عماد توفيق عفانة يكتب: لماذا ... لم يعد العالم يكترث لاستمرار النّكبة الفلسطينية!!

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 10 يونيو 2023, 9:49:26 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لم تعد القضية الفلسطينية تمثل أولوية لدى دول العالم"، هذا ما صرح به الناطق باسم الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة، في اعقاب فشل مؤتمر المانحين للأونروا، الذي عقد في نيويورك الجمعة الماضي، في جمع نحو 800 مليون دولار فقط، من أصل نحو مليار و300 مليون دولار، تطالب الأونروا بتأمينها، لتتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية لنحو ستة ملايين لاجئ في مناطق عملياتها الخمس.

تابعونا عبر واتساب... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

*اخفاق المنظومة السياسية* 
حقيقة تراجع مكانة القضية الفلسطينية على جدول اعمال العالم، يثبته أيضا عدم تنفيذ الأمم المتّحدة ولو قرار واحد من نحو ألف قرار تبنتها المنظمة الأممية.
وهو ما صرح به الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطاب المسكنة والترجي، الذي القاه في الأمم المتحدة، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة فلسطين، يوم 15 مايو/أيّار 2023، متناسبا أن العالم لا يحترم إلا الأقوياء. 
جدير بالذكر ان الخِطاب الفِلسطينيّ الأكاديمي والجماهيري والقانوني والدبلوماسي، فشل حتى في الحصول على اعتذار دوليّ من بريطانيا، الّتي أطلق وزير خارجيتها آرثر بلفور وعد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وللمفارقة يحدث هذا التراجع في مكانة القضية الفلسطينية، بسبب ضعف المؤسسة الرسمية الفلسطينية، في الوقت الذي تتقدم فيه منظمة (BDS) وتحقق نجاحات في انتشار حملة مقاطعة وسحب الاستثمارات من "إسرائيل".
في الوقت الذي لم يحقق فيه حصول فلسطين على عضويّة "دولة مراقب" في الأمم المتّحدة عام 2012، أو دخول فلسطين في منظمات مهمة مثل منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو (عام 2011)، أو عضويّة عشرات المنظّمات الدوليّة، أو اللجوء إلى محكمة الجنايات الدوليّة، أي تقدم للقضية الفلسطينية على جدول أعمال العالم.

*اخفاق للمقاومة*
على الرغم من استمرار المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها ومستوياتها على مدى عشرات السنوات، إلا أن طريقة المقاومة التي لا تضع المساس بالاستثمارات الأجنبية والمصالح الغربية على جدول أعمالها، أخفقت في اقناع الدول الكبرى كالصين والهند على سبيل المثال، في وقف استثماراتها وتعاملاتها الاقتصادية مع الكيان، والتي ارتفعت صّينيا من 40 مليار دولار عام 2000 إلى 200 مليار دولار عام 2022.
وارتفعت هنديا من 200 مليون دولار عام 1992 إلى أكثر من 8 مليارات دولار عام 2022، ويصل الرقم إلى نحو 10 مليارات دولار إذا أضيف له مبيعات السلاح الصهيونية للهند.
في ذات الوقت الذي أخفقت فيه الدبلوماسية الفلسطينية في الحفاظ على ذات المكانة في العلاقة مع الصين، التي كانت في الخمسينيّات والستينيّات مصدراً أساسيًّا لدعم الثورة الفلسطينيّة، عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، فيما كانت الهند تعبّر عن صداقة خاصة مع الفلسطينيّين ودعم حقوقهم.

*اخفاق المنظومة الدبلوماسية*
على الرغم من وجود مكاتب وممثليات وسفارات فلسطينية حول العالم أكثر مما لأمريكا الدولة العظمى، إلا أن الدبلوماسية الفلسطينية أخفقت في منع العدو من استخدام فزاعة اللاساميّة في الحملات على شرعيّة النضال الفلسطينيّ.
الأمر الذي تسبب في تأجيل مساعدات الفلسطينيّين من الاتّحاد الأوروبيّ شهوراً، عام 2022، فيما تواصل جهات أوروبيّة ودول شن حملة على السلطة الفلسطينيّة بسبب المناهج، ففي عام 2020 أوقفت النرويج مثلاً، نصف مساعداتها للفلسطينيّين، بسبب كتب التدريس الفلسطينيّة، بادعاء نشر الكراهية فيها.
فيما أخفقت الدبلوماسية الفلسطينية في اقناع ذات الدّول لدراسة المناهج الصهيونية، التي تفيض بالعنصرية والكراهية.

