهم في الطريق من رتبة قائمقام فما أعلي، كما كانت تقتضي الخطة، ومراكز القيادة بالعباسية، والاستيلاء على مبنى الإذاعة والمرافق الحيوية بالقاهرة واعتقال الوزراء.

.. يذكر محمد نجيب في مذكراته :" يوم 22 يوليو كان اليوم الأخير، في عمر نظام الملك فاروق، وأطلق على اسم الحركة اسم كودي هو "نصر"، وكان كل شيء قد تم ترتيبه، وكنت أخشى أن يربك احد ما خططنا، كان يعرف خطة الانقلاب عشرة من أعضاء اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار، أما الباقي فقد حددت له مهام معينة.. تضاعف ارتباكي وقلقي ووصلت حيرتي إلى القمة، وظللت في هذه الحالة إلى أن جاء الفرج"، .."رن التليفون وجاء صوت الصاغ جمال حماد، يهنئني بنجاح المرحلة الأولى... استولى أولادي على القيادة العامة مركز الاتصالات الحيوية، وتحركت المدرعات ودخلت القاهرة، وتجمع الجنود بعرباتهم المدرعة في شارع الخليفة المأمون... أي أن الخطة نفذت تقريبا كما رسمناها. 

ولكن بسبب خيانة احد الضباط، عرف المسئولون عن أمن القيادة خبرا بالحركة فاستعدوا للمقاومة، ولم يكن هناك مفرا من الاستيلاء على المقر بالقوة، فمات اثنان من الجنود وجرح اثنان آخران في القاعدة الجوية بألماظة... وكان أول من استقبلني على مدخل القيادة اليوزباشي إسماعيل فريد، الذي أصبح ياوري الخاص بعد ذلك، وعندما صعدت إلى غرفة رئيس الأركان،فوجدت البكباشي يوسف صديق يتحدث إلى بعض الضباط منهم القائمقام احمد شوقي،والبكباشي جمال عبد الناصر،والبكباشي زكريا محي الدين،والبكباشي عبد المنعم أمين، وقائد أسراب حسن إبراهيم وقائد أسراب عبد اللطيف بغدادي، وقائد جناح علي صبري، وكان البكباشي محمد أنور السادات متمددا في غفوة قصيرة. 

وأضاف نجيب :" للتاريخ اذكر إن يوسف صديق كان أشجع الرجال في تلك الليلة، وكان هو الذي نفذ عملية الاقتحام والسيطرة على مقر القيادة، رغم إن دوره كان حسب الخطة حماية قوات الهجوم والوقوف كصف ثاني وراءها، واستطاع تنظيم الضباط الأحرار تقويض النظام القائم في ساعات معدودة". 

..اعتلت حركة الجيش قيادة السلطة في البلاد، وقدم اللواء نجيب إلى رئيس الوزراء محمد نجيب الهلالي طلبات الجيش، وهي : تكليف السياسي المخضرم علي ماهر بتشكيل وزارة جديدة، وتعيين اللواء محمد نجيب قائدا عاما للجيش، وطرد ستة من حاشية الملك، فرفع رئيس الوزراء هذه الطلبات إلى الملك، فوافق عليها، ثم خلع الملك فاروق بعد أربعة أيام من قيام الثورة ، وغادر الملك وأسرته مصر واتجه إلى ايطاليا، وأعلن احمد فؤاد الثاني ملكا على مصر، تحت إشراف مجلس الوصاية.

ولعل نجاح حركة الضباط الأحرار في القيام بانقلابها الناجح، واستطاعتها السيطرة على الحكم وخلع الملك، رغم انكشاف بعض أفرادها قبل القيام بالحركة، وصغر عدد ورتب الضباط القائمين بها، واقتصارهم على بعض الأسلحة دون غيرها يعود إلى استفادتها من بعض الإمكانات المؤسسية المتاحة لها كتنظيم عسكري، حيث قصرت الحركة أهدافها في تحقيق الانقلاب، على احتلال أهداف عسكرية محددة هي مبنى قيادة الجيش ومعسكرات العباسية والماظه، فضلا عن هدف مدني واحد هو مبنى الإذاعة. 

