عماد توفيق عفانة يكتب: نحو بقاء جنين خزان ثورة لا ينضب ونموذج يحتذى

profile
  • clock 9 يوليو 2023, 10:27:01 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يشكّل مخيم جنين الذي يعد أحد أكثر المخيّمات فقراً واكتظاظاً بالسكّان في الضفّة الغربية المحتلّة، رمزاً للنضال الفلسطيني ضدّ الاحتلال الصهيوني، الذي ما فتئ يعتبر المخيّم أحد خزانات المقاومة الرئيسة في الضفة المحتلة، والذي خاض الكثير المعارك مع المحتلين، بدءً من الاحتلال البريطاني على يد الشهيد عز الدين القسام، الذي أطلق ثورة على الاحتلال، قبل ان يرتقي برصاص الاحتلال البريطاني عام 1935.

وليس انتهاءً بالاحتلال الصهيوني الذي شن عدوان مدمر على المخيم عام 2002، الذي أطلق عليه العدو اسم "الدرع الواقي" حيث ارتقى في حينه 52 فلسطينياً وقتل 23 جندياً صهيونيا، فيما دمّر في العملية أكثر من 400 منزل، بحسب الأونروا، وشرّد أكثر من ربع سكّان المخيّم، بعد حصار دام لأكثر من شهر وسط قتال عنيف.

وعلى مدار سنوات الاحتلال خاض مناضلو المخيم وفصائل المقاومة العديد من الاشتباكات العنيفة مع قوات الاحتلال، كان اخرها العدوان الذي شنه العدو الصهيوني على المخيم في الثالث من الشهر الجاري يوليو تموز، وأطلق عليه العدو اسم "منزل وحديقة"، وأطلقت عليه المقاومة اسم "بأس جنين"، عدوان شارك فيه حسب العدو ثلاثة آلاف جندي، مدعومين بـ120 آلية عسكرية، وبالطيران المروحي والمسير والانتحاري، والذي نفذ 17 غارة جوية، مستهدفا مخيما تقل مساحته عن نصف كيلومتر مربع فقط، ما أسفر عن ارتقاء نحو 12 شهيد واصابة أكثر من 140 اخرين، 20 منهم وصفت حالتهم بالحرجة، فيما أعلن العدو عن اعتقال 30 فلسطينيا.

وفي الوقت الذي نجحت فيه المقاومة في قتل واصابة العديد من جنود الاحتلال خلال تصديها للعدوان، وإيقاع قوات الاحتلال في كمينين محكمين في حارة الدمج وفي مسجد الأنصار.
الا ان العدو الذي عودنا على عدم الاعتراف بخسائره، اعترف بمقتل جندي واحد فقط، في الوقت الذي فشل فيه في الوصول إلى الحارة التي يتحصّن فيها المقاومون، حارة “جورة الذهب”، كما لم يصل لحارة “الحواشين”.

يقطن المخيم الذي تأسّس عام 1953 لإيواء الفلسطينيين الذين هجّروا من ديارهم إثر “النكبة” التي وقعت في العام 194، أكثر من 23 ألف فلسطيني مسجلين في سجلات الاونروا، إضافة الى لاجئين اخرين غير مسجلين في سجلات الاونروا، في مساحة تناهز 0,43 كيلومتر مربع فقط.

*رمزاً للمقاومة*
المخيم الذي الحق بمدينة جنين القسام، خرجت مناضلين ساروا على خطى القسام، منهم زكريا الزبيدي القائد في كتائب شهداء الأقصى الجناح المسلّح لحركة فتح، المعتقل في سجون الاحتلال، واحد ابطال عملية الفرار من سجن جلبوع العام عام 2021.

كما خرجت جامعة الابطال في المخيم، البطل رعد خازم، حيث تمكن من قتل ثلاثة صهاينة في هجوم مسلّح نفّذه في شارع ديزنغوف في قلب تلّ أبيب العام الماضي 2022.
وتحولت جدران المخيم وأزقته الضيقة، كما جدران مختلف المخيمات الفلسطينية وازقتها، الى لوحة شرف تنتشر على صفحانها صور الابطال والمناضلين والشهداء الذين ارتقوا في معارك الشرف والبطولة.

*اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة*
كما شهد المخيم اغتيال الصحافية الفلسطينية ذات الجنسية الأميركية شيرين أبو عاقلة التي أغتيلت خلال تغطيتها لعدوان صهيوني في 11 من ايار/مايو 2022، على المخيم لحساب قناة الجزيرة التي كانت تعمل بها، ما أثار ردود فعل دولية غاضبة وواسعة.

*نحو مخيم عصي على الانكسار*
لم ينجح العدوان الأخير على مخيم جنين قبل أيام في كسر شوكته او النيل من عزيمته، ومن غير المتوقع ان يتوقف المخيم الذي سجل العدو هذا العام انطلاق أكثر من 50 عملية إطلاق نار من المقاومة فيه عن مواصلة درب المقاومة والنضال حتى التحرير والعودة.
في الوقت الذي يتوحد فيه مقاتلو حماس والجهاد الإسلامي وفتح والشعبية ومختلف القوى الأخرى في خندق المقاومة، فقد باتوا يداً واحدة في مواجهة الاحتلال، متجاوزين الحساسيات والاختلافات الحزبية.

*التوصيات:*
- ينبغي الحفاظ على مخيم جنين كقلعة عصية على الانكسار، وترميزها لتصبح نموذجا يحتذى من بقية المدن والقرى والمخيمات، ما يفرض على قوى المقاومة في جنين خصوصا، وفي الضفة الغربية المحتلة عموماً العمل على:
- الحفاظ على الوحدة الميدانية والتنسيق والتكامل بين مختلف قوى المقاومة في خوض المعارك مع الاحتلال، وصولا الى تجسيد وحدة وطنية حقيقية بين المستويات السياسية مستندة الى الثوابت التي لا يختلف عليها الشعب الفلسطيني.
- القيام بمراجعات مستمرة لجهة استخلاص العبر والاستفادة دروس المعارك مع الاحتلال، لجهة تطوير الخطط والتكتيكات، والحيلولة دون تكبد المقاومة لأثمان باهظة، مع تعظيم الأثمان في صفوف قوات الاحتلال.

يلاء أهمية بالغة بالحواضن الشعبية، لتستمر في تقديم نماذج رائعة في احتضان المقاومة، وتطوير استعدادها المميز في الوقوف إلى جانبها ودعمها وإسنادها ومؤازرتها.
- الاستعداد الفوري والعاجل في كل مدينة ومخيم للمواجهة المقبلة مع الاحتلال، في الوقت الذي تقوم فيه استراتيجية العدو على تكثيف حملاته العدوانية على مختلف المدن والمخيمات التي تشهد حالات مقاومة، لمنعها من التقاط الانفاس، او ترميم مفاصل قوتها، تطبيقا لسياسة جز العشب التي يعتمدها العدو منذ سنوات طويلة.
- تشكيل خلايا تفكير بكيفية الخروج من الحيز الذي يسعى العدو لحشر المقاومة فيه، واشغالها بالدفاع عن القرى والمدن والمخيمات، عوضا عن التفكير في تغيير ميدان المواجهة، ونفل المعركة الى قلب مدن واحياء ومغتصبات العدو، لجهة جني اثمان باهظة من العدو، وافقادهم الشعور بالأمن الجمعي والفردي، وكي وعيهم لثنيهم عن تطبيق خطتهم بالسيطرة على كامل الضفة الغربية تطبيقا لاستراتيجية حسم الصراع.

كلمات دليلية
التعليقات (0)