*اتفاق أوسلو، الكارثة*
سهّل توقيع أصحاب القضية ممثلة بمنظمة التّحرير، اتفاقيات سلام مع العدو، المعروفة باتّفاقيات أوسلو عامي 1993 و1994، سهل اتّجاه كثير من الدول العربية والاجنبية للاعتراف "بإسرائيل"، وبدء علاقات تطبيع علنية معها، وأزّال الحرج السياسي والإنساني عنها، الأمر الذي استغله العدو جيداً، ووقع اتفاقات تطبيع مع كثير من دول العالم العربية والأجنبية، وما زال قطار التطبيع منطلقاً.

*العالم لا يحترم الا الأقوياء*
ارتبط الاعتراف بالحق الفلسطينيّ على الدوام باستمرّار النّضال الفلسطينيّ، والمواجهات والعمليات الفدائيّة في النصف الثاني من السبعينيات، وثلاثة حروب في جنوب لبنان (1978، 1981، 1982)، فكان بيان البندقية (13 يونيو/حزيران 1980)، عندما أقرت المجموعة الأوروبيّة أنّ "التوتر المتنامي الذي يمس هذه المنطقة" يزيد الحاجة إلى حل الصراع العربيّ "الإسرائيليّ"، على أسس منها "الاعتراف بالحقوق المشروع للشعب الفلسطينيّ"، و"إيجاد حلٍّ عادل للقضيّة الفلسطينيّة، والّتي هي ليست مجرّد قضيّة لاجئين".

كما اتسعت جهود التسويّة الدوليّة بعد انتفاضة 1987، وصولاً إلى اتفاقيات أوسلو واخواتها عامي 1993 و1994.
كما استؤنفت هذه الجهود على وقع انتفاضة الأقصى 2000، فكانت خطة الرباعيّة الدوليّة عام 2002، لإقامة دولة فلسطينيّة، لاحتواء الموجة الجديدة.
لكن عندما اختارت منظّمة التّحرير، خطاب الحل الدبلوماسيّ والقانونيّ والمقاومة السلميّة والشعبية بعد العام 2004، وخف التوتر، وتراجعت البندقية، تراجعت معها دول العالم عن إبداء التّضامن المعهود مع الشعب الفلسطينيّ.

*بين السلطة والمقاومة*
نجح العدو في تكبيل السلطة بالالتزامات وأعباء الحكم والسلطة، ودفع الأجور، وتسيير الحياة اليوميّة، ونشوء طبقة من المستفيدين، فسهل على العدو الضغط عليها بتأبيد التنسيق الأمني، والعمل ضد المناضلين والمعارضين، مقابل تأمين التزاماتها المالية، لأنه بات لديها ما تخسره من مزايا الحكم.
وقد حاول العدو جر حركة حماس في غزة الى ذات المربع، وتكبيلها بالتزامات الحكم واغرائها بمزاياه، فكانت انتخابات 2006 التي فازت فيها حماس بأغلبية، وانضمت باعتبارها سلطة أمر واقع في غزّة في اعقاب احداث 2007، التي كانت بمثابة كمين اجباري سقطت فيه، إلا أن ذلك لم يحل دون خوضها مواجهة مسلحة مع العدو في أكثر من خمس جولات كبرى، رغم الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عام، فيما نجحت حماس في تحويل غزة الى قاعدة متينة للمقاومة وظهيرا للمقاومين، يمتد تأثيرها إلى مختلف الساحات الأخرى.

*نحو مظلة وطنية قوية*
وكي تفلح جميع قوى المقاومة في زيادة تأثيرها، وتعظيم وزنها النسبي باعتبارها مرجعية رسمية موثوقة، ربما بات عليها:
العمل بفاعلية وحزم على جمع الكل المقاوم تحت مظلة وطنية
مظلة ذات قرار واحد وبوصلة واحدة
مظلة تكون الممثل الرسمي للجميع امام العالم
وتجنب الدخول في مربع البديل او التنافس على التمثيل 
مظلة تمتلك قرار الحرب والسّلام بكل ما له من تأثير السياسيّ
لأن العالم في الحقيقة لا يحترم إلا الأقوياء.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)