كما إن استقلال الضباط عن الحركة الحزبية مكنهم من التحرك باسم المؤسسة العسكرية، فاستقطبت بذلك ليلة الثورة قسما من الضباط غير المنضمين إليها، مثل العقيد احمد شوقي الذي انضم قبل قيام الثورة بست ساعات، ثقة منه في اسم محمد نجيب. 

كذلك أفاد في فاعلية التحرك استغلال الضباط وضعهم الوظيفي بالجيش، فجرى التحرك في شكل تعليمات تنفيذية، دون إدراك المأمورين بالهدف وراء ذلك، فمثلا يوسف صديق احد الضباط المشاركين في الثورة اظهر لجنوده أنهم يقومون بعمل خطير لصالح الوطن، ولم يدرك هؤلاء أنهم يقومون بانقلاب عسكري، يستهدف السلطة وخلع الملك، ولعل بعضهم ظن انه يتحرك تنفيذا لأوامر الدولة وليس العكس، يضاف إلى ذلك إن مخططي حركة يوليو حرصوا أن يجذبوا أصحاب الرتب المعتبرة نسبيا لملء الفراغ في القيادة، فجاء اختيار اللواء محمد نجيب ليرأس الحركة ، لما يتمتع به من رتبة عالية وسمعة طيبة في الجيش، كما انه شخصية معروفة للمدنيين.

مجلس قيادة الثورة 

ذكرنا أن تنظيم الضباط الأحرار أصبح اسمه (مجلس الثورة) وفي البداية لم يرغب هذا المجلس بتغيير نظام الحكم وإنما فقط ممارسة الضغط، من اجل تقويم سير عمل الدولة لذلك تقرر إسناد منصب رئيس الوزراء إلى علي ماهر، وتم تعيين محمد نجيب قائدا عاما للقوات المسلحة، حسب ما طلب الضباط الأحرارفي يوم الحركة، ووافق الملك على مضض في اليوم التالي، و كان أصل أعضاء هذا المجلس هم أعضاء الهيئة التأسيسية للتنظيم وهم كل من (محمد نجيب ، جمال عبد الناصر ، محمد أنور السادات ، عبد الحكيم عامر، جمال سالم ، صلاح سالم ، زكريا محي الدين ، حسين الشافعي ، عبد اللطيف البغدادي ، كمال الدين حسين ، حسن إبراهيم) وبعد الثورة والإعلان عن قيام المجلس أضيف إلى هؤلاء الأعضاء ثلاث ضباط شاركوا في حركة الجيش وهم  خالد محي الدين ، يوسف صديق ، عبد المنعم أمين.

ثم أرغم الملك بعد ثلاثة أيام على الموافقة علي تنفيذ ما ورد بالإنذار الموجه من محمد نجيب في 26 يوليو 1952، الذي قضي بمغادرته للأراضي المصرية إلى ايطاليا، و كان الملك مستعدا لمثل هذا اليوم فقام بتهريب أموال طائلة للخارج قبل سقوطه، وحتى عند مغادرته شحنت سفينته بالخزائن المليئة بالتحف النادرة والكنوز،  وكان فاروق قد طلب من مجلس الثورة أن يكون خروجه مشرفا، وان يكتب هو والمجلس قرار التنازل، حتى يحفظ ماء وجهه فوافق المجلس على ذلك.

..في اليوم التالي أعلن محمد نجيب تمسك الدولة بالدستور، كما أعلن إن النظام الملكي لم يلغ  وشكل مجلس وصاية للملك الصغير، وتولى مجلس الثورة حكم مصر إلى جانب مجلس الوصاية الملكي من 1952 إلى 1953، وانفرد بالحكم بعد إلغاء الملكية، وتم إلغاء مجلس الوصاية وإعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953  وأصبح محمد نجيب رئيسا للجمهورية مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء،كما تولى نجيب رئاسة المجلس من عام 1952 إلى 1954،و بعد إعفائه منصبه ، تولى رئاسته جمال عبد الناصر من عام 1954 إلى 1956، ثم بعد حل المجلس بانتهاء الفترة الانتقالية، تم انتخاب جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية بالاستفتاء الشعبي.

التعليقات (0)